رأت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، اليوم الأحد، أن ليبيا تتجه نحو التفكك وتقترب من حرب أهلية شاملة، في حين تنتظر القوى الغربية لاقتناص الفرصة. ووصف مقال رأي للكاتب الصحفي الشهير باتريك كوكبرن نشر اليوم على الموقع الإلكتروني للصحيفة، ما سماه ب"انقلاب" الجنرال المنشق خليفة حفتر ب"البطيء"، وقال إنه "أجهز بالفعل على كل ما تبقى من الثورة الليبية التي اندلعت عام 2011 وقضت على نظام العقيد الراحل معمر القذافي بمساعدة من قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو)" على حد قوله. وأضاف أن "الهجمات المفاجئة التي شنها حفتر في مدينتي بنغازي وطرابلس أظهرت أنه تمكن بالفعل من حشد دعم شعبي يفوق أي دعم أعطاه إياه أفراد بداخل المؤسسة العسكرية أو الميليشيات المسلحة; إلي حد أنه استطاع نشر مروحيات عسكرية وطائرات ضد مواقع خصومه". وأضاف أن "كم الدعم الأجنبي الذي يتمتع به حفتر حاليا لا يزال غامضا وغير مؤكد".. وتساءل "عما إذا كانت الأطراف المتناحرة في ليبيا ستسقط في أتون حرب أهلية، كما هو الحال في سوريا؟ أم أنها ستقترب من النموذج المصري, حيث محاربة الإخوان؟"، ثم قال إن "الوضع الراهن هناك يحمل في طياته كلا السيناريوهين ولكن مع وجود اختلافات حاسمة تتمثل في حقيقة أن السلطة هناك تعاني حالة ضعف وتفتت شديدين منذ سقوط القذافي، في وقت لم تنجح فيه المعارضة أبدا في ملء هذا الفراغ". وأشار إلى أن السلطة هناك تقع بشكل كبير في أيدي الميليشيات المتناحرة، والتي تتمركز أقواها في مدينتي الزنتان ومصراته ويقدر مقاتلوها بنحو 250 ألف شخص، حارب منهم 30 ألف شخص على الأكثر ضد القذافي. وتابع أن "هناك العديد من مراكز القوة في ليبيا ومنها: البرلمان الإسلامي, والذي بات مهزوزا في أعقاب إرجاء الانتخابات الجديدة بهدف إطالة عمره لا سيما بعد الهجوم الذي تعرض له من جانب قوات حفتر, وحكومة مفككة تحاول استرضاء الميليشيات نظرا لعجزها على مواجهتها, والجماعات الإسلامية والجماعات المتطرفة, وكيانات الفيدرالية وأخرى معادية للفيدرالية, ثم فلول ومنتفعي عهد القذافي". وقال إن "نفور العديد من اللاعبين في السياسة الليبية من بعضهم البعض تسبب في انتشار الفوضى, فيما يعني تنوعهم هذا أن ما من أحد ظهر حتى الآن وأثبت قدرته على مواصلة القتال حتى النهاية إلا لو أكد حفتر عكس ذلك", على حد قوله. ولفت كوكبرن إلى انضمام كتيبتي الصواعق والقعقاع إلى قوات حفتر ودورها في الهجوم على البرلمان بالأسبوع الماضي, بينما دعا رئيس البرلمان عناصر "درع ليبيا" في مصراته للدفاع عن البرلمان وإرسال المقاتلين إلى العاصمة, ولكن الحكومة حثت جميع الأطراف على مغادرة طرابلس. ورصد الكاتب انتشار حالة الاستقطاب في عموم البلاد, ولكنه تنبأ بقرب انتهائها, وقال إنه "رغم انتشار شعبية حفتر إلا أنها قابلة للسقوط, فرغم حقيقة خروج آلاف المتظاهرين في شوارع ليبيا أمس الأول تأييدا له ورفضا لميليشيات المتطرفين, إلا أن هناك مشكلة تتجلى حتى مع إمكانياته في الاستفادة من الاستياء الجماهيري من الميليشيات والعمل على إعادة هيكلة جهاز الشرطة والجيش, وهي أن جيش ليبيا الوطنى التابع له لا يعدو سوى ميليشيا مسلحة", على حد وصفه. وشبه كوكبرن الوضع الراهن في ليبيا بما كان في لبنان; مع تعدد مراكز القوة به وعدم وجود كيان مركزي قوي, وفي حالة ليبيا, كما هو الحال في لبنان خلال الحرب الأهلية, فإن من المحتمل أن يكسر التدخل الأجنبي الجمود ويحدد سرعة واتجاه الأحداث كما فعل في عام 2011.. ومن المحتمل أن يعجل التدخل الأجنبي باندلاع حرب أهلية أو يحول دون اندلاعها. وأضاف "في ليبيا, وكما هو الحال في الدول الأخرى فيما يسمى بالربيع العربي, تبخرت الآمال في غد أفضل على مدى السنوات الثلاث الماضية.. وفي العالم الخارجي, سوف يصاب بخيبة الأمل والإحباط من يؤمن ويصدق تقارير وسائل الإعلام الأجنبية بأن ثورة الشعب الليبي عام 2011 كانت في الأساس ثورة علمانية وديمقراطية". وتابع أن "الواقع يؤكد أن الثورة الليبية مختلفة تماما عن الطريقة التي بدت عليها, حيث كانت ثورات الربيع العربي مزيجا من الثورة والثورة المضادة والتدخل الأجنبي", على حد قوله.