هناك صراع خفى بين القوى المتصارعة حول العالم العربي.. إن القضية ليست فقط عودة روسيا إلى المياه الدافئة فى سوريا وليبيا وليست أطماع إيران فى دول الخليج.. ولكن هناك صراع مؤجل بين تركياوإيران وكل الشواهد تؤكد ذلك.. إن القوات التركية توجد فى سورياوالعراق والنفوذ الإيرانى بلا حدود فى العراقوسوريا ولبنان .. وهناك تنافس كبير بين الدولتين فى قضايا التسليح.. بل إن المنافسة اقتربت كثيراً من القدرات النووية.. ولا شك أن الأطماع واحدة بل إن الأزمات متشابهة والأدوار أيضا.. إن كل طرف يؤجل الصدام لأن هناك مواجهات أخرى أمام إيران هى قضايا الخليج وأمريكا وإسرائيل وأمام تركيا الاتحاد الأوروبى خاصة فرنسا وقبرص واليونان.. وقبل هذا كله هناك صراع سنى شيعى لايمكن إسقاطه خاصة أننا أمام نموذجين متعارضين تماما حضاريا ودينيا.. لأن إيران مازالت تعيش حلم ثورة الإمام الخمينى وتركيا مازالت فيها بقايا أفكار كمال أتاتورك.. ورغم قرب المسافة بين إيرانوتركيا إلا أن هناك تناقضًا شديدًا فى كل مظاهر الحياة والعقيدة.. من هنا فإن الصراع مؤجل رغم أن هناك لحظات قليلة توحدت فيها الأهداف والمصالح؛ خاصة أننا أمام حضارتين كانت لهما أدوار كبيرة فى صنع التاريخ.. يبقى السؤال عن موقف العالم العربي أمام هذه التوقعات خاصة أن الأطماع عادة تتجه إلى مناطق الضعف وليس مناطق القوة.. إن جوانب المنافسة بين إيرانوتركيا تتسم بالغموض لأنها تتعلق بمصادر القوة العسكرية.. وكلاهما حقق إنجازات غير مسبوقة فى صناعة السلاح المتطور خاصة الطائرات بدون طيار والصواريخ البالستية.. لقد استفادت إيران من العقوبات الأمريكية وتوصلت إلى إنتاج أنواع من الأسلحة المتطورة.. كما أن تركيا حققت طفرات فى إنتاج الأسلحة من خلال عضويتها فى حلف شمال الأطلنطى والقواعد الأمريكية فيها.. إن أمام كل دولة حسابات عاجلة تُصفيها ولكن الصراع بينهما قادم حتى ولو تأخر بعض الوقت.. ويبقى السؤال الأهم أين ستكون إسرائيل فى هذا الصراع الذى قد يطول كثيرًا خاصة إذا تحول إلى صراع ديني وعقائدي لا أحد يعرف مداه.