برهنت مصر على نفوذها الإقليمي بشأن القضية الفلسطينية، بالوساطة بين الفصائل وإسرائيل لوقف الصراع المستمر منذ أكثر من أسبوع في غزة، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 200 فلسطيني، ودعمها لقطاع غزة وعلاج مصابي الاعتداءات الإسرائيلية بالمستشفيات المصرية وإرسال 65 طنًا من الأدوية والمستلزمات الطبية. وأكدت وزيرة الصحة المصرية تجهيز 11 مستشفى بمحافظات شمال سيناء والإسماعيلية والقاهرة، ودعم شمال سيناء ب 37 فريقا طبيًا في مختلف التخصصات الطبية لعلاج مصابي الاعتداء الإسرائيلي. ووجه الرئيس السيسي، بفتح المستشفيات المصرية لاستقبال الجرحى والمصابين من قطاع غزة، كما أمر الحكومة بالتنسيق مع الفلسطينيين بالقطاع للوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها. وجاء إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، تقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، ليقطع الطريق أمام المشككين في موقف القاهرة من الأحداث العنيفة والمأساة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. سبق لمصر أن توسطت فى وقف إطلاق النار عام 2014 بعد حرب استمرت لأسابيع بين الفصائل وإسرائيل، هذا يؤكد أن مصر لديها من القوة والقدرة الدبلوماسية، ما يؤهلها دون غيرها في الحل ومعلوم للقاصي والداني أن أي تطور في القضية الفلسطينية لا يمكن أن يمر إلا عبر القاهرة، حتى لو أخذنا في الاعتبار أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا وأن هناك أطراف عربية تعمل بشكل أو بأخر في هذا السياق. المعنى الحقيقي لإعلان الرئيس السيسي، عن نصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة؛ يعكس وضع القضية الفلسطينية الحقيقي في نفوس المصريين، ويعيد إلى الأذهان جملة الرئيس السيسي التي أراد من خلالها توصيل رسالة إلى العالم بأن الإرهاب لن يتوقف طالما استمر العدوان الإسرائيلي وطالما أنه لا حل للقضية الفلسطينية. أيمن الرقب القيادي في التيار الإصلاحي لحركة فتح وأستاذ العلوم السياسية، قال في تصريحات ل"بوابة الأهرام": إن الرئيس السيسي منذ توليه مقاليد الأمور في مصر وهو يعمل من أجل استيعاب الأزمات المتعلقة بفلسطين، بداية من الانقسام الداخلي مرورا بالأزمات المادية لقطاع غزة، وصولا إلى العنوان الرئيسي وهو استعادة الحقوق المسلوبة من الشعب الفلسطيني والتعامل مع الغطرسة الإسرائيلية وفق قواعد القانون الدولي، مشيرا إلى أن القاهرة تحركت على المستوى السياسي بمحاولتها استصدار قرار من مجلس الأمن، وإرسال وفود أمنية للتوصل إلى نقطة يمكن عندها أن تضع الحرب أوزارها. دلالة أخرى تكمن في إعلان الرئيس السيسي عن المساهمة في إعادة إعمار غزة والمدن الفلسطينية، كأول رئيس عربي يتحدث في هذا السياق لتسليط الضوء على ماتم تدميره من بنية تحتية، وإعطاء إشارة إلى الزعماء والقادة العرب بأن هناك معركة أخرى ستبدأ بعد أن تضع الحرب أوزارها، وهي معركة الإصلاح والإعمار، وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. يقول الدكتور جهاد الحرازين – أحد كوادر حركة فتح بالقاهر وأستاذ علوم سياسية- إن خطوة الرئيس السيسي هي بارقة أمل وسط ما يعانيه الشعب الفلسطيني من عدوان، مؤكدا أن مواقف القاهرة تؤكد دائما لكل العابثين أن مصر هي السند والداعم الرئيسي، وعليها مسئولية كبيرة في دحر العدوان الإسرائيلي وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، مقدما الشكر للرئيس السيسي وكافة مؤسسات الدولة المصرية التي أثبتت أن فلسطين هي فعلا امتداد لأمن مصر القومي. وطالب السفير الفلسطينيبالقاهرة دياب اللوح بضرورة تعزيز صمود المقدسيين على أرضهم في الشيخ جراح وعدم تهجيرهم قسرا، والحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية واحترام قدسيتها لأن القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك خط أحمر، وطالب بإيقاف جرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين على أهالى الضفة الغربية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني على أرضه، مثمنا الدول المصري في هذا السياق. وحسب مراقبين فإن الحديث عن إعادة الإعمار يعطي انطباعا بأن هناك تقدما في المفاوضات الدائرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لاسيما بعد الحديث عن وفود مصرية تقود جهود الوساطة، وما ينقله الإعلام عن تفاهمات بين الطرفين، وضغوط دولية تدفع في هذا الاتجاه، خصوصا ما يعلن من الجانب الإسرائيلي عن الخسائر المادية والبشرية، وأن فاتورة الحرب تكلفتها عالية على الجميع.