العلم يؤكد مقامها الرفيع.. والتمييز يغيّب إشراق المبدعات في المجالات الإنسانية.. والتعتيم الإعلامي يعرض إنتاجهن للكساد! العولمة عدو المرأة الخفي.. يهتك القيم ويشق الصف الأسري ويصدّر الأنثى كسلعة تُباع وتُشترى المرأة المصرية هبة الله.. مصنع الرجال.. مصدر الأمان والاستقرار العاطفى.. وعلى مدار رحلة البشرية يشهد تاريخنا منذ الفراعنة وحتى الآن أنها شريكة الحياة.. مدبرة لأسرتها.. قائدة لسفينتها.. هكذا كانت شهادة عالمات فضليات فى ذكرى الاحتفال بيوم المرأة المصرية والعالمى، مؤكدات أن العولمة عرضت المجتمع المصري لتحولات اجتماعية واقتصادية ساهمت في تهتك النسق القيمي وتفسخ العلاقات الأسرية. وأكدن أنه يتم تهميش المبدعات الرائدات في مجالات إنسانية أكثر إشراقا، ناهيك عن التعتيم الإعلامي المضروب حولهن والذي عرض إنتاجهن للكساد، موضحين أنه ينبغي التفريق بين تكريم الإسلام للمرأة والظلم الواقع لها. وأشارت العالمات إلى أن معاناة المرأة المصرية تعود لمشهد اجتماعي واقتصادي وثقافي وديني معقد، طارحات عددا من أسس العلاج الشافى لوضعها الحالى، وقضايا أخرى تتناولها «الأهرام التعاونى» فى سطور التحقيق التالى. وقالت الدكتورة سهير صفوت أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس: المرأة، تلك الهبة التي وهبها الله برقتها وحنانها، فهي الأم وهي الأخت وهي الزوجة وهي البنت، وهي مصدر الأمان والاستقرار العاطفي في محيطها الأسري، وهي مصنع الرجال، مضيفة أن الله حبا المرأة المصرية منذ بدء التاريخ وضعا مميزا حتى ألهمت الشعراء والفنانون والكتَّاب، إلا أنَّها تعاني من العديد من المشكلات ومنها علي سبيل المثال التمييز، الذي يظهر في أبشع صوره في المثل الذي يميز في المعاملة بين المرأة التي تنجب ذكراً والتي تنجب أنثى إلى الدرجة التي تقتنع الأنثى بأنها بالفعل هم وابتلاء، وعندما تدخل سن البلوغ يصبح مصيرها مرهونا بمزاج ذكور العائلة. وتابعت: يتخذ العنف الأسري الموجه ضد المرأة أشكالاً متعددة والتي تبدأ بالعنف البدني (الضرب – الركل – الصفع) وتتسع لتشمل العنف النفسي، والذي يعتبر من أخطر أنواع العنف، وهو شائع في جميع المجتمعات الغنية والفقيرة، متقدمة أو نامية وله آثاره المدمرة على الصحة النفسية، ويرجع هذا النوع من العنف إلى القيم الثقافية والتقليدية التي تكرس دونية وتبعية المرأة، والتي تبدو في التمييز بين الذكر والأنثى في مرحلة التنشئة الاجتماعية، وهناك أيضاً العنف الاقتصادي والذي يحرم المرأة من حقوقها التي شرعها الله تعالى لها وهو ما يؤثر بالسلب عليها ويزيد من دونيتها، ومع تعرض المجتمع المصري لتحولات اجتماعية واقتصادية بفعل العولمة ساهمت في تهتك النسق القيمي وتفسخ العلاقات الأسرية في ظل سماوات مفتوحة تبث قيم وثقافات إباحية مغايرة لقيم وثقافة المجتمع المصري. أما العنف الاقتصادي، فيثير حرمان المرأة من الميراث إشكالية تتعلق بتأثير هذا الحرمان على البناء الأسري وانهيار العلاقات داخل الأسرة الواحدة. وأكملت: أما في المجال الأسري الخاص، فهناك اضطراب في علاقة المرأة بالرجل داخل مؤسسة الزواج، فكل امرأة مهما كانت جميلة لا يمكن لها أن تجمع درجات الإثارة المبثوثة في مئات من غانيات الفضاء، وتشتد الأزمة عندما يغيب الوازع الديني والأخلاقي عن العلاقة الزوجية، وهي بلاشك رؤية عولمية تفرض رؤية وحيدة تجعل المجتمع الإنساني لا يرى في المرأة إلا مشروعاً جنسياً ويبدو ذلك في النماذج النسائية التي يتم تسويقها وإبرازها كمثل أعلى مثل الممثلات وملكات الجمال والراقصات، وكلهن حاملات لرسالة الجسد، وبفعل التلميع الإعلامي لهن تتم قولبة أذواق الأجيال وتسطيح طموحاتها في الوقت الذي تخدَّر عن مشكلات شعوبها من أمية وفقر واستبداد، بالمقابل يتم تهميش المبدعات والرائدات في مجالات إنسانية اللواتي أكثر إشراقاً وهن موجودات لكن التعتيم الإعلامي المضروب حولهن عرض إنتاجهن للكساد. وأكدت أن الإسلام رفع مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، ولذلك ينبغي التفريق بين تكريم الإسلام للمرأة والظلم الواقع لها وقد يعود مجمل هذه المعاناة، إلى مشهد، اجتماعي اقتصادي ثقافي ديني، معقد بأهدافه ومتخلف بأدواته، فرض علينا ازدواجية بين الفكر والممارسة لإضفاء الشرعية الدينية على التقاليد والقيم ومواقف الرجال من المرأة، وبين دعوات التحرر التي تقتحمنا. ومن صور إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدى الباطشة؛ فأمرها بالحجاب والستر، والبعد عن التبرج، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعن كل ما يؤدى إلى فتنتها، ومن صور إكرام الإسلام لها أن أمر الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، والحذر من ظلمها والإساءة إليها، بل ومن المحاسن -أيضا- أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة. ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن يضرب زوجته، وجعل لها الحق الكامل فى أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أن ترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليف واجب وفي المجتمع الإسلامي،تحددت امتيازات الرجل وتقلصت فاعليتها، كما جعل الدين الجديد للمرأة نصيباً معلوماً في نظام التوريث، تأكيداً لأهمية المرأة ووجودها في التكوين الإنساني، وتطبيقاً لنظريته في وجوب التكافل بين أفراد الأسرة الواحدة، والمرأة غير ملزمة ولا مكلفة بالإنفاق على أسرتها، حتى لو كانت تملك المال، في حين يُكلف الرجل ويُلزم، بإعالة زوجته وأولادهما. أما دينا السعيد أبو العلا استاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنصورة فقالت: المرأة أساس صلاح المجتمع فإذا صلحت المرأة صلح المجتمع، ذلك أنها السفينة التي تحمل الأسرة دون كلل فهى المسؤول الأول عن عملية التنشئة الاجتماعية وغرس القيم والمبادئ فى نفوس الأبناء، وإذا ما نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدنا أنه كرم المرأة حيث منحها كافة الحقوق والواجبات وحافظ على كرامتها وأوصى الرجال بأن يكونوا أمناء في قوامتها، وقد ذكر الرسول الكريم العديد من الأحاديث التى تحث على ضرورة الاهتمام بالمرأة والنظر لها نظرة تقدير واحترام كقوله[ «رفقا بالقوارير»، «استوصوا بالنساء خيرا»، «اتقوا الله فى الضعيفين المرأة والطفل الصغير»، وغيرها من الأحاديث. وتضيف أن تكريم الإسلام للمرأة سبق تكريم العالم لها، فإذا ما نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدنا أنه كرم المرأة حيث منحها كافة الحقوق والواجبات وحافظ على كرامتها ففى وصية الله للإنسان بوالديه خص الله الأم بذكرها كيف حملته وهنا ووضعته ووهن، كنوع من التأكيد على أهمية دور الأم والمرأة فى الحياة، كما خاص الله سورة كاملة فى القرآن باسم سورة النساء ليبين فيها الله الأحكام والشرائع الخاصة بهن. وعن المرأة المصرية توضح د. دينا أننا إذا نظرنا للمرأة المصرية لوجدنها منذ القدم وهى تظهر فى النقوش والرسوم الفرعونية بجانب الرجل تعمل معه فى الحقول والمزارع، وتتولى المناصب فى الدولة حتى صارت ملكة فى الكثير من الأحيان، بل يظهرها التاريخ وهى الأم والزوجة الشجاعة التى تسعى لتحرير أرضها وتزرع فى أبنائها فكرة صيانة الأرض والعرض، وفى التاريخ الحديث نماذج رائعة لسيدات مصريات تحدين كل العقبات من أجل تحقيق أهدافهن والوصول إلى درجات علمية واجتماعية راقية، ويحضرنى موقف المرأة المصرية البسيطة فى بورسعيد ومدن القناة أثناء العدوان الثلاثى على مصر، وكيف تصدت النساء لهذا الغزو دون النظر إلى أدوات للقتال أو أسلحة أو خوف من عدو لقد كان هدفهن صيانة الوطن والدفاع عنه، ودورها فى عملية التنمية فهى المعلمة والطبيبة والمهندسة والعالمة والفنانة والكاتبة والشاعرة والأم والزوجة والابنة والأخت، هى من نقف عندها نبحث عن الأمن والأمان والعاطفة والكلمة الطيبة، وهى جزء أصيل فى بناء المجتمع تحث على الاهتمام به خطط التنمية من أجل الوصول إلى مجتمع قادر على تحقيق الاستقرار والتقدم دون تمييز. وتحدثنا الدكتورة رباب البصراتى مدرس علم الاجتماع الاعلامي بكلية التربية جامعة عين شمس قائلة: المرأة اساس اي مجتمع اذا صلحت صلح المجتمع بأكمله فهي النواة الأساسية للمجتمع فهي الأم والزوجة القائمة على تربية الأبناء والقدوة الحسنة لهم في كافة المواقف الحياتية، ويتم الاحتفال على مستوى العالم باليوم العالمي للمرأة تقديرا لها ولمجهوداتها وانجازاتها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وحول التحديات المجتمعية العديدة التى تواجه المرأة تضيف الدكتورة رباب البصراتى: المرأة تواجه العديد من التحديات المجتمعية من أهمها الموروثات الثقافية التي تنظر إليها على أنها مواطن من الدرجة الثانية، وأنها أدنى منزلة من الرجل، بل وحددت أدوارها داخل نطاق الأسرة كزوجة وأم فقط، بدون أن يكون لها أي دور اجتماعى او اقتصادي أو تنموي داخل المجتمع، ووصل الأمر إلى معاقبة المرأة في حال خروجها عن هذا الإطار المحدد، وهذا بالطبع يتنافي مع وضع المرأة في الاديان السماوية التي كرمتها وأعطتها مكانة مساوية للرجل في كافة الحقوق والواجبات. كما تواجه المرأة عددا من التحديات الاجتماعية والاقتصادية خاصة من خلال مساهمتها في النشاط الاقتصادي حيث تبرز البطالة بين صفوف النساء بأعداد كبيرة جدا مقارنة بالرجال نتيجة لعدم إقبال أغلب القطاعات على تشغيل النساء بحجة إرتفاع نسب الغياب بين النساء العاملات نتيجة أعبائها الاجتماعية، ونتيجة لذلك تتجه معظم النساء للعمل داخل القطاع غير الرسمي بدون اي حماية قانونية. وتقول الدكتورة أمل شمس أستاذ ورئيس قسم الفلسفة وعلم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس: المرأة من الناحية «العددية» نصف المجتمع، ومن الناحية «الفعلية» فاعل رئيس فيه: فهي الأم: المربية المُعلمة الداعمة، وهي الزوجة: المُساندة، وهي الأخت: العطوفة، وهي الأبنة: الراعية، وهي سيدة البيت: المُدبرة لأمره، وهي العاملة: في كل المجالات؛ الطب- الهندسة- التدريس...إلخ، وقد طالبت المرأة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بل والإنسانية منذ القدم، وظلت أوضاعها ومكانتها تتأرجح بين التمكين أحيانا، والتهميش والاستبعاد أحيانا كثيرة، هذا لا ينفي حصول النساء في كثير من المجتمعات والحضارات على حقوقها حتى وصلت لوظائف متميزة. تضيف الدكتورة أمل شمس: أما عن أوضاع المرأة في الإسلام، قبل أكثر من 1400 عام، فقد ضمن الإسلام للمرأة حقوقها في الحياة والنشاط الاقتصادي والملكية والأهلية المستقلة في التصرف في ممتلكاتها ورأس مالها، مع مسؤولية الأب أو الأخ أو الزوج عن الإنفاق عليها، وقد كرمها الإسلام في عدة صور، منها: الحث على اختيار شريكة الحياة ذات الدين، وشريك الحياة ذو الأخلاق، لضمان بيئة اجتماعية محترمة ومناسبة لتنشئة البنات والأولاد تنشئة صالحة نافعة للمجتمع، وتحريم عادة وأد البنات التي كانت منتشرة قبل الإسلام، انطلاقًا من أن البنت تأتي بالعار لأسرتها، وكرم الإسلام المرأة بالحفاظ على «حقها في الحياة» قبل إعلان حقوق الإنسان بأكثر من 1300 عام.