العراك بين الأشقاء والخلافات التى تقع بينهم من الأمور المعتادة فى البيوت وغالبا لا يتم الانتباه إليها أو تصنيفها نوعا من العنف أو التنمر ولكن دراسة حديثة لجامعة «ورويك» البريطانية دقت ناقوس الخطر إلى التأثيرات السلبية الناتجة عن العنف المتبادل بين الأشقاء التى تصل إلى حد التنمر، وأشارت إلى أن 28% من المراهقين تعرضوا للتنمر فى صغرهم سواء بالضرب او الإساءة اللفظية او الإقصاء او نشر الشائعات والأكاذيب والاتهامات الباطلة من جهه شقيق واحد او اكثر وأكدت ان التنمر العائلى يقع فى اغلب العائلات بصرف النظر عن المستوى الاقتصادى للعائلة او وجود عائل واحد أو اثنين فيها وفى الاغلب الاعم يقع فى العائلات التى تضم أكثر من طفلين والشقيق الاكبر هو غالبا الأكثر تنمرا واما الضحية فهو غالبا الشقيق الاصغر ولفت الباحثون إلى ان التنمر داخل الأسرة هو نتيجة للمنافسة على الموارد المتناقصة فى العائلة سواء كانت مادية أو معنوية مثل اهتمام الوالدين ومودتهم، فيلجأ الاطفال الى الهيمنة على أى شيء يشعرون بأنهم يخسرونه. ونبهت الدراسة الى ان هذا النوع من التنمر له تأثير التنمر الخارجى نفسه فهو يؤثر على النمو العقلى والسلامة النفسية للطفل وتمتد آثاره السلبية إلى ما بعد النضج تؤثر سلبيا على شخصية الضحية، ليصبح اكثر حساسية و أقل ثقة بالنفس و اقل اجتماعية وتتضاعف لديه مشاعر الكراهية والشعور بالغبن و لا يكون أمام الضحية اى مهرب من تسمم العلاقة بينه و بين أقرب الناس له. وتوضح الدكتورة نانسى ماهر، استشارية العلاقات الأسرية والمراهقين، أن هناك تعاركا بين الأخوة فى كل بيت وهذا يبدأ من سن ستة أشهر مع وجود أخ أكبر بسنة أو سنة ونصف السنة سواء نزاع على شيء محدد أو أن كلا منه يريد الوصول لشيء ما أولا فى تنافس غير صحى من أجل حب مشروط بإنجاز معين. وأشارت إلى أن عدم هناك أسبابا عديدة للخلافات بين الاخوة بعضها تأتى من داخل البيت مثل الغيرة بين الأشقاء نتيجة عدم المساواة فى المعاملة داخل الأسرة، أو بتفضيل أحد الاخوة على الآخر سواء ماديا أو معنويا مع وجود مقارنات مستمرة تشعل شحنات من الغيرة فيما بينهم. كما أن النزاع الأسرى بين الأب والأم يتسبب فى وجود شحنات غضب عند الأطفال تؤدى بدورها إلى المشاجرات فيما بينهم فهناك أسباب خارجية للخلافات مثل تعرض الابن او الابنة للتنمر خارج البيت أو أنه لا يستطيع الوصول لشيء يريده أو أنه مطالب بمستوى عال من المثالية و إنكار الذات سواء فى المدرسة أو المنزل أو قد يكون غير اجتماعى كل ذلك يؤدى إلى وجود شحنات غضب تظهر داخل البيت وأقرب من يستطيع تفريغ غضبه فيه هم أخوته خاصة فى فترة البقاء فى المنزل بسبب فيروس كورونا. كل تلك الأسباب تؤدى فى البداية إلى مشاجرات عادية ثم تزيد وتصل لدرجة التنمر عندما لا يصل الأب والأم لقرار حاسم لوضع حدود واضحة وهناك خطوات لمعرفة ما اذا كانت هذه الشجارات وصلت إلى درجة التنمر أم لا، فالطفل قد يعيد الفعل مرة أخرى حتى يغيظ الأم أو أخوته هذا إذا كان الطفل عدوانيا ولا نستطيع أن نحكم على الطفل بأنه متنمر من موقف او اثنين ونشاركه فى السخرية والضحك من الشقيق الاخر، وعلى الوالدين الانتباه والملاحظة وعدم الهجوم على الطفل من أول مرة واستخدام درجات التأديب ابتداء بالعتاب الهادئ مع توضيح تأثير فعله على ضحية الفعل والتعامل بهدوء مع الطفل المتنمر والتحدث معه على انفراد وتنبيهه بأن هذا الفعل يحرج أخاه أو أخته. الخطوة التالية إذا تكرر الفعل مرة أخرى فذلك يعنى أن الطفل يدخل فى بداية طريق التنمر وقد يكون يشعر بالزهو و تحقيق الذات بالتنمر على الآخرين أو أن من حوله يشاركه الضحك على ما يقوم به فيزداد اغتباطا لكن أخطر ما يفعله الآباء هو التجاهل أو المبالغة فى العقاب و التعنيف لذلك فى تلك المرحلة يجب التحذير أولا ثم ثانيا الحزم مع التحذير بعقاب قاس يختاره الطفل بنفسه وإذا تكرر الفعل فلابد من تنفيذ العقاب الذى أختاره وعلى الأم الاهتمام بنفسية الابن الضحية ومنحه المزيد من الحب والاحترام و مساعدته على تقوية ثقته بنفسه وتخبره عن بعض الإجراءات الحازمة التى اتخذتها مع اخوته المتنمرين. كما تغرس فيه مفاهيم التسامح وفى الوقت نفسه تعلمه وضع حدود مع الشخص المؤذى. وتنصح دكتور نانسى ضرورة تبادل الاحترام داخل البيت، لأن الوالدين دائما ما يكونان قدوة لأبنائهم، بالاضافة إلى زرع مبادئ دينية وأخلاقية فى الطفل بعدم السخرية من الآخرين وأخيرا خلق فرصة للتعلم وزرع الفضيلة مع غرس مفهوم التعاطف و استخدام وسائل مساعدة كمشاهدة فيديوهات للتوعية ضد التنمر ومناقشة الطفل عن الآلام النفسية لضحايا التنمر وعن الفعل نفسه أو التحدث معه عن شخصية الطفل المتنمر فى المدرسة وتأثير فعله هذا على نفسه وعلى ضحية التنمر.