أعرب ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، عن قلقه البالغ بشأن ما تضمنته مسودة الدستور المصري، والتى تم الإعلان عنها ونشرها اليوم الأحد. أشار أمين إلى أنه تثور العديد من بواعث القلق، بشأن توفير نصوص مسودة الدستور المشار إليها، لحماية دستورية فعلية والالتزام باتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية لكفالة حماية هذه الحقوق وضمان الممارسة العملية لهذه الحقوق والحريات. وأضاف أمين، فى بيان اليوم، أنه تبين من الاطلاع على النصوص والأحكام ذات الصلة بالحقوق والحريات الواردة في مسودة الدستور، أن العديد من هذه النصوص، ونتيجة للصياغة الفضفاضة لها، تفهم على أنها نصوص توجيهية، لا تلزم المشرع العادى بأن يفعل شيئا، الأمر الذي يجعل هذه الحقوق فارغة المضمون. أشار أمين إلى أن هذه النصوص مفتقرة لأى تدابير تشريعية أو قضائية أو إدارية لحمايتها وكفالة ممارستها، كاستخدامه تعبيرات "مصونة، مكفولة" بديلا عن التعبيرات ذات الصلة بحماية الحقوق واتخاذ تدابير لكفالة ممارستها، الأمر الذي يتناقض مع مفهوم الوثيقة الدستورية التي تعني الإلزام لكل سلطات الدولة. وأعرب أمين عن قلقه من عجز المادة 75، التى تعلق ممارسة كل الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثانى من مسودة الدستور، بعدم تعارضها مع الأحكام الأساسية للدولة والمجتمع الواردة في الدستور، وهى الأحكام الواردة في الباب الأول، والتى صيغت نصوصها بعبارات يغلب عليها الطابع الإنشائي والصياغة الفضفاضة غير المحددة. أكد أن هذا الأمر يمثل تهديدا خطيرا لكل الحقوق والحريات الواردة في الباب الثانى من مسودة الدستور، متمثلا في ترك سلطة تقديرية واسعة للمشرع العادى لفرض قيود على ممارسة الحقوق والحريات العامة وتضيق نطاق ممارسة هذه الحقوق. كما أشار إلى وجود العديد من التناقض بين مواد مسودة الدستور بعضها البعض في مجملها، بل يزداد التناقض ليصل إلى أحكام المادة الواحدة، كما في المادة 50 على سبيل المثال التى تنص على حرية إنشاء النقابات المهنية، ثم يأتى عجز المادة ليقرر أنه لا تنشأ سوى نقابة مهنية واحدة لكل مهنة. وأعرب أمين عن دهشته من تصدى مواد الدستور للعديد من الأحكام التى لا ترتقى لمصاف النصوص الدستورية، ولا حتى التشريعات العادية، وإن كانت من حيث صياغتها وأحكامها تتشابه إلى حد كبير مع اللوائح التنفيذية للقوانين والتشريعات العادية. ولفت أمين الانتباه إلى أنه خلت مسودة الدستور من تلك النصوص والأحكام التى تشير إلى تجريم الجرائم ضد الإنسانية وعدم تقادمها، وهى الجرائم التى قد ترتكبها الأنظمة ذاتها بحق شعوبها، إضافة إلى تجاهل مسودة الدستور لاحترام المواثيق والتعهدات ذات الصلة بحماية حقوق الإنسان، وتجاهل وضعيتها في سلم الهرم التشريعى الداخلى.