في الساعة الخامسة فجر أمس الأول السبت، استيقظ أهالى جزيرة "حوض الفدن" على صوت استعداد لهجوم أكثر من 10 سيارات أمن مركزى بها مئات الجنود، و7 لوادر إزالة ومايزيد على 15 فرقة قتالية تطالبهم بالخروج مسرعين من البيوت، وإلا سيهدمونها على رءوسهم. ولم تشفع استغاثات نساء أهل الجزيرة ودموع أطفالهم- كما قال لنا الأهالي - عند مسئولى الحملة لتأجيل قرار الإزالة لمدة ساعتين لكى يستطيعوا نقل أثاثهم حتى لا يتحطم أو ترك حظائر مواشيهم كما هى حتى لا تكون الخسارة "من كله". لم تكتف الشرطة بتلك القوة ولكنها استخدمت القنابل المسيلة للدموع - يتابع الأهالي - وألقت القبض على 9 من أهالى القرية، ممن اعترضوا على قرارات الإزالة بدعوى أنهم يقاوموا السلطات. حين وصلنا إلى الأرض وجدنا مبانى متهدمة وحيوانات ومجموعات متفرقة من الأهالى تجلس تحت "تكعيبة" من الخوص أو تحت شجرة، وتجمع الأهالى حولنا ليروى كل منا ما حدث له ومشكلتهم. وسألناهم ما اسم هذه المنطقة؟.. لم يعرفوا اسما لجزيرتهم!!... وأجابوا "أنها الجزيرة فقط وليس لها اسم.. وأمام عمارات"بورتو فؤاد" على كورنيش النيل فى حى المعصرة. وبدأ سيد محمود الحديث معنا.. قال إنه استيقظ مفزوعا من نومه هو وأسرته على أصوات، وتابع حديثه: "مجاليش إنذار بالإخلاء .. طيب يحترمونى ويعاملونى على أنى بنى آدم ويدونى إنذار قبلها ب24 ساعة وأنا كنت هخلى البيت، وهرتب حالى إنما ميهدوهوش على دماغى أنا وعيلتى.. وبناتى خرجت من غير هدوم". والتقط محمود إبراهيم طرف الحديث: "أطلقوا علينا قنابل مسيلة للدموع، وضربوا الحريم ٍ وهدموا الجامع، ولما قولتله دة بيت ربنا أنتوا مش مسلمين؟، أجابنى رئيس الحملة: "ملكش دعوة ربنا هيحاسبنا إحنا". ويتابع "ابنى طالب الثانوية العامة مش عاوز يبقى مصرى خلاص" هكذا قال خالد شبيطة لنا، وأكد لنا أن ابنه محجوز فى المستشفى بسبب سقوط إحدى قنابل الغاز المسيل للدموع على إحدى قدميه، أما زوجته فقد تعرض وجهها لحروق بسبب القنابل أيضا، وأضاف: "أنا قاعد عند أختى دلوقتى لو معنديش حد ياخدنى عنده كنت هقعد فى الطل أزاى". حكى لنا عصمت عبد المنصف خليل أنه اشترى تلك الأرض منذ عام 2008 بمكافأة خروجه على المعاش.. وقام بدفع الغرامة فى وزارة الزراعة وحررت وزارة الكهرباء محاضر ضده ودفع الغرامة وسوى موقفه القانونى.. وأضاف: وبعد دة كله بيقولوا إحنا بلطجية. وأضاف: "بيتى اتهد باللودر على عفشى.. ومراتى العجوزة المريضة بتنام على سرير فى الشارع.. وسابوا دكتور ح. وبيحموه كمان برغم أنه رادم 30 فدانا فى النيل ومحدش جه جنبه واكتفوا أنهم ضربوا جدارا واحدا عنده، ولواء سابق - حسب قوله - بنى كوبرى وفيلا فى نص النيل والشقق اللى قدامنا تشوف النيل لأننا "عشوائيات" وهما اشتروا الشقة ب650 ألف جنيه، إنما أنا شارى القيراط بالقسط ومش لاقى القسط". وروت لنا منى عبد الرءوف أنها حين رفضت إخلاء بيتها وقالت للقوة الأمنية "فين حقنا؟" .. قالوا لها "شيلى عيالك أحسنلك وأطلعى برة، وتابعت: حتى بيت أبويا المبنى من 1980 والمبنى بأسمنت مسلح لأننا ممنوع نبنى غير بطوب أسمنتى اتهد، والستات اضربت على ضهرها واتشدت من شعرها، مواشيه ماتت واترميت فى الأرض والباقى واقف فى الشمس. فيما قالت سامية جمال: "أنا اشتريت الأرض دى وبدفع قسط 600 جنيه شهريا ولو ابنى تعب مش بكشف عليه عشان أدفع القسط عشان بعد كام سنة مدفعش قسط وأبقى فى بيتى لأنى إحنا على الله يوم فيه ويوم مفيش وجوزى مريض بالقلب". "اتخدعنا" هذه هى الكلمة التى بدأ صبرى يحيى زكريا حديثه معنا، وكشف لنا أنهم اجتمعوا مع اللواء أحمد عبد الوهاب، مساعد فرقة حلوان، قبل الإزالة بيوم واحد لمدة 3 ساعات وقالنا لنا إن الهدم هيكون فى بيت أو اتنين فى أقرب فرصة.. بعد أن عرضنا عليه أوراق الكهرباء واتظلمنا فى دفع العوائد وموقفنا من وزارة الرى، ولكننا فوجئنا بكل هذه الحملة الأمنية فى اليوم التالى لمقابلتنا، وهدمت الحملة 87 منزلا برغم أن هناك قرارا بإزالة 70 بيتا فقط ولم يرسلوا لنا أى إنذار بالإخلاء. واختتم أهالى "الجزيرة" حديثهم معنا وطالبوا بهدم إشغالات أراضى ف. ح، وم, ع وأخوته وم.غ، ولأن المساواة فى الظلم عدل، متسائلين "ولا هما يهدوا بيوت الغلابة ويسيبوا إشغالات المليونيرات؟"، كما قالوا "مش هنخلى أرضنا لأن معندناش بديل أو يوفروا لنا أرضا تانية واحنا هنمشى".