أحدثت خيارات الدكتور هشام قنديل في التعديل الوزاري الأخير، حفيظة غالبية القوى السياسية سواء كانت إسلامية أو مدنية، بسبب عدم قدرة الكل على إخضاع تلك الاختيارات لمعايير واضحة فلا الانتماء السياسي وحده كاف أو حتى الخبرات المهنية والوظيفية قادرة على تفسير وتبيان تلك المعايير، للحد الذي دعا العديد من القوى السياسية للمطالبة بالكشف عن تلك المعايير بشكل علني، رغم أن تلك مسئولية ما قام بالاختيار حسب سيتم محاسبته سياسيًا في الانتخابات المقبلة على تلك الاختيارات. يمكن القول أن ضغوط عاملي الوقت حيث مر أكثر من أسبوعين دون الوفاء بالتعديل الحكومي، واعتذار العديد من القوى السياسية سواء داخل تيار الموالاة أو حتى المنافسة داخل أحزاب جبهة الإنقاذ قادت إلى إخراج مشهد التغيير بالحالة التي رأيناها، شخصيات خارج إطار الحسابات السياسية. أكد تلك الحقيقة اعتذارات حزبي النور والمصري الديمقراطي عن شغل أي مناصب بالتعديل الأخير، فسرها الدكتور شعبان عبد العليم الأمين العام المساعد لحزب النور بعدم جدوى التعديل لكون التعديل حسب وجهة نظر الحزب كان يجب أن يشمل الوزارات التي لها علاقة مباشرة بالانتخابات المقبلة، وتحديدًا مجلس النواب لطمأنة القوى المعارضة، فيما فسر الدكتور محمد أبو الغار عدم مشاركته حزبه رغم تلقي دعوة رسمية من الرئاسة بسبب عدم وفاء الحكومة بشروط جبهة الإنقاذ التي تم التوافق عليها. الأمر الذي جعل العديد من تلك القوى تُعبر بلهجة حادة عن ردود فعله إزاء شخوص هذا التعديل الوزاري، كان أكثرهم تعرضًا لهذا الانتقاد وزيري الدولة لشئون المجالس النيابية المستشار حاتم بجاتو، والتخطيط والتعاون الدولي الدكتور أحمد محمد عمرو دراج. من جانبه أبدى الدكتور خالد علم الدين المستشار السابق لرئيس الجمهورية والقيادي بحزب النور تحفظات على اثنين من المجموعة الاقتصادية هما وزيري التخطيط عمرو دراج والاستثمار يحيي حامد, قائلاً: بات واضحًا للجميع أن جماعة الإخوان المسلمين يبحثون للأخير عن وزارة، فتارة نسمع أنه مرشح للاتصالات، وأخرى للكهرباء، وأخيرًا استقر في وزارة الاستثمار، كأنه جوكر يضعونه في أي مكان، إلا أننا مع احترامي لشخصه في زمن يحترم الخبرة والتخصص. وتساءل علم الدين ما هي المهارات الفائقة التي ترشح شخصًا لكل هذه الحقب الوزارية؟ أما الجبهة الحرة للتغيير السلمي فقد تساءلت من جانبها عن المزايا التي تجعل مؤسسة الرئاسة والحكومة تكافئ بها عمرو دراج الذي فشل في الحصول على مقعد بمجلس الشعب عن دائرة الدقي وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة؟ وهل لهذا ارتباط بقدرته المتوقعة على إقناع صندوق النقد الدولي بأهمية حصول على القرض بقيمة 4.8 مليار دولار المتعثر حتى الآن. فيما واعتبرت حركة 6 أبريل أن مجيء الدكتور فياض عبد المنعم حسنين إبراهيم كوزير المالية، يستهدف وضع المزيد من الشروط المجحفة للطبقات المتوسطة والفقيرة، وإلغاء الدعم، وتساءل محمد عادل القيادي بالحركة عن الأسباب التي دعت الرئاسة لتغيير وزير المالية للمرة الثالثة، هل هي الورطة الاقتصادية التي لم يستطع من سبقوه حلها منفردين وخارج سياق الإجماع الوطني، أم العمل على إرضاء صندوق النقد ومؤسسات التمويل الدولية على حساب الطبقات الفقيرة. إلا أن المستشار بجاتو نال القسط الأوفر من الانتقادات، ففي الوقت الذي أثني فيه عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة على اختياره لما وصفه بالخبرة الطويلة التي يتمتع بها في فهم الدساتير والقوانين والتشريعات، وقال عنه أيضًا خالد الشريف المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية إنه اختياره يحسب للرئيس محمد مرسي لكونه تم على الكفاءة والخبرة المهنية، إلا أن ممدوح إسماعيل رئيس لجنة حقوق الإنسان بنقابة الصحفيين أحد الرموز السلفية طالب بتدشين حملة ضده بعنوان " يسقط بجاتو" وتهكم على اختياره في التعديل الأخير بحجة إحداث خلخلة في صفوف المعارضين واسترضاء المخالفين، وقال إذا كان الأمر هكذا فلما لم تعين المستشارة تهاني الجبالي وزيرًا للعدل، كما طالب بالتحقيق معه في واقعة هروب المجموعة الأمريكية التي كانت متهمة في قضايا التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع الأهلي المصري. واعتبر وجود الدكتور دراج بالحكومة محاولة من الإخوان الزج بمرشحهم متجاهلين حالة الاحتقان السياسي ضد تعيين وزراء من الجماعة. إلا أنه أثني على اختيار المستشار أحمد سليمان وزيرًا للعدل مؤكدًا أنه يتمتع بنزاهة وأمانة تؤهله لهذا المنصب الرفيع. من جانبه طالب المستشار أحمد الفضالي منسق عام تيار الاستقلال بالتحقيق الفوري مع المستشار بجاتو مسئول لجنة الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يثير حسب وجهة نظره شبهات عديدة حول دوره في الاتهامات المثارة حول تزوير نتيجة انتخابات الرئاسة. كما قرر التيار التقدم ببلاغ عام للنائب العام ومجلس القضاء الأعلى للتحقيق بشأن هذا الترشح. كما اعتبر الدكتور باسم خفاجي المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب التغيير والتنمية وجود اسم المستشار نجاتو في التعديل الوزاري بمثابة السقوط بعينه ويفتح الباب للحديث عن صفقات سياسية مريبة بين الإخوان المعارضين السياسيين.