حسين عوني بوصطالي، سفير تركيا الذي طردته مصر أمس السبت، ليس أول مبعوث تركي يخرج من القاهرة مطرودًا، بل سبقه آخر في 1954 بسبب إساءته لجمال عبد الناصر، وكان اسمه فؤاد طوغاي، ومتزوجًا من الأميرة المصرية أمينة مختار، حفيدة الخديوي إسماعيل وابنة الأميرة نعمت الله، أخت الملك فؤاد وعمة الملك فاروق، أي أنها كانت ابنة عمته مباشرة. ووفق تقرير لقناة العربية نت، كان طوغاي الذي ولد في 1891 بإسطنبول، قائمًا بالأعمال التركية بين 1925 و1929 في طوكيو، طبقًا لما جمعت "العربية.نت" عنه من معلومات مصادرها مصرية أو مترجمة من الإنجليزية والتركية، وهي قليلة عن السفير المعروف بأنه ابن الماريشال دلي فؤاد باشا طوغاي، سفير السلطنة العثمانية بألمانيا والنمسا، من زوجته سايران إيديل خانم، التي زاد عمرها 8 سنوات عن ابنها السفير، فتوفيت بعده في 1975 بإسطنبول. من المعلومات عن طوغاي الذي لم يرزق من زوجته الأميرة سوى بابن سماه أسعد، أن الخارجية التركية عينته بعد طوكيو بالمنصب نفسه من 1929 حتى 1932 في مدينة نانجينغ بشرق الصين، ثم سفيرًا برتبة وزير حتى 1939 بألبانيا، وسفيرًا لها في 1944 بالصين ثانية، وبعدها سفيرًا بين 1951 و1954 في القاهرة، زمن حكومة عدنان مندريس بتركيا، ومن يومها اشتهر دائمًا كدبلوماسي مطرود، وزوج لأميرة توفيت في إسطنبول، وبعد 8 سنوات من وفاته فيها أيضًا. زوجته، الأميرة أمينة، أبصرت النور في منتصف 1897 بإسطنبول، ومعروفة بأسماء عدة: الأميرة أمينة درية خانم أفندي، وأحيانًا "مدام طوغاي" اختصارًا، أو الأميرة أمينة مختار كاتيرجي أوغلو، وأصدرت في 1963 كتابًا بالإنجليزية عنوانه Three Centuries Family Chronicles of Turkey and Egypt يصفونه بأنه يلبي الفضول عن تاريخ العائلات في مصر وتركيا طوال 3 قرون، ولم تجد "العربية.نت" أحدًا ترجمه إلى لغة الضاد حتى الآن. وكان طوغاي يعيش حياة رغدة في القاهرة، وفي قصر قريب كيلومترين من واحد أكبر منه، هو قصر حماته الأميرة نعمت، والممتد على مساحة 26 ألف فدان، وعنهما أعدت "الأهرام" تحقيقًا في 19 مايو 2000 بعنوان "قصر الأميرة طوغاي تحفة معمارية تسكنه الفئران" كتبه الصحفي خالد مبارك، من دون أن يكون مرفقًا بأي صورة لقصر الأم أو قصر ابنتها. ذكرت "الأهرام" في التحقيق أن "قصر الأميرة أمينة طوغاي" الممتد على مساحة 22 ألف فدان "يقع بمنطقة المرج قرب القاهرة، ويجمع بين الطرازين الإيطالي والإنجليزي، مواكبًا لأروع فنون العمارة للنهضة الأوروبية زمن بنائه، إلا أنه لم ينل من الشهرة ما يليق بمكانته الفنية والهندسية كواحد من أندر التحف المعمارية المصرية التي خلفتها أسرة محمد علي، بل أصبح مهجورًا إلا من الخفافيش والفئران والزواحف والغربان التي أصبح القصر مرتعًا خصبًا لها جميعًا" وفق التعبير الوارد بالتحقيق. أما عن طرد طوغاي، فتم في 4 يناير 1954 بعد رفع الحصانة عنه واعتباره شخصًا عاديًا، بحسب ما أوردت صحيفة "الأهرام" التي نشرت في اليوم التالي خبره على 8 أعمدة في صفحتها الأولى، وعزت الطرد "لحملاته المستمرة على سياسة قادة الثورة وتوجيهه ألفاظًا نابية لجمال عبد الناصر" ساردة حيثيات القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في 2 يناير ذلك العام، مع أسبابه بالتفصيل. من الأسباب الرئيسية التي ذكرتها في الخبر أنه "لمناسبة افتتاح وزارة الإرشاد لموسم دار الأوبرا، دخل البكباشي جمال عبد الناصر فصافح سفير الهند، ثم أبصر السيد طوغاي في أحد أركان الغرفة، فحياه بكلمة هالو، لكن السيد طوغاي بدلاً من أن يرد التحية وجه إلى البكباشي جمال بصوت عال عبارات أقل ما توصف به أنها لا يمكن أن تصدر من شخص مسئول، فضلاً عن ممثل دبلوماسي مفروض فيه الكياسة التامة في الحديث وأول واجباته التزام الحدود" على حد تعبيرها. تابعت وذكرت أن السفير قال لعبد الناصر، وكان وقتها نائبًا لرئيس مجلس الوزراء المصري: "إن تصرفاتكم ليست تصرفات جنتلمان، ولن تكون هناك أية صداقة بيننا وبينكم" فلم يشأ عبد الناصر الرد عليه "بل اكتفى بأن أدار ظهره في هدوء وأخذ يواصل حديثه مع سفير الهند ووزير السويد المفوض". كما قالت إن طوغاي وصف مصر بأنها "بلد قذر" أيضًا، فاحتدمت الحال وتوترت أكثر، وانتهى التوتر بأن أصبح طوغاي أول سفير تخبره مصر بأنه "غير مرغوب فيه" على أراضيها، فعاد مع زوجته إلى إسطنبول، وفيها انقطعت أخباره، إلى أن توفي قبل أسبوعين تمامًا من حرب يونيو 1967 بين إسرائيل و3 دول عربية.