ملل وبطء في الأحداث سيطر على حلقات مسلسل "آسيا" الذى عادت به الفنانة منى زكى للدراما التليفزيونية بعد غياب عنها، وذلك منذ الحلقة الأولى، وكان الشافع والعزاء الوحيد للمشاهد هو وجود وأداء هذه النجمة التى افتقدها كثيرًا طيلة السنوات الماضية، لكن التفاؤل بعودة النجمة لم يستمر طويلًا خصوصًا أن السيناريو الذى عادت به منى زكى كان ضعيفًا إلى حد كبير. فالأحداث دارت حول آسيا الفنانة التشكيلية التى تعانى من بعض الجفاء في تعامل زوجها معها، وتنتهى أحداث الحلقة الأولى بهروبها واصطدامها بسيارة "فارس" الذى لعب دوره باسم السمرة صاحب الملهى الليلي الذى تقيم عنده لفترة وتعمل لديه راقصة، وعلى مدى أكثر من 20 حلقة ظل زوجها ووالدتها مع ضباط الشرطة يبحثون عنها، وكانوا يتذكرون حياة آسيا معهم، وجميع المشاهد التى عرضت كانت تمثل خلافات عادية وبسيطة، سواء بينها وبين زوجها أو حتى بين أولادها ككونه لا يشاركها في جنونها في الحياة أو أن ابنتها تغضب أنها تعاملها كطفلة وغيرها من الأحداث المشابهة. وتوالت الأحداث وذهبت آسيا إلى الملهى الليلي الذى عملت فيه راقصة وتدخل في تشابك أحداث مع صاحب الملهى الذى يعمل في تجارة مشبوهة لتصاب في النهاية ثانية نتيجة الضرب الذى تعرضت له على يد المطاردين لصاحب الملهى فتنقل إلى المستشفي وتعود إلى أهلها فاقدة الذاكرة ليبدأوا في الحلقات السبع الأخيرة تقريبًا محاولات معها لاسترجاع ذاكرتها لتتذكر ابنها "سليم" الذى فقد في الحادث الذى تعرضت له في البداية. وفي الحلقتين الأخيرتين جلست "آسيا" مع الطبيبة النفسية تتذكر الحادث الذى أدى لفقدانها الذاكرة، والمفاجأة أن هناك حراميًا تهجم عليها في سيارتها، وكان بها ابنها لتظل تقوم بضربه وهو يقود سيارتها إلى أن يصطدما ويقعا في المياه وتظل آسيا تحاول الخروج تحت المياه هى وابنها بل إنها تحدثه وتظل تقول له متخفش إحنا هنخرج خد نفسك وهو أمر غير منطقي لأنه لا يمكن أن تظل تتحدث لفترة طويلة مع ابنها تحت المياه. وليس هذا فقط، بل إنه من غير المنطقي أن تظل جثتها تطفو على المياه وتخرج بعد ذلك وهى حية، حيث إن جثة الإنسان تطفو على سطح المياه بعد الوفاة فقط. وفي نهاية الحلقة تجلس آسيا مع نفسها وتقول إن الله له حكمة في أن يأخذ وديعته في إشارة لابنها علشان نراجع أخطأنا، وهو أمر غير منطقي أيضا فكان من الممكن أن يختفي الطفل بالفعل في بداية الأحداث وتفاجأ والدته في النهاية أنه مات، بل إن رحلة البحث كان من الممكن أن تكون عنه بدل والدته، وإن كان المسلسل في النهاية قد تم تنفيذه ليعطى المشاهد نصيحة أو وعظ فلم يكن هناك داع لكل هذا المط والتطويل من الأحداث غير المثيرة أو المشوقة بالمرة والتى تصيب المشاهد بالملل، فما الذى يمكن أن يستفيده المشاهد من كون أن "آسيا" سرقت كلب مرة أو أنها فنانة تحب أن تقوم بكل ما هو جريء في الحياة كما كان يحكي أهلها عنها طوال أحداث العمل في أثناء رحلة البحث عنها. ومن غير المنطقي أيضاً أن آسيا التى فقدت الذاكرة وكانت تعمل بملهى ليلي تخطط وتفكر وتظهر في صورة الفتاة اللعوب، وعندما تعود إلى أسرتها ثانية تكون شخصية هادئة ومستكينة، خصوصاً أن شخصيتها في الأساس كانت مجنونة وجريئة حتى قبل فقدانها الذاكرة. وإن كان حادث فقدان آسيا لابنها تحت المياه، حيث إنها لم تستطيع إنقاذه هو الذى مثل لها صدمة جعلها تفقد الذاكرة، فليس من المنطقي أن تكون شخصيتها بعد ذلك جريئة ومنفتحة وتخطط وتدبر كما قدمت دور "ورد" الراقصة حيث إنها بالتأكيد ستكون مكسورة ومحبطة وليست سعيدة وجريئة وتتحدث اللغة الإنجليزية في الملهى بكل طلاقة، وكأن شيئاً لم يؤثر فيها نفسياً أو على ذاكرتها في استعادة لهجتها. وإن كان المنقذ الوحيد ل منى زكى هنا هو اجتهادها في تجسيد شخصيتين معاً، الأولى الفنانة التشكيلية الجريئة، ثم تدرجها في عملها كراقصة وهو الدور الذى لم تلعبه من قبل ثم عودتها شخصية هادئة تعالج نفسياً، ولعل المشهد الأهم والأقوى لها هو مشهد استرجاعها للحادث الذى فقدت فيه ابنها، حيث ظلت ممسكة بأكتاف الطبيبة تصرخ وتبكى بشكل هيستيري وتهز رأسها وتلوم نفسها على عدم إنقاذها لابنها.