تتسبب ميزانية البيت فى الكثير من الخلافات داخل الأسرة سواء حول تحديد بنود المصروفات الأكثر أولوية أو مسئولية كل طرف من الزوجين عن الإنفاق على هذه البنود مما يثير مشكلات عدة داخل البيت تنتهى إما بأن يتفق الزوجان على آلية الانفاق وإما يظل الخلاف والشجار قائما فى دائرة مفرغة تتكرر كل يوم . وأحيانا يستمر الشجار على الرغم من الاتفاق فرغم كل الخطط الموضوعة تطفو على السطح فجأة نفقات لم تكن فى الحسبان. تقول نهى منذ أن دخل الأولاد المدرسة وزوجى لا يريد المساهمة بالإنفاق فى البيت سوى بمبلغ قليل شهريا مكتفيا أنه بدفع المصروفات الدراسية وتحملت أنا باقى مصاريف البيت بالإضافة إلى دروسهم الخصوصية ولا يقبل بأى زيادة يدفعها ودائما ما يقول «مفيش فلوس كملى انت..أنت بتشتغلى ومعاك فلوس». اما رشا فتعمل هى وزوجها فى نفس المكان ولهذا فهو يعرف راتبها وهى أيضا إلا أنه لا يريد أن يعطيها أى مصروف للبيت ويقول لها أنا سأشترى كل ما تريدين ولكن بالطبع لا يشترى كل ما تطلبه ويحتاجه البيت وكثير من الأوقات يشترى ما يكفى كل وجبة على حدة وكلما عاتبته أجابها قائلا: انت معاك فلوس راحت فين؟ وتضطر بالطبع لاستكمال مصاريف البيت من طعام وشراب وفواتير ومستلزمات. مها زوجة وأم لطفلين راتبها أعلى من زوجها وتقول بعد سلسلة طويلة من المشكلات اتفقت مع زوجى على أن يتحمل كل واحد منا مصاريف طفل فى المدرسة ونترك إحتياجات البيت إلى الظروف ومن معه يدفع وينتهى الحال بأننى انفق كل راتبى ولا يتبقى لى منه شئ يذكر. هدى لديها وجهة نظر أخرى فهى لا تساهم فى البيت من راتبها على الإطلاق وتقول راتبى ملكى وأنفقه على نفسى فقط فالحياة غير مضمونة فلماذا أدفع فى المنزل وهى مسئولية الزوج لذلك فإننا نعيش على راتبه فقط ومدارس أولادنا ومستوى معيشتنا فى حدود راتبه وعندما كان يطلب منى فى بداية الزواج أن أشارك كنت أرفض تماما وأقول له «مش مسئوليتى» وأدبر كل شىء فى البيت بما يعطينى فقط حتى أننا استبدلنا مدرسة ابنى بمدرسة أخرى بمصروفات أقل لأنه لا يستطيع دفع مصروفات المدرسة السابقة وقلت له إنه ابنك سيدخل مدرسة على قدر امكاناتك ولن أدفع فارق الزيادة وتنهى كلامها قائلة: الدنيا مش مضمونة فلوسى دى بتاعتى. الدكتورة منى حافظ أستاذة علم الاجتماع ترى أنه حتى لو كان هناك اتفاق تظل الخلافات قائمة فى الغالب و اضافت أن المرأة شاءت أم أبت فإنها تنفق على بيتها لأن الرجل لم يعد هو نفس الرجل فى الماضى وفى العصر الحالى طفا على السطح نموذج الرجل اللامبالى بمسئولياته بينما فى الماضى كان الرجل يتسم بالشجاعة والإيثار و«الجدعنة» وكان يتحمل المسئولية كاملة كما كانت لديه حساسية شديدة تجاه أن تقوم الزوجة بالانفاق فى المنزل حتى لو كانت تعمل وكان يجد حرجا فى ذلك, اليوم لم يعد اغلبهم يجدون غضاضة وأصبحت المسئوليات تثقل كاهل المرأة وكأنها تعاقب على خروجها للعمل وتدفع ضريبته على كل المستويات ومشاركة المرأة فى نفقات بيتها يجب أن تكون كنوع من المساعدة فالحياة مشاركة ولكن ليس من باب الطمع لبعض الأزواج والمفاجأة أن الجيل الجديد من الفتيات يعود مرة أخرى إلى المنزل فى ردة من قبل الإناث للمكوث فى البيت نتيجة للمعاناة التى عاشها جيل الأمهات. وتضيف أن على المرأة أن تدرك إن لها ذمة مالية وعلى الرجل أن يراجع نفسه فى ظل قوامته على الأسرة بما أنفق كما نصت الشريعة. كما أن استنزاف الموارد المالية للمرأة جعلها تشعر بالإحباط والاكتئاب والظلم والكراهية الدفينة وصارت كما لو كان حبها ليس خالصا بل مدفوع الأجر مقابل استمرار حياتها الزوجية وبقائها فى البيت وأثقلت بالأعباء النفسية والجسمانية والاجتماعية والإحساس بالدونية ومع ذلك أنا لست مع الرجوع إلى البيت ولكن مع وضع حدود وترتيب للأولويات ونصيحتى للنساء أن يدركن حقوقهن فمساهمتهن فى المصاريف ليست مقابل الوقت المستقطع من البيت ومن تقول إنها تضحى من أجل الأولاد فى نهاية الأمر سيقولون إنهم لم يطلبوا هذه التضحيات ويجب أن تكون مشاركتها بمحض إرادتها وببعض دخلها و ليس كله ولابد من الاتفاق على الأمور المادية قبل الزواج وعدم ترك الأمر للظروف وعدم الخجل من الحديث فى هذه المسائل حتى لا تجد المرأة نفسها متورطة فى حمل المسئولية بالكامل.