الحد الأدنى 50% علمى وأدبى.. موعد تنسيق المرحلة الثالثة وانطلاق تسجيل الرغبات    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    نتنياهو يزعم أنه يهدف إلى تحرير قطاع غزة من حماس وليس احتلاله    مندوب الكويت بمجلس الأمن الدولي: قرار إسرائيل باحتلال غزة سيقود المنطقة إلى دوامة من العنف    منتخب ناشئات السلة يفوز على الجزائر في افتتاح مشواره بالبطولة العربية    تعرف على تشكيل فاركو في مواجهة إنبي بالدوري    التصريح بدفن ضحيتي حادث دهس ميكروباص بالشاطبي    مدبولي يوجه بتكثيف جهود سداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول    وزير الثقافة يفتتح فعاليات مبادرة «القوة في شبابنا 2» بحوار مفتوح مع الشباب    توجيهات عاجلة.. تفاصيل أول اجتماع لوزير الصحة مع وكلاء الوزارة الجدد    المشدد 15 سنة لعاملين و3 سنوات لسائق سرقوا هاتفا تحت تهديد السلاح ببنها    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    خبيرة: الموضة الحقيقية هي ما يناسب شخصيتك وجسمك وثقافتك    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الزواج عبر الهاتف: لا ينعقد بدون الأركان الشرعية    أمين الفتوى: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    اندلاع حريق في "كافيه" بقليوب.. تفاصيل    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة 33 للجنة المشتركة المصرية الأردنية    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري للإخوان    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    بعد توجيه السيسي بحل مشكله معاشات ماسبيرو.. "المسلماني": نشكر الرئيس    البورصة تربح 21.3 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    تعثر الأهلي أمام مودرن يعيد التساؤلات.. هل يحتاج تدعيمات وريبيرو الأنسب؟    شاهد.. لحظة تحرك شاحنات المساعدات من مصر إلى قطاع غزة    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    سعر ومواصفات السيارة سوإيست S07 في مصر    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    مصرف أبوظبي الإسلامي مصر يقرر زيادة رأس المال إلى 15 مليار جنيه    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    الأمن يكشف ملابسات فيديو اعتداء أب على نجله وإجباره على دخول شنطة سيارة بالشرقية    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    مهرجان القلعة يعود في دورته ال33.. ليالٍ موسيقية بنكهة عربية وعالمية    إبعاد 6 أشخاص خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام بقرارات من الداخلية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية خلال 2025    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    استطلاع: غالبية الألمان يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطينية    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم باسم.. سباكة تحب لقب الأسطى.. وكلمة السر "ما ينفعش"
نشر في بوابة الأهرام يوم 19 - 10 - 2010

" سوق السلاح يا غالي.." قالتها وهي تقف عند باب ال" ميني باص" القادم من السيدة عائشة مستعدة للنزول.. عدلت الحقيبة الموضوعة علي كتفها وأخرجت من الجيب الخلفي لبنطلونها – الرجالي - جنيها ونصف وضعتهما في يد بائع الطعمية وهي تقول" نهارك أبيض .. "شقتين طعمية سخنة واتوصي بالطرشي والشطة".
اسمها سهام مغازي – 58 عاما- أو "الأسطي أم باسم" كما تحب أن يناديها الناس، وهي أول امرأة تعمل في مجال السباكة في مصر.
الملابس الرجالي، وطريقة مشيتها، وإلقاؤها التحية على جيرانها من أصحاب المحال والمقاهي، وحتى لفها لشال القطن فوق رأسها بطريقة ورثتها عن والدها .. كلها أشياء تتستر بها؛ لتمضي في عالم المهن التي لا تقبل وجود النساء.
" هي اللي اختارتني مش أنا اللي اخترتها".. هكذا تقول عن مهنة السباكة التي بدأتها منذ 6 سنوات تقريبا عن طريق المصادفة، وقتها كانت تبحث عن تعلم التفصيل للحصول على دخل يمكنها من تربية أبنائها، وأشار عليها البعض بمشروع جمعية أغاخان لتعليم المهن والقضاء على البطالة في منطقة الدرب الأحمر.
ذهبت "أم باسم" لتعلم مهنة التفصيل، لكن القدر كان يعد لها مفاجأة من نوع خاص.. ففي الجمعية قالوا إن برنامج تدريب التفصيل سيبدأ بعد عدة شهور وبعد الانتهاء من تدريب السباكة.. ولأنها تربَّت في ورشة والدها لطلاء المعادن، فقد ظنت أن المقصود هو سبك المعادن.
"ما ينفعش انتي ست وكمان كبيرة" .. هكذا رد مسئولي المشروع على طلب "أم باسم" الالتحاق بتدريب السباكة، لكن كلمة "ماينفعش" جعلتها أكثر إصرارًا وحماسًا، حتى تم فتح باب التقدم للسيدات، وبالفعل تقدمت 12 سيدة، وحصلت كل منهن على بدل شهري قدره 300 جنيه، ولكن بعد فترة قصيرة، تركت جميع السيدات التدريب وبقيت وحدها مع الرجال.
عقبة أخرى واجهتها عند بداية التدريب وهي رفض أبنائها - طلبة جامعيين- لمجرد فكرة التدريب، "بنتي الكبيرة فضلت تبكي طول الليل والنهار، وكنت بسمعها وهي بتستنجد بأخواتي علشان يقعدوني من التدريب"، لكنها استطاعت بمساعدة ابن اختها فهم الدراسة النظري.
الصدمة التي تلقاها الجميع كانت حين اضطرَّت" أم باسم" للعودة من التدريب مرتدية "اليونيفورم".. "رجعت البيت وأنا لابسة العفريتة والكازلوك - بوت بلاستيك- وخوذة وجوانتي".
تقول، وهي تستند علي ركبتها لفتح باب دكان صغير ورثته هي وأخواتها السبعة عن والدها بحارة النصاري، " المهنة هي المشروع الوحيد اللي مش محتاج رأس مال.. وعلشان كده دورت على أي مهنة اتعلمها".
حصلت" أم باسم" على دبلوم تجارة عام 1972، ولأنها لا تحب" القعدة من غير شغل"، فقد طلبت من والدها العمل معه في ورشة طلاء المعادن، وأمام إصرارها وافق الوالد بشرط ارتداء ملابس تخفي "مظاهر أنوثتها"، وبعد عام كامل من العمل بين عمال ورشة والدها، تعرف عليها أحد الزبائن" تاجر كبير" وتوسط لها للعمل في بنك مصر.
"نقعت ايدي في الجاز يومين كاملين علشان تنطف قبل ما أروح البنك"، قالتها وهي تنظر إلى يدها وتضحك ثم تقول "البنك كان عيشة تانية خالص فجربت أربي ضوافري وأحط مونكير".
لكن، القدر لم يمهلها كثيرًا، فقد توفي والدها وترك لها 7 أخوة وأخوات وأم ولا عائل لهم سواها ومرتبها الذي لم يكن يتجاوز 12 جنيها ونصف الجنيه، فأخذت بنصيحة بنات عمها وسافرت معهم إلى دولة الكويت.
10 سنوات أمضتها في الكويت كسكرتيرة في شركة للسيارات، وشجعتها صديقاتها هناك لدراسة اللغة الإنجليزية، ثم عادت إلى مصر عام 1989 لعمل مشروع تعيش منه وأبناؤها الثلاثة بعد أن انفصلت عن زوجها.
اشتركت سهام "أم باسم" في مشروع مواد غذائية، لكنها تعرضت لعملية نصب وضاعت أموالها، فاتجهت للعمل كوافيرة، لكنها "ما حبتش شغل الستات وكلامهم الكتير"، ثم مكوجي بالبخار، ثم كانت مهنة السباكة التي استقرت بها غير مبالية بعبارات السخرية التي كانت تسمعها في بداية عملها.
وبمعاونة أحد جيرانها، وله محل للأدوات الصحية بمنطقة باب الخلق، استطاعت العمل.. تقول: "مع الوقت الناس عرفتني وبقى لي زبوني اللي بيسأل عني بالاسم، خصوصا من السيدات التي يعمل أزواجهم طول اليوم ومعندوش وقت يقعد يستني السباك". وعلي الرغم من الإقبال الهائل عليها إلا أنها لم تبالغ يوما في أجرها "مثلما يفعل السباكون الرجال".
بخطوات رشيقة تصعد "أم باسم" درجات سلم إحدي العمارات لتصليح حوض لدى أحد زبائنها في الدور الثامن.. تضحك وهي تتذكر أصعب موقف واجهها خلال عملها سباكة وتقول: "زبونة أول ما فتحت الباب وشافتني واقفة قدامها .. اتريقت عليَّ، وبعدين دخلتني أصلح لها قاعدة التواليت، وبعد ما ركبت كل شيء في مكانه الصحيح، فوجئت بحدوث تسريب للمياه من القاعدة".
تتابع "حاولت تصليحه وفشلت، وواضح أن الزبونة لقتها فرصة لإهانتي وزيادة سخريتها مني. ولأني مصرة أنجح حاولت الاتصال بزملائي بس رفضوا مساعدتي".
ترتسم على وجهها ابتسامة انتصار وتقول "في الآخر اتصلت بواحد من المدربين بتوعنا وعرفت منه مكان الخطأ وقمت على الفور بإصلاحه".
لا تجد الأسطي "أم باسم" صعوبة في مهنتها سوي تكسير الحوائط الخرسانية، وهو ما يجبرها كما تقول على الاستعانة بأحد زملائها الرجال ودون ذلك لا شيء يعيقها في إثبات جدارتها في مهنة كانت حتي وقت قريب مقصورة على الرجال فقط.
لذا.. فهي لا تكتف بما درسته خلال الدورة التدريبية أو من خلال عملها الفعلي في السباكة، لكنها تحرص علي متابعة كل جديد في مجال الأدوات الصحية ومقاساتها، ولا تجد أي عيب في السؤال عما لا تعرفه حتي" لا تبدو يوما مقصرة أمام زبائنها".
تشعر "أم باسم" بالرضا على مسيرتها في الحياة،وتتمنى أن ترى "أولادها أحسن ناس".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.