من جديد تعود أزمات تجسيد شخصيات الأنبياء في الأعمال الفنية، فالمؤسسات الدينية تتمسك بموقفها من التحريم، في حين ترفض الجبهات الفنية بما فيها من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية المبدأ، وتتمسك بفكرة العرض وهى الواقعة التى حدثت مؤخرًا مع فيلم "نوح" الأمريكى. وهو الفيلم الذى أعلن الأزهر الشريف في بيان له، استنكاره لتجسيد شخصية الأنبياء في إشارة لرفضهم عرض الفيلم. الفيلم يجسد شخصية النبي نوح، ويقوم ببطولته الفنان راسل كرو، وإيما واتسون، وأثار العمل قبل بدأ عرضه في مصر، جدلاً كبيرًا من قبل الأزهر الشريف ورجال الدين حتى وصل الأمر إلى حظر ثلاثة دول عربية عرضه وهى قطر، والبحرين، والإمارات، اقتداءً بما أصدرته المؤسسة العريقة "الأزهر" من فتوى. الفنان نور الشريف، واحد من الفنانين القلائل الذين حاربوا سنوات طويلة من أجل تقديم شخصية سيدنا "الحسين على الشاشة" إلا أنه واجه اعتراضات كثيرة، أعرب عن رأيه في مسألة عرض فيلم "نوح" في مصر، حيث أكد أن الحكم على العمل بإبداء رأي فيه قبل مشاهدته هو أمر صعب للغاية. وأضاف الشريف في تصريحات ل "بوابة الأهرام": شخصية سيدنا نوح، بها بعض الجوانب التى من الممكن أن تحدث التباساً لدى المشاهد، وهنا أقدر موقف الأزهر في اعتراضه على عرض الفيلم، ولكن على الجانب الآخر علينا أن نفهم أننا نقدم فيلم وليس وجهة نظر، وأتذكر أن فيلم "الإغواءات الأخيرة للسيد المسيح" للمخرج الكبير مارتن سكورسيزي، والذي حمل الكثير من التجاوزات قد شهد اعتراضات كثيرة لكنه في النهاية لم يمنع عرضه. وأوضح الشريف، أنه من الأفضل أن يري رجال الأزهر الفيلم أولاً، حيث سيكون هناك وجهة نظر تظهر للعالم كيفية تقديم شخصيات الأنبياء. "لن نحذف مشهد واحد من نوح" هكذا أكد عبد الستار فتحي، رئيس الرقابة على الأفلام بجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، حيث أوضح أنه شاهد الفيلم كاملاً ولم يجد به أي تشويه لشخصية سيدنا نوح، وأنه في حال عرض الفيلم، لن يحذف أية مشاهد منه. وأشار فتحى، إلى أنه يحاول مع الدكتور أحمد عواض رئيس الرقابة، أن يصلوا لصيغة نهائية لعرض الفيلم وقال: مع احترامي الكامل لمؤسسة الأزهر العريقة لكننا في النهاية نتحدث عن فن، ورفض الأزهر يتعلق بفكرة تجسيد شخص للنبي. وبسؤال الناقد طارق الشناوى حول عدم اعتراض الأزهر على المسلسلات الإيرانية التى جسدت عدد من الشخصيات كسيدنا عيسي، ومريم العذراء وتم عرضها على قنوات مصرية، قال: لن يسيطر الأزهر على الفضائيات ولكن جهاز الرقابة يستطيع فقط منع الأفلام في دور العرض، والمشكلة تكمن في أننا يجب أن يعيد الأزهر نظرته في قواعد التحريم المطلقة التى يعرفها، ولم ينعم في التفكير فيها من جديد. واستكمل الشناوي: سبق ورفض الأزهر تجسيد شخصية الفاروق لأنه يتعارض مع رؤيته في تجسيد شخصيات الخلفاء الراشدين، لكن رغم ذك حقق العمل مشاهدة بالملايين، واتصور أنهم أحبوه بعد رؤية المسلسل، وهو ما يعنى أن العمل له دور إيجابي. وأوضح الشناوي أن الأزهر نوايا طيبة للغاية لكنهم غير قادرين أن يستوعبوا فكرة أن شخص يجسد حياة نبي لكونه من الممكن أن يقبض عليه في وقت لاحق في قضية دعارة على سبيل المثال لكن المشاهد أصبح على وعى أن ذلك مجرد تمثيل، والحقيقة أن موقف الأزهر تجاوزه العالم الإسلامي وهنا نطالب المؤسسة العريقة أن تعيد النظر في قواعدها التى برمت عليها منذ عقود هذا بالإضافة إلى أن هناك شرائع وأديان آخرى تبيح تجسيد الأنبياء كما في المسيحية واليهودية. جدير بالذكر أن "بوابة الأهرام" حاولت الاتصال كثيرًا بالدكتور أحمد عواض، رئيس الرقابة لمعرفة قراره النهائي في مسألة عرض فيلم "نوح" الذى شاهده بالأمس، إلا أنه لم يمكنا الوصول إليه في الوقت الراهن.