عفوا لن نستطيع أن نذكر أسماء المصريين (ولو بالحروف) الذين حاموا في حومة القذافي مابين ميت أو حي وليس ذلك حتى لا نصدم الكثيرين الذين يرون فيهم شموسا في سماء المعارضة، لكن لأن كثيرين منهم قد رحلوا عن العالم فوقف جلال الموت حيال ذكر الأسماء ولكن ذلك موقف يكشقه التاريخ ويسهل التعرف عليه بقليل من الجهد ولو أخفيناه قليلا. كم كانت تمتلأ قائمة الملتفين حول العقيد القذافي من مفكرين وصحفيين وكتاب ومثقفين معارضين على كل لون خاصة إبان حكم الرئيس الأسبق أنور السادات قبل وبعد رحلة القدس . كان أول من طرق أبوب القذافي مجموعة السياسيين المغضوب عليهم بعد حركة مايو1971 عندما أطاح السادات بخصومه من بقايا حكم الرئيس السبق عبد الناصر ، حيث لجأوا إلى العقيد معمر القذافي الذي كان قد اعتبر نفسه امتدادا للتجربة الناصرية وخليفة لجمال عبد الناصر الذي سانده في ثورته التي أطلق عليها ثورة الفاتح من سبتمبر 1969، كما فر إليه كتاب وصحفيون بعد خروجهم من المعتقلات التي وضعهم فيها عبد الناصر وخرجوا بأمر السادات ولكنهم اختلفوا معه. من بينهم مفكرون –راحلون- وعلى سبيل المثال فقط ؛ أحدهم مفكر قومي بلغت درجة اقترابه من القذافي أن أشيع أنه هو الذي صاغ أفكار القذافي في الكتاب الأخضر ودعم فكرة أن يقود معمر القذافي الأمة العربية وظل مرتبطا بالنظام الليبي حتى وفاته رغم معارضته الشديدة لسياسة السادات حيث كان يصفه بالخائن والديكتاتور وإلى آخر هذه الاتهامات . أما الآخر فقد بلغت صلته وتأثيره على العقيد أنه أوعز إليه بأنه يصلح أن يكون قائدا للأمة الإسلامية برغم أن هذا المفكر الراحل لم يكن مسلما، لكنه طوال إقامته في ليبيا كان يصر على أنه قد تحول إلى الإسلام، غير أنه عند عودته إلى مصر عاد إلى سابق عهده وقدم نفسه وكان يكتب في جريدته القومية مقالا أسبوعيا يتبني فيه وجهات نظر تتناقض مع كل توجهاته، حيث قدم نفسه للقاريء على أنه كاتب ومفكر ليبرالي وظل متنكرا لتجربته مع القذافي حتى وفاته. والثالث كاتب جاوزت شهرته الآفاق وكان لاذع السخرية وخرج من معتقل بأمر السادات غير أنه اختلف معه وسافر إلى ليبيا، وظل معارضا عنيدا وعاد إلى مصر بعد اغتيال السادلت، حيث كتب في أكثر من جريدة مختلفة الانتماء واتسعت قاعدة قرائه وتخلى عن الكثير من مواقفه المعارضة واقترب من نظام مبارك، لكنه في آخر أيامه كان يقر ساخرا بتلقيه أمولا طائلة من القذافي وكان يسخر منه وأفصح عن كثير ممن تلقوا أموالا مثله وكان يصف ذلك بأنه نوع من الشطارة. هناك كثير من الشعراء والأدباء والفنانين المشاهير وأنصاف المشاهر والذين كانوا في حومة القذافي وكانت ليبيا مقصدهم مع اختلافات مواقفها من النظام المصري. بين فترات هبوط حاد وصل إلى القطيعة في عهد السادات وجزر ومد وصل إلى اشبه التحاف في عهد مبارك البائد. غير أن مواقف السياسين كانت الأكثر وضوحا. فمنهم من كان يسافر إليه كمحاولة للم الشمل العربي بعد تمزقه، خاصة بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، بينما كان القذافي معلنا الحرب الشعواء إعلاميا على مصر حتى تصالح فجأة مع مبارك في أحد مؤتمرات القمة العربية بالمغرب. لكن كثير من السياسين ظلوا مع القذافي حتى بعد تصالحه مع مبارك وأحدهم كان للأسف من أبطال حرب أكتوبر ولكن سخونة الخصومة مع السادات والتى تحولت إلى إلى عداء شخصي دفعته إلى إعلان رغبته المتطابقة مع رغبة القذافي في تصفية السادات جسديا، بل إنه أعلن من إحدى العواصم العربية مسئوليته عن اغتيال السادات وهدد مبارك بأنه سيلقى المصير نفسه. وهو ما هلل له القذافي وأذاعه بالرغم من القبض على التنظيم المسئول عن اغتيال السادات ومحاكمته واعتراف أعضائه بتفاصيل التخطيط للحادث. عدد كبير من المعارضين المصريين الذين أقاموا في ليبيا أو خارجها أعلنوا تضامنهم مع سياسة العقيد الذي لم يتخل عن سياسته القمعية ولم يخفها منذ توليه مقاليد الحكم في ليبيا. أما الحاليين من المتصدرين للمشهد السياسي من حلفاء القذافي فمنهم رؤساء أحزاب قائمة وتحت التأسيس ورؤساء مجالس إدارات وتحرير صحف قومية وحزبية وخاصة (سابقون وحاليون) لكنهم كانوا حتى وقت قريب متعاونين أيما تعاون مع القذافي إلى درجة الدخول في مشروعات استثمارية وإعلامية - صحف وقنوات فضائية – علنا مع كل ما هو معروف من أسلوب قمعي للحكم مستغلين التعاون بين مبارك والقذافي وقيام نجله سيف الإسلام وأحمد قذاف الدم بن عمه ( كان حتى وقت قريب منسق العلاقات الليبية المصرية) بالعديد من الاستثمارات في مصر ولم يكن مسموحا بمهاجمة النظام الليبي في كثير من وسائل الاعلام القومية الخاصة، رغم ما كان يوجه من انتقاد لاذع من جانب بعض الأقلام لمبارك نفسه ورموز نظامه. وهو ماشكل علامات استفهام حول كثير من تلك الأقلام التى كانت تتجنب النظام الليبي في صب جام غضبها على النظام المصري خاصة والأنظمة العربية عامة. ومن السياسيين رؤساء أحزاب صغيرة وكبيرة، قائمة وتحت التأسيس، وهم لا يخفون أخبار اتصالاتهم بنظام القذافي والمساندة المتبادلة بينهم بل سبق وأن نشرت بعض الصحف صورا لمستندات تؤكد الدعم المالي الذي يرسله القذافي لهم. والعجيب أن من رموز المتحلقين حول القذافي من أراد أن يفرض نفسه على الثائرين في 25 يناير وكان يصرخ ضد مبارك "إرحل" لكنه لم ينبس ببنت شفة للقذافي حتى بعد المجازر التى ارتكبها ضد شعبه خلال الأيام الماضية.