حذر المشاركون فى ندوة "المرأة المصرية بعد ثورة 25 يناير" من المساس بالمكتسبات التى تحققت للمرأة قبل الثورة، داعين إلى استغلال روح ميدان التحرير الذى وقفت فيه المرأة إلى جانب الرجل فى تحسين أوضاع المرأة المصرية. وعبر المشاركون في الندوة عن قلقهم بشأن أوضاع المرأة بعد الثورة خاصة فى ظل ما وصفوه ببوادر مطالبات بإلغاء "كوتة" المرأة فى البرلمان وتغيير بعض قوانين الأحوال الشخصية، وارتباط الحقوق والمكتسبات التى حصلت عليها المرأة بأشخاص بأعينهم، وذلك بعدما تعالت أصوات تنادى بإلغاء المجلس القومى للمرأة. وشارك فى الندوة - التى عقدت مساء أمس الإثنين وترأستها الدكتورة هدى بدران رئيس رابطة المرأة العربية - السفيرة نائلة جبر، مساعد وزير الخارجية والرئيس السابق للجنة الدولية لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والدكتورة عواطف عبدالرحمن ،الاستاذة بكلية الاعلام جامعة القاهرة، والدكتور نور فرحات، الاستاذ بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، بالإضافة إلى عدد كبير من المهتمين بشأن المرأة ومنظمات المجتمع المدنى وعدد من الشخصيات العامة منهم الدكتورة ميرفت التلاوى، وزيرة الشئون الاجتماعية السابقة. وقالت بدران إنه تلاحظ ظهور بوادر غير مبشرة بوضع أفضل للمرأة المصرية بعد ثورة 25 يناير، والتاريخ يسجل لنا تراجع أوضاع المرأة عامة بعد الثورات فى الوقت الذى تقف بجوار الرجل وتشارك فى الثورات وتدعمها بشكل لا يقل إطلاقا عن دور الرجل، واتضح ذلك فى الثورة الإيرانية لإسقاط الشاه والثورة الفرنسية والثورات الحديثة مثل الثورة التونسية والمصرية. وأضافت أن المجلس العسكرى لم يضم حتى سيدة واحدة للجنة التعديلات الدستورية، كما لاحظت رابطة المرأة العربية وجود تكتلات لبعض الرجال تنادى بتعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية لصالح تقليص حقوق المرأة، بالإضافة إلى رصد مطالبات تنادى بإلغاء "كوتة" المرأة فى البرلمان.. وتساءلت بدران: كيف نحرم المجتمع من الاستفادة من الخبرات والإمكانيات التى تمتلكها المرأة، وهل تتقدم الأمم بثوراتها أم تعود للخلف ؟. من جانبها، قالت الدكتورة عواطف عبدالرحمن الاستاذة بكلية الاعلام جامعة القاهرة إن الخبرة التاريخية تقول إن النساء هن أكثر الفئات التى لا تجنى ثمار الثورة، ولا ينبغى التسليم بهذه المقولة فالنساء لسن وقود الثورات والمرأة وقفت بجانب الرجل كمواطن مثله. وأضافت أن مؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى مجال المرأة تحكمها أجندتان واحدة أجنبية وأخرى محلية، الاجنبية وأولوياتها قضايا مثل الأسرة المثالية ومكافحة الختان، وأجندة محلية أولوياتها مكافحة الفقر وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطنين وهى التى تناسب المجتمع المصرى ولكن للأسف بعض المنظمات التى تتلقى تمويلا خارجيا تتبنى قضايا ألاجندة الأجنبية وهى لا تصلح للمجتمع المصرى. وقالت إن صورة المرأة فى المجتمع المصرى تحكمها أربعة تيارات، الأول التيار السلفى والذى يفسر النصوص الدينية وفق أهوائه وهو نابع من الثقافة الذكورية، والثانى التيار التحررى الاجتماعى ويمثله رفاعه الطهطاوى وقاسم أمين فى مصر وعبدالرحمن الكواكبى فى سوريا والذين تنبهوا إلى أهمية إخراج النصف المعطل وهو المرأة ومشاركته فى المجتمع. وأوضحت أن التيار الثالث هو الوافد أو المتغرب وفيه يعزل قضية المرأة خارج إطار حركة المجتمع، والتيار الرابع والأخير هو التيار العولمى وهو الأكثر خطورة ومعه السلفى، ويرى اتباعه الاستفادة من مفهوم التيار السلفى باستخدام المرأة كعنصر استهلاكى ويستفيد أيضا من قوة العمل النسائية غير المؤمن عليها. وأكدت الدكتورة ميرفت التلاوى، وزيرة الشئون الاجتماعية السابقة أن المجالس الحقوقية التى أنشأتها مصر ليست هبة من النظام أو منحة من أشخاص فيه بل إن ذلك يأتى فى إطار توقيع مصر على اتفاقيات دولية وليس من المنطقى أن نطالب بإلغاء مؤسسات لمجرد أنها كانت فى نظام سابق، بل يجب أن نحافظ على هذه المؤسسات، ونتجاوز هذه المرحلة وننظر إلى قضايا أخطر، لدينا انفلات فى الناحية الاجتماعية أسفر عن مليونى طفل فى الشارع، ولا ينبغى علينا إلقاء اللوم فقط على المؤسسات الحكومية نحن الأفراد علينا عبء ثقيل. من جهته، أكد باسم الهوارى، عضو ائتلاف شباب الثورة أن المرأة شاركت فى ثورة 25 يناير بشكل لا يقل عن أى رجل بل على العكس أنها كانت تتفوق أحيانا فى أمور كثيرة عن الرجال، واحيانا كانت تتقدم المسيرات والاشتباك مع جنود الأمن المركزى مما كان له أكبر الأثر فى تشجيع الشباب على الاقدام. وأضاف: أننا فى ميدان التحرير لم ننظر قط للمرأة من جانب أنها أنثى بل هى مواطن مثلى وله حقوق خرج ليطالب بها، وأنه فى ظل ما أحدثته ثورة 25 يناير فإن الأمل يظل موجودا بإزالة الفوارق التى وضعتها الثقافة البالية بين الرجل والمرأة، مطالبا المنظمات العاملة فى مجال حقوق المرأة بالكف عن استخدام أسلوب المحاضرات والندوات للدفاع عنها بل لابد من تسليط الضوء على النماذج الناجحة من السيدات وتقديمها للمجتمع فى هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر. وقالت سارة رمضان -طالبة 20 عاما، عضو ائتلاف شباب الثورة - إن مشكلة التمييز بين الرجل والمرأة تبدأ من الأسرة التى تربى البنت على أنها أقل من الولد ويجب أن تلصق به ليحميها ويدافع عنها وينفق عليها، ولابد بعد الثورة أن يبادر كل طرف مظلوم وليس المرأة فقط بانتزاع حقوقه انتزاعا، فلا مجال للكلام او المحاضرات.. وطالبت بضرورة استغلال روح ميدان التحرير الذى وقفت فيه المرأة إلى جانب الرجل فى تحسين أوضاع المرأة.