حيرة المؤسسات الرسمية لحل أزمة الجنود السبعة المختطفين في سيناء، انتقلت عدواها للقوى السياسية التي اختلفت فيما بينها حول كيفية حل الأزمة، وأولوية الخيار العسكري على مثيله السياسي الذي يدعو للتفاوض مع الخاطفين من أجل إنهاء الأزمة. على الجانب المُصر على الحسم العسكري، رفض الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، فكرة التفاوض مع المجرمين مختطفي الجنود مشيرًا إلى أن الدولة المصرية حاليًا للأسف فقدت هيبتها فلا توجد سلطة تستطيع أن تجبر مواطنًا على احترام القانون، وأضاف أن هذا الاختطاف عدوان على الدولة المصرية مشددًا علي أن التفاوض مع المجرمين يساعد على إسقاط هيبتها وهذا بالطبع أمر شديد الخطورة علي استقرار البلاد. من جهته، طالب الدكتور عبد الله المغازى المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، الرئيس محمد مرسى بفرض هيبة الدولة في سيناء بالقوة، مشيرًا إلى أن هناك جماعات جهادية ومجهولين يمرون لداخل سيناء عبر أنفاق الحدود مع غزة، ويجب أن يتم وضع حد لتدهور الوضع الأمني فيها، وأكد أن الرئيس يكبل الجهات العسكرية بسيناء كنوع من رد الجميل للتيارات الدينية، والدليل على ذلك أنه رفض التوقيع على حكم بالإعدام لعدد من الجهاديين المتهمين في حادث قسم شرطة رفح. وطالب المغازي، الرئيس محمد مرسى بأن يرفع الغطاء السياسي والقانوني عن الجهاديين الموجودين في سيناء مشيرًا إلى إن الفيديو الذي بثته مواقع التواصل الاجتماعي للجنود المتخطفين أمر مؤسف للغاية وينتقص بالطبع من هيبة الدولة ولابد من الرد بحسم وبشكل رادع وسريع حفاظًا على هيبة الدولة. من جانبه، قال اللواء سامح سيف اليزل، رئيس مركز الجمهورية للدراسات السياسية والإستراتيجية: لو تم التفاوض والاستجابة لمطالب المختطفين بالإفراج عن المتهمين الذين يطلبون الإفراج عنهم فستكون تلك نهاية مصر بسقوط هيبتها، مشيرًا إلى أنه بعد ذلك ستظهر العديد من الجماعات المسلحة ويتكرر نفس السيناريو وتزداد عمليات الخطف لتحقيق مطالب معينة، وهذا بالطبع يؤدي لضياع هيبة الدولة بل وسقوطها. وانتقد سيف اليزل البيانات الصادرة من رئاسة الجمهورية التي أكدت أنه لا تفاوض مع المجرمين مشيرًا إلى أن عملية التفاوض تتم منذ نحو أربعة أيام، حيث إن هناك رموزاً سياسية وشخصيات من الحزب الحاكم سافرت لسيناء لحضور عملية التفاوض، كما انتقد بيانًا لرئاسة الجمهورية حول الحرص علي حياة المخطوفين والخاطفين مشيرًا إلى أنه لا توجد دولة تحافظ على دماء الخاطفين. من ناحيته ألمح محمد عبد النعيم، رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، لتأييده الخيار العسكري بشكل غير مباشر بقوله: إن تراخى وتلكؤ مؤسسة الرئاسة والحكومة وإضاعتهما للوقت في القبض على مختطفي الجنود في سيناء، وبعد أن مرّ الوقت وتمكن الجناة من تثبيت أوضاعهم خرجت الرئاسة لتتحدث عن أن كل الخيارات مفتوحة. وأضاف عبد النعيم أنه في استمرار استهداف المتطرفين والجماعات الجهادية لمدنيين وعسكريين في سيناء إهانة مباشرة لكل المصريين لا ينبغي أن تمر كغيرها بدون حساب وخاصة بعد رؤية جنودنا المختطفين يعاملون كمعامله أسرى الحرب من خلال الفيديو الذي تم تسريبه من قبل الخاطفين وهو تحد للدولة وحكومة رخوة. ودعا نعيم الجيش والفريق عبد الفتاح السيسى إلى ضرورة تنفيذ عمليات تطهير فورية لسيناء من بؤرة الإرهاب وتحرير المخطوفين بالقوة وبسرعة وعدم انتظار قرارات وإلا سوف يأتي الدور على القيادة الكبرى، وكل شيء وارد من الخطف والقتل والتصفيات. هذا الحسم في الخيارات غاب جزئيًا عن مواقف بعض القوى والشخصيات السياسية، حيث بدت الحيرة أكثر. فمن جانبه أكد الدكتور وحيد عبد المجيد المتحدث الرسمي باسم جبهة الإنقاذ أننا لسنا أمام خيارات، وإنما الأمر يرجع من ناحية لخطة التدخل وحساب تداعياتها والنتائج المترتبة عليها ومن ناحية أخرى هل التفاوض به تنازلات تعمل على تراجع هيبة الدولة وسيطرتها على سيناء، مشددا أن التفاوض مباشرة مع الإرهابيين مرفوض بينما قد يكون مقبولا إذا كان عن طريق غير مباشر. ونبه إلى ضرورة أن يكون لدى صانع القرار القوة اللازمة لتعديل الملحق الأمني لمعاهدة السلام وهو حق مطلق لأي دولة يؤدي الالتزام الدولي عليها إلى العصف بهيبتها وسيطرتها على أراضيها. بالمثل قال عمرو علي أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية انه لا تفاوض إلا علي حياة الإرهابيين فقط مشددا أن الاستجابة لمطالب المختطفين ستؤدي إلى انتشار ظاهرة الاختطاف بين رجال الأمن، مشيرا إلى تأييده للتفاوض من اجل الحل العسكري، ما يعني التفاوض على خروج الإرهابيين فقط حيث لا توجد دولة في العالم تتفاوض مع إرهابيين. وأوضح أن التفاوض ليس عن طريق وسائل الإعلام وضرورة مراعاة الأمن القومي المصري وأن الأمر في الأساس من اختصاص لجنة الأمن القومي والمخابرات إضافة إلي القوات المسلحة في حالة الاحتياج لها نظرًا للطبيعة الخاصة لسيناء، وأكد أن مصر بها خبراء في مجال التفاوض كما أن لديها مجموعات من القوات الخاصة القادرة على التعامل الفوري والقوي مع الإرهابيين. وأضاف مجدي حمدان عضو المكتب التنفيذي بجبهة الإنقاذ أن تصوير فيديو للجنود المصريين المختطفين هو إعلان حرب ووضع الجنود بهذا الشكل فهو اكبر من عملية اختطاف بل هم أسرى وبالتالي لا وجود لما يسمى المفاوضات أو الإفراج عن الإرهابيين المطلوب المساومة معهم. وانتقد حمدان صمت الجيش المصري تلك المدة على أسر الجنود المصريين وهم ما يعول عليه المصريون كآخر حصن لهم. ونفس الحيرة بدت في موقف حزب الدستور، حيث قال البيان الذي صدر عصر اليوم إزاء تلك القضية: "في الوقت الذي يعاني فيه الوطن من هذه المحنة، فانه لا يمكننا سوى تأكيد دعمنا الكامل للجهود التي تبذلها الدولة بكافة أجهزتها من اجل تحرير الجنود المختطفين والحفاظ على أرواحهم. كما نؤكد على ضرورة الحفاظ على أرواح المدنيين، وتوخي الحرص البالغ لدى السعي لملاحقة الخاطفين وتحرير جنودنا، وذلك لكي لا يزداد الموقف تفاقما وتتعمق الأزمة القائمة منذ سنوات بسبب اقتصار التعامل مع سيناء على النواحي الأمنية فقط". وفي المقابل بدت مواقف أكثر وضوحًا إزاء الخيار السياسي، كما عبر خالد علي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، فى تغريدة له كتبها عبر "تويتر"، أن استخدام القوة لتحرير جنودنا سيعرض حياتهم للخطر، وإذا كان الهدف الحقيقي هو حياتهم- كما نتمنى- وليس الهيبة المزعومة للدولة، فالتفاوض هو الطريق.