قالت الكاتبة الروائية سلوى بكر إن كتابة التاريخ هي كتابة تستهدف إعادة التساؤل عن تاريخنا، حيث يتم لي عنق التاريخ والتلاعب به في اتجاه الأكاذيب المعاصرة والمصالح. جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقُد مساء أمس السبت بصالون سالمينا، لمناقشة رواية "وطن الجيب الخلفى" للكاتبة منى الشيمى، فى لقاء أداره الكاتب الصحفى إيهاب الحضرى، وشارك فيه الكاتبان شريف العصفورى وحزين عمر. ورأت بكر أن الرواية محل النقاش تحمل قيمة أساسية فى هذا الإطار حيث لا تسقط القديم على الجديد ولكن تسقط المعاصر والآنى على القديم، ولكن ربما الأهم هو إيجاد متخيل روائى وبناء عوالم روائية من لاشيء، وربما يعيدنا هذا الأمر إلى عبارة أرسطو المهمة وهى الفرق بين الشعر والتاريخ. وأوضحت أن التاريخ يروى عما حدث بالفعل ولكن الشعر يتناول ما يمكن أن يحدث، فالشعر هنا كان المقصود به الدراما والتراجيديا والكوميديا، إذن كل الشخصيات الغنية التى رأيناها فى الرواية هى من صناعة الكاتبة والتى تبعث بمجموعة من الخطابات وتطرح جملة من الأسئلة ربما أهم سؤال جاء عن مفهوم الوطن، وهو سؤال جذري فى هذه الرواية. وأشارت بكر إلى أن الرواية تمتلك إمكانية قراءة متعددة من أكثر من منظور منها منظور الوطن والهوية، كما تطرح هذا الأمر من خلال شخصية فى حالة شد وجذب. تبقى هنا أم تبق هناك؟، تكون ذاتها أم تكون ظلالاً للآخر؟ هل الوطن يكون وطناً يوضع فى الجيب الخلفي أم وطنا محمولاً فى أى مكان يوجد الإنسان فيه؟ هل الوطن هو الجغرافيا، إذن سؤال الوطن كبير جداً. وتستطرد: السؤال الأخر عن موقفنا مما يدور الآن، حيث أن الشخصية المحورية أيضاً هى فى حالة من الصراع، وهل تساهم فى تزييف التاريخ بمجرد وضع اسمهما على هذا العمل، إذن هذه الرواية على المستوى التاريخى هى عمل جيد استطاع بالفعل أن يمسك بمرحلة تاريخية ويلفت انتباهنا لخطورتها. على المستوى الفنى للرواية تقول بكر إن منى الشيمى لديها طرائق تعبيريه تحقق المقولة القاموسية لتعريف الإبداع وهو "الإنشاء على غير مثال" ومن هنا يتحقق إبداعها منذ الصفحات الأولى للعمل، كونها ابتعدت عن القولبة التعبيرية. وفى قراءته للنص أجاب الشاعر والكاتب حزين عمر عن سؤال الكاتب إيهاب الحضرى بشأن تصنيف الرواية وما أذا كانت تاريخية أم لا؟ حيث رأى حزين بأن هذه الرواية ليست تاريخية ولكنها حديثاً عن الآثار بمستويات مختلفة، الآثار هوية، الآثار تزييفاً وتزويراً، الآثار نهباً وسرقه، الآثار تجارة، الآثار فقداناً للوعى لدى المصريين ووعياً بها لدى الغرب، الآثار هنا جزء من مصادر التاريخ. وتابع: إذا شئنا أن نتحدث عن تحتمس على سبيل المثال يمكن أن نرجع إلى المعابد التى أنشأها والكتابات التى سجلها ثم بعد ذلك نعرف المعارك التى خاضها وما إلى ذلك، إذن هى ليست رواية تاريخية ولكنها تعالج الآثار كقيمة وكجزء من بنية الهوية الوطنية وجزء مما لحق بتاريخنا من تزوير، لكن المتكئ الأساسى للروائية هنا أنها تبدأ من خلال بطولة شخص بعينة وهو ناصر عمران بطل الرواية الذى اتسم بالتأمر والانتهازية. ورأى أن الكاتبة تمسك بخيوط العمل بشكل جيد حيث تتحرك على مستوى الأزمنة والأمكنة فى أوقات متباينة، فضلاً عن امتلاكها لطاقة شعرية فى الرواية. ولديها مجموعة قصص داخل الرواية ترتكز على اللقطات الثرية فى القصة. وفى قراء ثالثة للكاتب العصفورى قال أن الأدب الجيد هو الذى يطرح الأسئلة ومن ثم سوف أسعى لتفجير الأسئلة بالرواية وبالفعل تسأل عن الوصايا العشر، كما تحدث عن فكرة تقديس النص، كما طرح سؤالاً مفاده: هل الأدب وظيفته تأكيد الأساطير التاريخية أو الدينية والمعتقدية أو التماهى معها؟. حيث أن كل الجماعات البشرية لديها أسطورة عن خصوصيتها؟ ويواصل تساؤلاته: هل عندما يكتب الكاتب رواية يفند هذه الأساليب ام يتماهى معها حيث نعانى من مشكلة التعامل مع الأساطير؟ هل طريقة الكتابة فى الأدب تحتاج ان تخبرنا من نحن ومن هم الآخرين؟ ويستكمل: أرى أن النص الأفضل هو النص الإنسانى الذى يوجه الناس جميعاً بنفس المنطق الإنسانى ولا يخاطب الغير بوضعه فى مرتبة ادنى ولا يخاطب نفسه بالتسامى.