شهدت مكتبة الإسكندرية، اليوم الأحد، افتتاح اللقاء السنوي للمفكرين والمثقفين الذي تحرص المكتبة على عقده لمناقشة قضايا العمل الثقافي، والمشروعات التي تقوم بها المكتبة، وخطط العمل المستقبلي. يأتي هذا اللقاء انطلاقًا من إيمان عميق من جانب المكتبة، بأهمية دور المثقفين في تحديث المجتمع، وتدعيم الحوار البنَّاء حول دورهم في عملية إعادة بناء الدولة والمجتمع في الوقت الراهن، وإبداء الرأي بشأن التصورات والمبادرات الثقافية. افتتح اللقاء الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، حيث حضر عدد كبير من المثقفين والمفكرين الذين أثروا اللقاء بمناقشات استمرت على مدار يومين ومنهم: الدكتور حسن نافعة والدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور محمد نور فرحات والدكتور ناجح ابراهيم والدكتور صلاح عبد المعبود والأستاذة نوال مصطفى والدكتورة آمنة نصير والأستاذ ياسر عبد العزيز والدكتور سمير فريد والدكتور هشام الشريف والدكتورة لطيفة سالم والدكتور عماد أبو غازي والدكتور سليمان عبد المنعم. بدأ الدكتور إسماعيل سراج الدين حديثه بالتطرق إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد منذ ثورة 25 يناير وأكد على أن المكتبة مؤسسة قومية وأن المؤسسات القومية لا تتلون ولا تتغير مع تغير النظام السياسي الحاكم. وأضاف أن الشباب المصري قد أدرك ذلك منذ اليوم الأول في الثورة، فقد كانوا يرفعون الشعارات الاحتجاجية وفي نفس الوقت يقومون بحماية المكتبة من أي اعتداء عليها، فلم يستهدف أي طرف المكتبة إلى الآن بالرغم من إصابة زجاجها الأمامي في بعض الاحتجاجات الأخيرة ولكن بشكل عارض وغير مقصود. وبالنسبة لنشاط المكتبة في الفترة الأخيرة، أشار سراج الدين إلى أنه قد حدثت سرعة كبيرة في إنتاج الكتب، كما تم ضم حوالي 130 ألف رسالة جامعية يتم عمل الرقمنة لها حاليا لسهولة الرجوع إليها، و إضافة أرشيف الرئيس الأسبق محمد نجيب إلى قائمة أرشيف الرؤساء، ليصبح لدى مكتبة الإسكندرية أرشيف الرؤساء؛ محمد نجيب، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات. ولفت إلى أن مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية قد وافق على إنشاء عدد من المراكز الجديدة؛ منها: مركز دراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر، ومركز الدراسات القبطية، ومركز الدراسات البيئية. وأضاف أن المكتبة قد تعاقدت بمشروع (VIAF) مع مكتبة الكونجرس، وتعد مكتبة الإسكندرية المكتبة الوحيدة في العالم العربي التي يقبل المشروع منها أعمال، وأوضح أن المكتبة تساهم بشكل فعال في تزويد المحتوي العربي لموقع موسوعة الحياة Encyclopedia of life، والعديد من المواقع الأخرى. وأشار إلى حصول المكتبة على عدة جوائز؛ منها جائزة مؤسسة "كالوست جولبنكيان"، في لشبونة بالبرتغال؛ وهي جائزة تُمنح سنويًا لشخص أو مؤسسة قدمت إسهامات متميزة في تدعيم مبادئ احترام الاختلاف والتعددية، ونشر ثقافة التسامح، وغيرها من القيم الإنسانية. وأوضح سراج الدين أنه قد تم عقد أكبر ثاني اتفاقية في تاريخ الكتب؛ حيث تم نقل مجموعة مكتبة الملكي للدراسات الإستوائية بأمستردام (هولندا)، والتي تُقدر بحوالي أربعمائة ألف كتاب وعشرين ألف دورية - إلى مكتبة الإسكندرية. وأكد أن المكتبة تحتوي حاليًا على أكثر من 2 مليون كتاب، وأكثر من 70 ألف دورية. جدير بالذكر أن هذا اللقاء قد شكل في السابق مناسبة مهمة تلاقى فيها المثقفون من كافة الأجيال، والاتجاهات الفكرية، من أجل تبادل وجهات النظر، وتقييم الحالة الثقافية في العام المنقضي، وطرح الرؤى بشأن المستقبل في أجواء من الصراحة، والحوار البنَّاء، والاحترام المتبادل. وتلتزم مكتبة الإسكندرية، من واقع مسئولياتها الوطنية، بتقديم "كشف حساب" سنوي للمثقفين، إدراكًا منها أن المثقفين يشكلون ضمير الأمة، ويتعين على المكتبة - إحدى المؤسسات الثقافية الرئيسة محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا- أن تطلع مثقفي مصر على ما تقوم به، وتستمع إلى آرائهم بشأن الحاضر والمستقبل.