الكاردينال الأرجنتيني، جورج ماريو برجوجليو، الذي انتخبوه ليلة الأربعاء خليفة للمستقيل بنديكتوس السادس عشر، متورط بخطف كاهنين في سبعينات القرن الماضي بيونس آيريس، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني لقناة العربية. الخبر الذي قد يبدو صاعقا ومفاجئا، قديم ولاحت أولى خيوطه بدءا من 2003 عبر وشوشات في أروقة الكنائس ببلاد التانجو، ثم عبرت الحدود بالبريد الإلكتروني والرسائل إلى حلقة ضيقة من كرادلة الحاضرة الفاتيكانية، طبقا لما طالعته "العربية.نت" في أرشيفات صحف أرجنتينية عن عملية الخطف، التي حاول الحبر الأعظم الجديد نفيها فيما بعد، ولم يفلح تماما. أهم ما قام به برجوجليو، الذي أصبح مطرانا في 1998 لبيونس آيريس ثم كاردينالا عام 2001 بالفاتيكان، لتلميع صورته ونفي ما حدث هو إيحاؤه لمؤلفين بتأليف كتاب عنوانه "اليسوعي.. حوارات مع الكاردينال جورج برجوجليو" فأصدره مؤلفاه سيرجيو روبين وفرانشيسكا أمبروغيتي قبل عامين، وعبره نفى أي علاقة له بالخطف والتعذيب في الأرجنتين. وكان الكتاب ردا على آخر صدر في 2005 ليؤكد شبهة الخطف بوثائق عن تعاون برجوجليو "اللوجستي" مع جنرالات الحكم العسكري "لأنهم والكنيسة كانوا بخندق واحد ضد عدو مشترك، وهو التنظيمات الشيوعية والثورية الماركسية الناشطة لتغيير النظام إلى ثوري إلحادي مرفوض طبعا من الكنيسة"، بحسب تعبير مؤلف كتاب "الصمت" الصحافي الأرجنتيني أوراسيو فيربيتسكي. ومن وثائق الكتاب شهادة حية لأورلاندو يوريو وفرانسيسكو خاليكس، الزميلين للكاهن مثلهما آنذاك، جورج برجوجليو، ومثله كانا من اليسوعيين أيضا وفي كنيسة واحدة، فأكدا أنه قام بتسليمهما إلى قيادة البحرية بسبب إجرائهما اتصالات مباشرة مع بعض التنظيمات الماركسية، المناسب نشاطها لما كانا يقومان به لمساعدة الطبقات الفقيرة في ضاحية لبيونس آيريس الجنوبية. كما تضمن الكتاب تفاصيل شكوى تقدم بها محامي حقوق الإنسان، مارسيلو باريللي، ضد برجوجليو لخطفه زميليه، واستند فيها لما ورد في كتاب "الكنيسة والنظام الدكتاتوري" لمؤلفه اميليو ميغنوني، المتضمن معلومات موثقة أيضا عن شبهة الخطف. وفي الكتاب أن الكاهنين اختفيا تماما ولم يعد يظهر لهما أثر "ولا حتى تحدث بشأنهما أحد، ولم ينته الغموض المحيط بقصتهما إلا بظهورهما فجأة على قارعة الطريق، وهما مخدرين ونصف عاريين"، بحسب ما روي عن برغوغليو، الذي ذكروا في مواقع لبنانية اليوم الخميس أنه يضع في مكتبه صورة القديس اللبناني، شربل مخلوف، من دون ذكر لمصدر هذه المعلومة. والاتهامات بالتعاون مع الزمرة العسكرية في الأرجنتين لا تطال البابا الذي اعتمد اسم فرانسيس الأول ليعرف به بعد انتخابه أمس، فما أن مضت أيام قليلة على تنازل ملكة هولندا الشهر الماضي عن العرش لصالح ابنها وولي عهدها، حتى تقدم ناشطون حقوقيون هولنديون، وللمرة الثانية، ببلاغ ضد جورج زورغييتا، والد زوجة ولي العهد، الأميرة مكسيما. يتهمون زورغييتا، وهو أرجنتيني، بأنه كان على علم بجرائم القتل والاختطاف والتغييب حين كان وزيرا للزراع في حكومة الدكتاتور جورج رافاييل فيديلا، المتهم وحده بقتل 8 آلاف من معارضين، يزعم جنرالات النظام العسكري أن ما حدث "كان مما يصعب تجنبه في الصراع الداخلي" وفق المنقول عنهم، مما راجعته "العربية.نت" أيضا. أما كتاب "الصمت" الذي لا يزال في المكتبات إلى الآن، فيؤكد بوثائق نشرها أن الكنيسة كانت ذراعا روحية ضد من تم اعتقالهم للتعذيب إلى درجة أنها باعت للحكومة العسكرية جزيرة تبعد 40 كيلومترا عن بيونس آيريس "ليستخدمها القادة كمعسكر اعتقال بعد أن ضاقت السجون بنزلائها المعارضين" كما قال. والمحاكم أكدت أيضا أن الخطف والتعذيب كانا منهجيين، وهو ما اعترف به أيضا المتهم الرئيسي فيديلا، بوصفه كان أعلى قيادة عسكرية والحاكم الفعلي للبلاد زمن نظامها الدكتاتوري، لذلك ينزل مع بعض قياداته ومساعديه "ضيوفا" إلى الأبد وراء القضبان الأرجنتينية، وقد أصبح عمره 87 سنة.