دخل العالم ومصر في القلب منه، دوامة جائحة كورونا للعام الثاني، ولكن هذه المرة، جاءت آثارها بصورة وصفها الخبراء بأنها أشد قسوة وضراوة وفتكا، انعكس على قطاعات عديدة من قطاعات الدولة، ومن أهمها قطاع التعليم، حيث استمر التعلم عن بعد الوسيلة الأنجح والأساسية المكملة للتدريس في قاعات المدارس و الجامعات. هذا يجعلنا نتساءل، كيف يمكن تقييم التجربة في مصر بعد عامين؟ وماذا يقول عنها الخبراء؟ ماذا يمكن أن نضيفه من خطوات وآليات للاستفادة من التعلم عن بعد، سواء لمواجهة جائحة كورونا أو أية عوامل طارئة قد نواجهها وتتسبب في تأجيل التعليم عبر المنابر الدراسية؟ أولياء الأمور وتقبل التجربة في البداية، ترى الدكتورة زينب محمد حسن خليفة، أستاذ تكنولوجيا التعليم ومدير مركز تطوير التعليم الجامعي بجامعة عين شمس، بأن الطلاب وأولياء الأمور في بداية التجربة العام الماضي، كان تقبلهم لفكرة التعليم عن بعد ضعيفة، لكون تقبل فكرة التعليم الإلكتروني كانت جديدة، وهذا شيء هام وجيد. ولكن مع هجمة كورونا في عامها الثاني، وشعور الطلاب وأولياء الأمور بالخوف من المرض والعدوى، دفعهم لتقديم مناشدات باستكمال الدراسة أون لاين عن طريق التعلم عن بعد. وفي المقابل قامت الدولة بتبني فكرة التعلم عن بعد وتوفير منصات تعليمية على الإنترنت. ومازالت هناك خطوات مهمة نتمنى تحقيقها لتدعيم هذه التجربة، ومنها تقوية شبكات الإنترنت لتحقيق التواصل المستمر بين الطلاب والأدوات التعليمية الإلكترونية، والتواصل بين الطلاب بمختلف المراحل التعليمية وبين المعلمين وأساتذة الجامعات، وبدون أعباء مالية على الطلاب والمعلمين، بأن يتم توفير باقة إنترنت مجانية يحصل عليها الطلبة أو من خلال كارنيه المدرسة أو الجامعة، وبذلك نكون سهلنا على الطلاب الدخول للمواقع التعليمية على الإنترنت، وتبقى مشكلة تقييم الطلاب عبر التعلم عن بعد، التي لم نستطع بعد التحكم فيها، مع التخوف من حدوث مشكلات كالغش الجماعي. ولكن يمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال قيام الطالب بفتح الكاميرا في جهازه ليشاهده المراقب، والعمل بنظام التايم (الوقت) حتى لا يضيع الطالب وقت الامتحان ولا تكون هناك فرصة للغش. ومن الأمور الهامة كما تقول الدكتورة زينب، ضرورة الاهتمام بتدريب المعلمين على إستراتيجيات جديدة للتفاعل مع المنصات الإلكترونية والتواصل والتفاعل مع الطلاب، من بينها علي سبيل المثال إستراتيجية التعلم التشاركي، وإستراتيجية الصف المعكوس، باعتبارها وسيلة من وسائل التفاعل بين الطلاب والمعلمين، يقوم خلالها المعلم بتسجيل درس للطلاب يستمعون إلى شرحه في المنزل، ثم يسردون ما فهموه من الدرس وتطبيقة في الفصل الدراسي، وكذلك إستراتيجية التعلم القائم على المشروعات لصقل مهارات الطلاب. القنوات التعليمية الفضائية والأرضية تقول الدكتورة بسمة محرم الحداد، خبيرة تكنولوجيا التعليم بمعهد التخطيط القومي، إن التعليم عن بعد يساهم في حل مشكلات تواجهنا في التعليم خاصة في ظل جائحة كجائحة كورونا، أو في ظل أية مشكلات طارئة، وهناك جهود مبذولة من الدولة لدعم التعليم الإلكتروني، ولكن تبقى تحديات نتمنى تخطيها لتعزيز هذا النوع من التعلم المهم. ومن أهم الخطوات التي يجب العمل عليها تعزيز شبكة الإنترنت وتقويتها، لتصل إلى كل المناطق بالجمهورية ومنها القرى وأطراف المحافظات النائية. وهذا لا يقلل من جهود الدولة في العمل حاليا على تطوير القرى، ولكن لا زالت هناك بعض القرى التى تعاني من عدم وصول شبكة الإنترنت إليها، أو ضعف في سرعة الإنترنت، لأن توفير الإنترنت للطلاب يتيح لهم التعامل مع التطبيقات المختلفة، كتطبيق زووم وغيره من التطبيقات، علاوة على المنصات التعليمية المختلفة، وبدون توفير الإنترنت لجميع الطلاب وبالسرعة والكفاءة المناسبة يكون تقييم الطلاب أمرا صعبا وغير متساو. أما اتجاه الدولة لتعزيز قدرتها في خدمة العملية التعليمية، وإطلاق القنوات التعليمية الفضائية والأرضية، فتري الدكتورة بسمة، أنها فكرة جيدة تمكن الكثير من الطلاب من مشاهدة شروحات الدروس عبر شاشة التليفزيون لمن لا يمتلكون إنترنت أو الإنترنت عندهم ضعيف، ولكن ذلك يدعو الجامعات المصرية إلى التوسع في استخدام تكنولوجيا التعليم. التوفير الدائم للإنترنت يقول الدكتور عبدالناصر حسين رياض زايد، أستاذ الحاسبات و المعلومات بجامعة الزقازيق والعميد الأسبق للكلية: لقد طالبت منذ عشر سنوات بتطبيق التعليم عن بعد، لذا جاءت الفرصة حينما ترأست عمادة كلية الحاسبات والمعلومات في جامعة الزقازيق، وكان أمرا مهما أن أعمل على دعم التعلم عن بعد وتشجيع الطلاب والأساتذة على هذا الرافد التعليمي الهام، وجاءت جائحة كورونا فعززت من هذه الرؤية، وأجبرت كل الناس على استخدام منصات التعليم الإلكتروني. واستطرد قائلا: "للتعليم الإلكتروني أهمية كبيرة وفوائد عديدة، ويمكن تطبيقها جميعا على الحالة المصرية والاستفادة منها، حيث إن التعليم الإلكتروني سينعكس بلا شك على مزيد من التطوير للمناهج الدراسية بصورة تجعلها أكثر تفاعلية بين الطالب والمعلم وأكثر جذبا للطلاب، وبعيدة كل البعد عن الملل في العرض. ومن فوائد التعليم الإلكتروني أنه سيحل مشكلة تعاني منها مصر وهي التكدس، حيث يحل التعليم الإلكتروني مشكلة التكدس في الفصول الدراسية، كما أنه يخفف من العبء المالي في إنشاء المزيد من المؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية. ومن المنظور البيئي فإن استخدام التعليم الإلكتروني يقلل من التزاحم والتكدس المروري والكثير من المشكلات التي نعاني منها. وقد أدركت الدولة أهمية التعليم الإلكتروني وتعمل على تدعيمه، ولكننا في دولة يوجد بها 40 مليون طالب، فالعمل يسير لتحقيق هذا الهدف، ولكننا إذا استطعنا توفير الكهرباء في كل المناطق بصورة منتظمة، وتوفير دائم للإنترنت وزيادة في حجم تدفق البيانات ستكون إجراءات جيدة جدا لدعم التعليم الإلكتروني.