بعد مرور أكثر من 5 شهور على تكليف السياسي اللبناني تمام سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ، ما يزال حتى الآن يراوح مكانه وسط تعقيدات كبيرة لا تمكنه من تشكيل الحكومة، وربما يضطر إلى إعلان اعتذاره عن عدم الاستمرار في المهمة في ظل تشدد المعارضة في مواقفها ورفضها التجاوب في تسمية الوزراء واختيار الحقائب الوزارية ، وإصرارها على عدم تمرير التشكيل مهما كانت النتائج وتعطيله. وأمام هذا المأزق، يسابق الرئيس المكلف الزمن حتى ينجو من خيار الاعتذار، ويمارس الآن رئيس وزراء تصريف الأعمال الملياردير نجيب ميقاتى مهام المنصب ،والذى قدم استقالة حكومته فى 21 مارس الماضى، وسط أصوات تنادي باستمراره لحل للأزمة ومنع الصدام السياسى بين القوى والطوائف على توزيع الحقائب الوزارية وتسمية الوزراء. استقالة ميقاتى جاءت بسبب خلافات حول قانون الانتخابات البرلمانية، وخوفاً من وقوع مؤسسة أمنية كبيرة في حالة فراغ، وقال ان الاستقالة راودتني مرتين، مرة أثناء تشكيل لجنة تحقيق في مقتل الشهيد رفيق الحريري، ومرة بعد مقتل الشهيد وسام الحسن. وعين ميقاتي رئيسا للوزراء في 2011 بعد أن أسقط حزب الله وحلفاؤه حكومة الوحدة الوطنية التي كان يقودها سعد الحريري. وخلال عامين في المنصب سعى ميقاتي لإبعاد لبنان عن الحرب الأهلية في سوريا التي عمقت التوتر الطائفي في لبنان، وجاء تكليف تمام سلام فى الاسبوع الأول من شهر ابريل الماضى لكن التشكيل متعثر . غير أن الرئيس المكلف تمام سلام قال بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بعبدا، مطلع الأسبوع الجارى بأنه لن يتخلى عن مهمته وسيستمر بالسعي لتجاوز كل العقبات المتعلقة بموضوع تأليف الحكومة. وأشار سلام إلى أنه "مضى ما يزيد عن 5 شهور على تكليفه وسبب ذلك وجود عراقيل حالت دون تأليف الحكومة، مشددا على "وجود عدة خيارات أمامه، وأقوى هذه الخيارات هو تشكيل الحكومة. وتكشف مصادر المعارضة أن جزءاً من المشكلة الحالية يكمن في اعتبار البعض أن رئيس الوزراء المكلف تمام سلام ليس حيادياً، بل ينتمي بشكل غير مباشر إلى تيار المستقبل. لكن البعض يرى أن الخلاف حول الحصص الوزارية وتوزيع الحقائب على الطوائف والكتل النيابية ما هى إلا مبررات لاستمرار التعطيل انتظارا لما تسفر عنه الأحداث فى سوريا وأن مباركة تشكيل الحكومة من سوريا لم تصل بعد . تمام سلام سياسي لبناني ونائب ووزير سابق، وهو النجل الأكبر للزعيم الراحل صائب سلام الذي تولى رئاسة الحكومة مرات عدة بين عامي 1952 و1973. أطلق والده صائب سلام خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، التي تواجه فيها المسلمون والمسيحيون مدعومين من قوى خارجية، شعاري "لا غالب ولا مغلوب" و"لبنان واحد لا لبنانان"، ومد يده إلى المسيحيين بعد اغتيال بشير الجميل، مما سمح بانتخاب أمين الجميل شقيق بشير رئيسا. عيّن وزيرا للثقافة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2008. تحالف مع سعد الحريري في انتخابات 2009 ودخل البرلمان مرة أخرى. ينتمي إلى معسكر قوى 14 آذار ويلتزم بكل مبادئها وسياساتها، ولكن خطابه هادئ ويبتعد عن الصدام. كلفه الرئيس اللبناني ميشال سليمان في 6 أبريل الماضى بتشكيل الحكومة اللبنانية بعد أن حصل على 124 صوتا من 128 عدد أعضاء مجلس النواب خلال المشاورات النيابية الملزمة، لكنه حتى الآن يكافح من أجل تشكيلها دون أن يصل إلى طريق، وستبقى أمامه خيارات محدودة بعد شهر من الآن منها الاعتذار عن عدم الاستمرار أو تشكيل حكومة غالبيها من قوى 14 آذار دون انتظار ترشيحات المعارضة قوى 8 آذار، وهنا تكمن المشكلة هل سيقبل رئيس الجمهورية اعتماد التشكيل وخارجه حزب الله وحركة أمل والتيار العونى وفى هذه الحالة هل سيمنح البرلمان الثقة لحكومة خارجها هذه القوى حتى لو نجح سلام فى اقناع شخصيات من هذه الطوائف بالانضمام؟. معادلة صعبة وفى حال اعتذاره ربما يطلب منه رئيس الجمهورية مجددا تأليف الحكومة، ويبدو أن الصيغة الحالية وهى وجود رئيسين للوزراء أراحت الحالة اللبنانية وتعايش معها الواقع اللبنانى، باعتبارها تلبى رغبات السياسيين والأطراف الإقليمية، وتمنع الصدام بين الطوائف.