أحمد عبدالتواب أثبت بعض خصوم وحيد حامد، بعد وفاته مباشرة، ودون قصد منهم، أنه كان مُحقاً فى نقده لهم وتحذيره من تعصبهم وتطرفهم وضيق أفقهم، ومن جهلهم بالدين، وانغلاقهم على أنفسهم، ورفضهم معرفة الآخرين أو الانفتاح عليهم! ثم جاءوا هم، فى إعلان شماتتهم بوفاته، ليضيفوا أيضاً غِلظتهم ومعاداتهم لطبيعة المصريين، الذين يسقطون المسائل الشخصية فى الخصومات والعداءات والثارات بمجرد الوفاة. وأما إذا كان لدى المصريين خلافات فكرية أو عملية مع الشخصيات العامة، فلا يشتمل التعبير عنها إبداء الشماتة فى الموت، على الأقل لأنها تتعارض مع طبيعة المتحضرين الذين يحترمون الموت. لم يدرك هؤلاء الشامتون الحقيقة الساطعة التى لو حاولوا رصدها والتفكير فيها قليلاً لتبين لهم أن تفاصيل حياة ووفاة وحيد حامد تثبت خطأهم، لأن مجرد الشماتة فى الموت، حتى لو كان من المقبول أن يُسَلِّم أحدٌ نفسَه لمثل هذه المشاعر الهمجية، تفترض أن الموت قد اختصّ وحيد حامد وحده، وكأن بقية البشر خالدون، وكأنهم هم أنفسهم لن يموتوا يوماً ما! ثم إن الموت لم يعاجله، وإنما امتدت حياته حتى اقترب من الثمانين، وهى سن متقدمة بقياس متوسط أعمار مجتمعه. ثم إنه نال فى حياته تكريماً عظيماً لم يتحصل عليه سوى قِلّة. ثم إنه نَعِم طوال حياته، وحتى آخر يوم، بحب وتقدير رسمى وشعبى من المصريين ومن الدول العربية والإسلامية، بل حتى، أثناء جنازته، التى حرص على المشاركة فيها عدد كبير من كل الفئات، رغم التقييد بسبب جائحة كورونا، وكان الحزن فى وداعه بادياً على الجميع، حتى أن أسرته هى التى طلبت من المشاركين أن ينفضوا بعد الجنازة، وأنه لا عزاء مراعاة للتدابير الاحترازية خشية انتشار العدوى. وأما الخطر الذى يستحق النظر إليه بجدية، ففى أن بعض من أشهروا شماتتهم طواعية، ودون أن يورطهم أحد، هم من طلبة الأزهر، المرشحين بعد تخرجهم لوظائف الدعاة والأئمة والوعاظ، والذين سوف يكون عليهم مهمة إرشاد الناس دينياً إلى ما يجب وما لا يجب، وما يجوز وما لا يجوز.