صدر اليوم الأربعاء تقرير عن "الأونروا" وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي والمركز السوري لبحوث السياسيات، عن الصراع الدائر فى سوريا وتأثيره على الاقتصاد. وذكر التقرير الذى حصلت "بوابة الأهرام" على نسخة منه، أن ذلك التأثير قد خلق اقتصاديات عنف تتنكر لحقوق الإنسان والحريات المدنية وحقوق الفقراء وسيادة القانون، مع صعود نخب سياسية واقتصادية جديدة تستخدم الشبكات الوطنية والدولية للمتاجرة غير المشروعة بالسلاح والسلع والناس، مع الانخراط فى كثير من الأحيان فى أعمال السلب والسرقة والاختطاف واستغلال المساعدات الإنسانية، وهذه التشكيلة المؤسسية توفر الحافز لاستدامة الصراع. وقال ألكس بولوك، مدير برنامج التمويل الصغير في الأونروا: "تبتلى سوريا الآن بغياب فرص العمل وتعمها البطالة. فمنذ أن بدأ النزاع، انضم 2.67 مليون شخص إلى صفوف البطالة، مما يعني أن 11 مليون شخص من المعالين قد فقدوا سبل الدعم المالي الأساسية. علاوة على ذلك، أن تضخم الأسعار المنفلت يعصر الأسر التي تعاني من تنامي حدة البطالة والفقر واليأس". فيما أشار ربيع ناصر، الباحث في المركز السوري لبحوث السياسات في دمشق: "تبدو الأرقام صاعقة. فحتى نهاية سنة 2013، بلغ إجمالي الخسارة الاقتصادية منذ بدء النزاع ما يقدر بحوالي 143.8 مليار دولار أمريكي. وتقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 38.2 بالمائة في الربع الثالث من سنة 2013 وبنسبة 37.8 بالمائة في الربع الرابع من السنة ذاتها بالمقارنة مع الربعين المماثلين من سنة 2012. إن عواقب ذلك بالنسبة لمنظمة للتنمية الإنسانية كالأونروا مأساوية وباهظة". وفقًا لما جاء في التقرير "هدر الإنسانية"، الذي يغطي الربعين الأخيرين من السنة الماضية، "واصل الدين العام تصاعده في النصف الثاني من سنة 2013، حيث قامت الحكومة باستيراد النفط والسلع الأساسية من أجل تخفيف النواقص في الأسواق المحلية وتدعيم السلع الأساسية. وحسب نهاية فترة التقرير، بلغ الدين العام 126 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن فيما أنه لا يزال إلى حد كبير مستمدًا من الدين المحلي، فإن حصة متزايدة منه تتكون من الاقتراض من الخارج، ولا سيما من إيران". ورأى سامي مشعشع، الناطق الرسمي باسم الأونروا أن "التأثيرات الاجتماعية والخسائر التي يتحملها الأفراد لا يمكن حسابها. فكما يشير التقرير، إن الصراع يهدر الإنسانية من خلال العنف والخوف والدمار الذي يسبب أذىً اجتماعيًا-اقتصاديًا متعدد الأبعاد يطال كل جوانب حياة الناس وسبل رزقهم وبيئتهم السكنية، بشكل لم يخرج منه سالمًا سوى القليل من الأسر السورية". كان ثلاثة أرباع السوريين يعيشون في فقر حسب نهاية سنة 2013، وأكثر من نصف السكان (54.3 بالمائة) يعيشون في فقر شديد، غير قادرين سوى على تأمين أبسط الاحتياجات الغذائية وغير الغذائية اللازمة لبقاء أسرهم على قيد الحياة. ويعيش حوالي 20 بالمائة من السكان في فقر مدقع، حيث بالكاد يملكون الوسائل لتلبية أبسط احتياجاتهم الغذائية، فيما أن فئات الفقر المدقع في مناطق الصراع والمناطق المحاصرة يواجهون نقص الغذاء وسوء التغذية والمجاعة. وطبقًا لتقرير "الأونروا" تراجعت التنمية الإنسانية في سوريا خلال الصراع بما يعادل أكثر من أربعة عقود. وانخفض مؤشر التنمية الإنسانية إلى 0.472، مما يعني هبوط سوريا من مصاف الدول في فئة "التنمية الإنسانية المتوسطة" إلى فئة "التنمية الإنسانية المنخفضة"، وذلك بالأساس نتيجة ضعف الأداء في التعليم والصحة وإدرار الدخل. وذكر التقرير، أن التعليم يترنح في وضع يشهد حرمان أكثر من نصف الأطفال في سن المدرسة (51.8 بالمائة) من الانتظام في المدارس. بل بلغت هذه النسبة 90 بالمائة في الرقة وحلب ووصلت إلى 68 بالمائة في ريف دمشق. وحسب نهاية سنة 2013، أصبحت 4,000 مدرسة خارج الخدمة، إما بسبب تدميرها أو إصابتها بأضرار أو بسبب استضافة المهجرين داخليًا فيها. وأشار التقرير أيضًا إلى أن نظام الرعاية الصحية قد تعرض للخطر من خلال الأضرار والدمار الذي لحق بالمرافق الطبية والبنية التحتية للرعاية الصحية، وهجرة المهنيين الصحيين، ومقتل وإصابة الطواقم الطبية، وانهيار الصناعة الصيدلانية. وقد تضرر حوالي 61 مستشفىً عامًا من مجموع 91، وأصبح نصفها تقريبًا (45 بالمائة) خارج الخدمة. هذا إلى جانب تضرر 53 مستشفى خاصًا.