أثارت التحركات العسكرية الأمريكية والروسية قبالة السواحل المصرية العديد من التساؤلات حول مدلولاتها الإستراتيجية، في وقت يتسم فيه الموقف المصري بحالة عامة من الغموض السياسي بسبب ضبابية الأحداث السياسية داخله، وعدم القدرة على التنبؤ بمستقبل الصراع الحادث بين القوى المدنية ومثيلتها الدينية. فمن جانبه قال اللواء علاء عز الدين منصور، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة سابقًا، إن تحرك السفن الحربية الأمريكية تجاه قبالة السواحل المصرية على البحر الأحمر، بالتزامن مع إعلان وكالة انترفاكس الروسية عن تحرك عدد من السفن الروسية الحربية باتجاه البحر المتوسط، بمثابة "عودة للحرب الباردة" بين الدولتين مرة أخري. وأضاف أن الجنرال جيمس أموس قائد سلاح مشاة البحرية الأمريكية صرح بأنه "إجراء احترازي مقبول" في إطار إن تكون السفينتان لإجلاء الرعايا الأمريكيين في حالة توتر الأوضاع في مصر، بما يشكل خطرًا علي حياتهم، أو إغلاق المجال الجوي المصري، ونفس الأمر ينطبق علي روسيا فهي لن تتدخل في مصر وإنما الأمر مجرد محاولة لاستعادة الدور الذي فقدته بعد تفكك الاتحاد السوفيتي إضافة إلي العمل علي إثبات وجود نفوذ روسي بالمنطقة. وأكد أن التدخل العسكري في مصر أمر غير مقبول ويمثل انتحارًا عسكريًا، والأمر مجرد محاولة لجس النبض وبث الفرقة بين صفوف الشعب المصري، وإعطاء قوة لمناصري ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي. وحول تزامن هذه التحركات الأمريكية والروسية بالمنطقة مع زيادة العمليات الإرهابية في سيناء ضد قوات الجيش والشرطة، أوضح اللواء عز الدين أن السبب الرئيس لذلك محاولة أنصار ومؤيدي الإخوان المسلمون إثبات أن لهم اليد العليا في سيناء موضحًا أن هذه المحاولات اليائسة هي الساعات الأخيرة لهم. وأكد أن ما يغل يد القوات المسلحة في سيناء هو مراعاتها لأهالي سيناء والمواطنين هناك من السقوط ضحايا أبرياء إثناء هذه المواجهات إلا أن الجيش قام بعمليات تطهير كبيرة للبؤر الإجرامية البعيدة عن المناطق السكنية وكشف عن قيام الجيش بإلقاء القبض علي عدد من الإرهابيين خلال الفترة الماضية وسيتم الإعلان عن ذلك. فيما اعتبر اللواء عادل سليمان، مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية، التحركات الأمريكية بمثابة إجراءات احترازية طبيعية عند وقوع اضطرابات في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط، وتحديدًا في دولة لها ثقلها داخل المنطقة مثل مصر وأهمية إستراتيجية هامة، وأن الغاية منها محاولة مراقبة ومتابعة الموقف وعدم ترك الأمر للظروف والصدفة. ودلل علي ذلك بتحركات مشابهة روتينية في مناطق مختلفة تعرضت لاضطرابات. وقال سليمان أن هذه التحركات رسالة واضحة أيضا بتواجدهم بالمنطقة لحماية لمصالحهم والاقتصاد العالمي في حالة تعرض قناة السويس لظروف خطيرة باعتبارها ممر ملاحي دولي بعيدا عن تأييدهم لأي نظام قائم في مصر فمصالح واشنطن تقع في المرتبة الأولي دون منازع وتعمل بكل قوة علي حمايتها. واستبعد هشام أبو السعد مساعد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية التدخل العسكري من قبل واشنطن في مصر معتبرا هذه الإجراءات قد تكون لإجلاء رعاياهم في حالة وقوع اضطرابات في مصر إضافة إلي أنها محاولة لإثبات قوتهم لأنهم لا يتركون شيء للظروف. وأوضح أن تزامن وقوع العمليات الإرهابية في سيناء بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي يؤكد أن هناك نوع من التعاون بين الجماعات الجهادية والإخوان المسلمين مشددا علي أن الجيش منتبه بشدة لهذه العمليات وقادر علي إنهاء هذه المشكلة بعد قيامه بعدة إجراءات للقضاء علي البؤر الإجرامية وهدم الإنفاق. فيما وصف كمال زاخر الناشط السياسي التحركات العسكرية الأمريكية والروسية حول الشواطئ المصرية بأن الحرب الباردة بدأت تطل برأسها مرة أخري بين واشنطن وموسكو واعتبرها تحركات طبيعية. وأضاف التاريخ يثبت دائما أن فكرة التهديد الخارجي تزيد المصريين من التلاحم والصمود، وهو ما حدث قبل ذلك في مواقف عديدة في حروب 1967 والاستنزاف وأكتوبر 1973. ونبه إلي أن هذا التحرك العسكري يحمل أيضا رسالة تهديد نظرا لكون ما حدث في مصر كان مفاجأة للعالم، وخاصة أمريكا حيث استطاع الشعب المصري إرباك حسابات واشنطن مرة أخرى وتفكيك مخططاتهم كالشرق الأوسط الكبير والموقف الأمريكي مازال يعاني من ارتباك وفزع إلا أنهم لن يستطيعوا إلا التهديد فقط. بخلاف من سبقوه، اتهم زاخر الولاياتالمتحدة صراحة بمحاولة تفكيك الجبهة الداخلية المصرية عن طريق تحريك عناصر إرهابية في سيناء ضد الجيش المصري وسوف يستخدمون كل ما في جعبتهم لمحاولة السيطرة علي الأوضاع في مصر، وأكد أن الشعب المصري وقواته المسلحة يكتبون سطرًا جديدًا في تاريخ مصر بالقضاء علي كل المخططات التي تهدف للسيطرة علي البلاد وتفكيكها.