الاستثمار لنجاح "الشلالية" سلاح ذو حدين، إما أن يرفع من شأن أصحابه ويجعلهم في السماء أو يضرب بنجوميتهم إلى الأرض، وقد تكون "الشلالية" في بعض الأحيان غير موظفة بشكلها الصحيح، وتصبح مجرد تعود، لكن حب الجمهور لوجود هؤلاء الأشخاص معا في عمل واحد قد يشجعهم على متابعة العمل والتغاضي عما به من سلبيات. "عش البلبل" واحد من أفلام "الشلة" التى يحرص منتجها محمد السبكى على طرحها مع موسم كل عيد، مرتكزا به على العنصرين الأساسين به وهما الفنان سعد الصغير والراقصة دينا. الفيلم يطرح تساؤلا مهما يظل دائرا في رأس من يشاهده، وهو "أين الفيلم؟"، يظل هذا التساؤل موجودا حتى بعد رفع كلمة النهاية، فالأحداث التى أعلن عنها هى قصة تدور حول مجموعة من المطربين الشعبيين وقصص صعودهم ومدى ما يعيشونه من معاناة للوصول نحو هدفهم، إلا أن أحداث الفيلم بأكملها دارت في منطقة أخرى تماما، فصحيح أنه جمع عدد من المطربين الشعبيين مثل سعد الصغير، وبوسي، ومحمود الليثي، إلا أنه لم يصل بالهدف المرجو منه على الإطلاق. الفيلم عبارة عن مجموعة لوحات مجمعة من مشاهد لأفلام سابقة من بينها فيلم "الفرح" حيث تقمص سعد الصغير والفنانة بدرية مشهدا كاملا من أحداث الفيلم، تحديدا المشهد الذى دار بين "باسم السمرة ودنيا سمير غانم أثناء محاولته التعدي عليها" حتى أنهم ارتدوا نفس ملابس الأبطال في فيلم "الفرح". وهناك أيضا مشاهد مقتبسة من أفلام قديمة مثل فكرة اتهام الفتاة الفقيرة "سكر" التى تجسد دورها الفنانة مى سليم، وتتهمها شقيقة الراقصة دينا بسرقة ذهبها غيظاً منها، أو حتى في مشهد ذهاب شقيقة الراقصة التى تقوم بدورها مروة عبد المنعم إلى شقة المحامى الذى تحبه، فيقوم بالتعدى عليها. كلها مشاهد مكررة ومقتبسة، وبين هذه الأحداث المعادة في الذاكرة تتخلل أغانى شعبية لمطربي الفيلم دون وجود مضمون أو مخزى لذلك. أما عن العناصر الجديدة التى أدخلت على شلالية أفلام "السبكى" مؤخرا بخلاف دينا وسعد الصغير فمن بينهم كريم محمود عبد العزيز، الذى يحاول أن يتقمص شخصية والده في رسم الابتسامة على وجه المشاهد بحركات مبالغ فيها كالضرب بالأقلام مثلا والذى أصبح تيمة رسمية لأفلام السبكي، رغم أن هذا التقمص لم يظهر عليه مثلا في الدور الصغير الذى قدمه في فيلم "هاتولى راجل" بل على العكس كان تلقائيا إلى حد كبير. أما بوسي المطربة الشعبية، التى ذاع صيتها بعد أغنيتها الشهيرة "آه يادنيا" التى قدمتها في فيلم "الألمانى" فكان تواجدها بالفيلم لمجرد "اللمة" فلم تضيف أو تنتقص من الأحداث، وتواجدها هى وشريك نجاحها اللذان صعدا سوياً وهو محمود الليثي كان بهدف تقديم أغنية "عبده" ليس أكثر ولا أقل. يستمر سعد الصغير في مبالغته في الأداء التمثيلي بدعوى اضحاك المشاهد، ويظهر في الأحداث بدور يستطيع أى ممثل غير معروف تقديمه، فظهوره بالأحداث هو مجرد استمرار لفكرة الشلالية أيضاً، وضرورة لتقديم الديو الغنائي الذى يحرص السبكي على تقديمه في كل فيلم مع وصلة رقص من شريكته دينا. أما مى سليم التى كانت اطلالتها الأولى في السينما من خلال فيلم "الديلر" مميزة، وقدمت دورا لفت النظر إلى حد ما رغم أنه كان التجربة الأولى، لم تأت بجديد هنا في فيلمها "عش البلبل"، فشخصية "سكر" التى قدمتها لم تضف جديدا في مشوارها التمثيلي إضافة إلى أن دورها كان من الممكن أن تقوم به أى راقصة حيث أنها تجسد دور راقصة شعبية، وليس مطربة تغنى الطرب بأى نوع من أنواعه "شعبي أو طربي". هذا بالإضافة إلى أن الدور هو استنساخ لشخصية "الفتاة الغلابانة" التى تأتى من بلدتها إلى القاهرة، ويتأمر من حولها عليها لابعادها من طريقهم وهو نفس الفكرة التى طال تقديمها كثيرا في أفلام "الأبيض والأسود". لم يأتى "عش البلبل" بأى جديد، تخلى عن هدفه الرئيسي في الحديث عن قصص صعود المطربين الشعبيين وكفاحهم، واستطرد في اقتباس مشاهد وأفكار سبق تقديمها مع إيفاهات مكررة اختزالها جميعاً في فكرة ضرب الأبطال لبعضهم بالأقلام دون التحايل على إنتاج إيفاهات جديدة كانت من الممكن أن تنقذ الفيلم من سلبياته الكثيرة.