مستديرة ومستطيلة ومربعة..كبيرة وصغيرة..فى الحمام وفى غرفة النوم وفى السيارة ...تتعدد أشكال وأحجام وأماكن وجود المرايا التى ننظر فيها عدة مرات خلال اليوم الواحد. أمام سطحها اللامع تغسل الأسنان والوجوه وتحلق الذقون وتوضع مساحيق التجميل وتعقد رباطات العنق ويتم التأكد من هندام المظهر الخارجى ككل. ولكن فى الحقيقة أن علاقة الانسان بالمرآة تتجاوز تلك الأغراض التزيينية، وتختلف من مرحلة عمرية إلى أخري. ووفقا للتطور النفسى للشخصية قد تصبح عدوا و فى أحيان أخرى صديقا. ففى الطفولة المبكرة تكون المرآة مصدرا للفضول والبهجة اذ يتعرف الطفل على صورته لأول مرة فتدفعه للابتسام وقد يحاول تقبيلها.ربما هى فطرتنا أن يعجبنا ما خلقنا الله عليه ونشعر بالرضا. ولكن مع مرور السنوات ودخولنا فى مرحلة المراهقة قد تشوش كثيرا نظرتنا لأنفسنا نتيجة طفرة الهرمونات وتعليقات الآخرين على شكلنا وصفاتنا. وبالتالى تضطرب علاقتنا بالمرآة بصورة كبيرة ويكون ذلك الاضطراب أقوى لدى الفتيات بالطبع.قلة منهن يقعن فى غرام انعكاس صورتهن فى المرآة ويصبحن أسيرات فى سجن السطحية والأنانية تماما مثل الملكة الشريرة فى قصة سنووايت صاحبة الجملة الشهيرة: مرآتى يا مرآتى من هى الأجمل فى العالم. أما الغالبية فتحاولن تفادى النظر فى المرآة حيث لاترين فيها إلا العيوب الظاهرية من امتلاء فى الجسم أو حبوب فى الوجه و غيرها.بالنسبة لهن تحولت المرآة إلى ألد الأعداء بسبب تشبعهن بالتعليقات السلبية ممن يحيطون بهن والتنمر على شكلهن والتى قد تترك آثارا غائرة مهما يحاول أشخاص آخرون محوها فى المستقبل. وللأسف أسهمت المنصات ومواقع التواصل الاجتماعى فى تعميق كراهية كثيرات لصورهن فى المرآة أو حتى فى الكاميرا، نتيجة مقارنتها فى اللاوعى بالنماذج المزيفة للجمال التى تطل عليهن كل يوم عبر الشاشات بعد أن تلاعبت بها عمليات التجميل وفلاتر عدسات التصوير.فى الحالتين يتوقف المحبون والكارهون للمرآة عند شكلهم الخارجى أى مجرد الإطار ولم يدققوا كثيرا فى الصورة ليتعرفوا على أنفسهم حقا ويدركوا كيف يفكرون وبما يشعرون. فكما نستخدم المرآة لتفقد المظهر يمكننا استغلالها فى مراجعة الجوهر وادراك مصادر قوتنا لتعظيمها ونقاط ضعفنا لتقويمها،وبالتالى إعادة تقييمنا لذواتنا. وعلى عكس الموروثات الشعبية التى تحذرنا من إطالة النظر فى المرآة أو التحدث إليها حتى لا نصاب بالغرور أو الجنون ينصحنا خبراء علم النفس بإمعان النظر إلى أنفسنا فى المرآة لعدة دقائق يوميا بل وتوجيه رسائل ايجابية تحفيزية لها تساعدنا فى زيادة ثقتنا بأنفسنا وقدراتنا على مواجهة التحديات.نعم فلتنظر إلى نفسك فى المرآة وأخبرها بأنك تحبها كما هى، لا تريد أن تكون مثالية ولكن فقط أن تحرص على أن تخرج أفضل ما لديها وتتمسك بآمالها وأحلامها.