لم يكن المشهد السياسي الذي تعيشه البلاد وأحداث الاشتباكات التي اندلعت مع احتفالات الذكري الثانية لثورة 25 يناير بين قوات الأمن والمتظاهرين، تنبئ بمرور مظاهرات جمعة "الخلاص" بشكل سلمي دون وقوع أي اشتباكات، ورصدت "بوابة الأهرام" أحداث 10 ساعات في محيط الاتحادية، تعرض خلالها القصر لأول مرة في التاريخ إلي حرائق علي أسواره، في هذه السطور. بدأت مظاهرات جمعة الخلاص عقب الانتهاء من صلاة الجمعة، وتجمع أمام قصر الاتحادية نحو ألف متظاهر منعتهم الأمطار الغزيرة من الهتاف أو الوقوف في جماعات، حتى هدأت الأمطار وبدأت التجمعات في الجهة المقابلة لأبواب القصر، والتي شيد فيها المتظاهرون منصة صغيرة للهتاف، وفي المقابل تمركزت مجموعات صغيرة من أفراد الأمن المركزي أمام أبواب القصر وخلف أسلاك شائكة تفصل بينهم وبين المتظاهرين. وفي الثالثة عصرا بدأت تتوافد المسيرات إلي قصر الاتحادية وتضم مئات المواطنين، وبينهم مسيرتان قادمتان من مسجد النور بالعباسية وتضم أكثر من 5 آلاف مواطن وبينهم عدة حركات سياسية وشعبية وحزبية، ومسيرة قادمة من مسجد ربعة العدوية وتضم نحو ألفي متظاهر، وضمت المسيرتان عددا من الرموز الشعبية والشخصيات العامة مثل عمرو حمزاوي وخالد علي وممدوح حمزة ومدحت العدل وجمال العدل وبسمة وغيرهم. اتسمت التظاهرات بالسلمية لأكثر من ساعتين ونصف الساعة من جانب المتظاهرين، ولم يخرج أحد عن السلوكيات العامة أو محاولة افتعال أي مشاكل، وانحصرت سلوكيات آلاف المتظاهرين الذين تجمعوا في محيط قصر الاتحادية، في الهتاف ضد النظام الحالي والمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي واقالة الحكومة وعدم شرعية الدستور الجديد وحل البرلمان. وفي الخامسة والنصف من مساء جمعة "الخلاص"، حاول بعض من مثيري الشغب رفع الأسلاك الشائكة من أمام أبواب القصر، الأمر الذي أدي إلي فتح أبواب القصر قبل المواجهات المباشرة بين الشرطة والمتظاهرين، ودخل أفراد الأمن المرابطين أمام أبواب القصر إلي الداخل، وبدا سيل من إلقاء زجاجات المولوتوف علي أسوار القصر وبداخله من جانب بعض مثيري الشغب والذين انضم إليهم أعداد من حركة "البلاك بلوك"، بالإضافة إلي إلقاء الحجارة وإطلاق الألعاب النارية، وهو الأمر الذي تسبب في شب حرائق داخل القصر واندلاعها في عدة أشجار علي سور القصر، وذلك لأول مرة في تاريخ قصر الاتحادية أن تشتعل النيران علي أسواره بسبب غضب جماهيري ومواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين. وفي المقابل بدأت قوات الأمن بالرد علي المتظاهرين من خلف أسوار القصر بإلقاء الحجارة ورش المياه علي الأشجار المشتعلة قبل أن تنطلق إلي باقي السور وإخمادها، بالإضافة إلي رش المتظاهرين بالمياه لإبعادهم عن محيط القصر، ومع تطور الأحداث وزيادة حدة العنف من الجانبين، أطلقت الشرطة وابلا من القنابل المسيلة للدموع في عدة اتجاهات لتفريق المتظاهرين، ونجحت في ذلك بعد مرور أكثر من نصف ساعة من الاشتباكات غير المباشرة. ومع ابتعاد المتظاهرين بمئات الأمتار عن محيط قصر الاتحادية بسبب رائحة الغاز المسيل للدموع وسقوط العشرات في صفوف المتظاهرين باختناقات، خرج أفراد الأمن وقوات الشرطة من أبواب القصر، وتم دعم القوات بأربع سيارات مدرعة تابعة لقوات الأمن المركزي، مع استمرار إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين لمسافات أطول عن محيط القصر، إلا أن المتظاهرين استمروا في تجميع أنفسهم وألقوا الحجارة علي قوات الأمن. وفي حوالي الساعة السابعة والنصف مساء، تراجع المتظاهرون لمسافات طويلة داخل شارغ الميرغني بعيدا عن القصر لشدة رائحة الغاز، وقامت قوات الشرطة بإضرام النيران في خيام المعتصمين التي تقع بالجهة المقابلة للقصر، والسيطرة التامة علي محيط القصر. ومع مرور الوقت لم تجدي القنابل المسيلة للدموع مع المتظاهرين، بالرغم من سقوط المئات من المصابين، إلا أن الرياح وبرودة الجو كانتا في صالح المتظاهرين، حيث كانت الرياح تتجه صوب قوات الأمن، وبالتالي رائحة الغاز تذهب ناحية أفراد الأمن، وسخونة الدخان كانت تجعلها ترتفع سريعا في ظل برودة الجو، كما قام المتظاهرين بالإمساك بالقنابل وإلقائها في شوارع خاوية وداخل أسوار نادي هليوبوليس ومنهم من قام بإعادتها إلي قوات الأمن، لإبعادها عن المتظاهرين. ومع دقات الساعة التي أشارت الي العاشرة مساء، زادت أعداد السيارات المدرعة وارتفع الدعم لقوات الأمن، وقاموا بهجمات شرسة علي المتظاهرين وإلقاء مئات القنابل المسيلة للدموع من جميع الاتجاهات، الأمر الذي أدي إلي تراجع المتظاهرين إلي شارع الخليفة المامون وتقدم قوات الأمن لمسافات أطول بعيدة عن محيط القصر، واستمرار عمليات الكر والفر وسقوط المئات. ثم تطورت حدة الشراسة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين، وتم إطلاق طلقات الخرطوش علي المتظاهرين، وسقط العشرات من المتظاهرين بإصابات بالخرطوش في مناطق مختلفة بالجسم، وتم نقلهم إلي سيارات الإسعاف، وهو الأمر الذي تسبب في حدة الصراع واشتعال الغضب من جانب المتظاهرين اتجاه قوات الأمن. وقبل ساعة واحدة من بدء يوم جديد، تقدمت قوات الأمن الي بداية شارع المرغني وسيطرت علي منطقة شارع الخليفة المامون، واطلقت القنابل المسيلة للدموع والخرطوش علي المتظاهرين في جميع الاتجاهات، وتوقع المتظاهرين أن الهدف من التقدم تشييد حاجز خرساني لمنع المتظاهرين من التقدم. وفي الثانية عشرة مساء بدأت قوات الأمن في التراجع إلي محيط قصر الاتحادية مرة أخري، مع إطلاق العشرات من القنابل المسيلة لمنع المتظاهرين من التقدم خلفهم، إلا أن المتظاهرين الذي وصل عددهم إلي بضعة آلاف سرعان ما جمعوا أنفسهم مرة أخري، وانطلقوا خلف قوات الأمن باتجاه القصر، وفوجئ المتظاهرون بعدم تشييد القوات المسلحة للجدار العازل، ووقوف قوات الأمن أمام أسوار القصر بمئات الأمتار، وهو الأمر الذي تسبب في اندلاع الاشتباكات مرة أخري بمحيط القصر، واستمرار عمليات الكر والفر حتي الساعات الأولي من صباح اليوم، مع استمرار حدة الهتاف والمطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس مرسي