ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في عددها الصادر، اليوم الأحد، أن الحرب الضارية بين السُنّة والشيعة لم تستثن أحدًا في ظل ما تتخذه هذه الحرب من أشكال الاغتيالات والمجازر والاعتقالات والاضطهاد، التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى حتى الوقت الراهن. وأضافت الصحيفة البريطانية - في مقال تحليلي نشرته اليوم وأوردته على موقعها الإلكتروني - أن غير المسلمين، والكثير من المسلمين، يلاحظون بالكاد هذا الصراع المتصاعد الذي جعل الأقلية الشيعية في العالم الإسلامي تواجه الأغلبية السنية، لافتة إلى أن معظم ضحايا هذه الحرب خلال السنوات الأخيرة هم من الشيعة في أغلب الأحيان. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن الاحتكاكات بين السنة والشيعة قديمة قدم العلاقات التاريخية بينهما، إلا أنها اتخذت أشكالا أكثر ضراوة في الوقت الذي تمكن فيه الخميني من إزاحة نظام الشاه في إيران عام 1979، وإقامة دولة شيعية ثورية محله. وقالت الصحيفة: "ويبدو أن الحرب العراقية -الإيرانية في الفترة ما بين عامي 1980 و1988 قضت على الآمال الإيرانية في نشر الثورة إلى دول الجوار، إضافة إلى أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 تمخض عنه بزوغ نجم دولة العراق كدولة شيعية، علاوة على ذلك، أصبح يسيطر على بغداد أغلبية شيعية ساحقة، نتيجة للحرب الأهلية بين السنة والشيعة في العراق في الفترة ما بين عامي 2006-2007". ونقلت الصحيفة عن أحد العراقيين الشيعة قوله "نحن أول دولة عربية يحكمها الشيعة منذ عهد الفاطميين الذين حكموا مصر قبل800 عام". ورأت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية - في تحليلها - أن الإنقسام بين السنة والشيعة الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في ظل تنامى المؤشرات بانزلاق الحرب السورية لتصبح طائفية بالكامل، سيضع الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاءها الغربيين أمام عدة معضلات جديدة في المنطقة المشتعلة. ولفتت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة ساعدت من خلال إسقاط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقت الغزو الأمريكي للعراق، على تمهيد الطريق أمام صعود إيران، الأمر الذي جعل واشنطن تسعى بالتالي للحفاظ على السلطة القديمة نفسها في العراق من خلال الطراز القديم للاحتلال، وهو ماانتهى بصورة كارثية بطبيعة الحال. وتابعت الصحيفة قولها "إلا أنه مع بداية عام 2007 ، انتهجت واشنطن إستراتيجية جديدة تعرف في البيت الأبيض ب"إعادة التوجيه"، والتي تجعل السياسة الأمريكية معادية بدرجة أكبر لإيران، وبالتالي تقف في صفوف السنة ضد الشيعة ، مشيرة إلى أن هذه الإستراتيجية قادت واشنطن نحو مواجهة مفتوحة مع طهران، وجذبتها للانخراط في موجة جديدة من الصراع الطائفي واسع النطاق بين مسلمي الشيعة والسنة في بعض أجزاء المنطقة. ونتيجة لذلك، عزت الصحيفة نجاح ثورات الربيع العربي جزئيا إلى ما بات يكتنف واشنطن من رغبة ملحة في صعود نجم تيار جديد في المنطقة تمثل في وصول التيار الإسلامي المعتدل في بعض دول الربيع العربي إلى سدة الحكم، الأمر الذي قد يغلق الباب أمام الجهاديين الذين يسعون إلى شن حرب مقدسة.