عبدالله عبدالسلام قبل الغزو الأمريكى للعراق 2003، ترددت شائعات مفادها أن أجهزة المخابرات الأمريكية تعلم كل صغيرة وكبيرة عن صدام حسين، لدرجة أنها تعرف ماركة ملابسه الداخلية. يومها كان الهدف كسر المعنويات، وللأسف هناك من العرب من صدق الكذبة وروج لها. الأجهزة نفسها، تقف الآن عاجزة عن معرفة أو مواجهة أكبر حملة اختراق إلكترونية تتعرض لها أمريكا منذ سنوات. القرصنة تعادل بالضبط هجمات 11 سبتمبر 2001، عندما وقفت واشنطن بلا حول ولا قوة إلا من توزيع الاتهامات. مئات إن لم يكن آلاف المؤسسات الحكومية والشركات جرى اختراقها منذ مارس الماضى دون أن يستيقظ أحد ويعرف أنه تم قرصنته. هيئات تصرف مليارات الدولارات على اكتشاف التجسس الإلكترونى لا تدرى شيئا. عمليات الاختراق مازالت قائمة، وليس هناك رصد حقيقى للأضرار. المخترقون لا يستهدفون، على ما يبدو، شل عمل المؤسسات أو التلاعب بالبيانات الحساسة. إنهم، حسب خبراء، يريدون فهم آليات اتخاذ القرار لدى مستويات القيادة العليا بأمريكا. ولأن الجهل سيد الموقف، فإن العدو جاهز لتوجيه الاتهام إليه. إنها روسيا. جسمها «لبيس» حسب التعبير اللبنانى. كل وسائل الإعلام الأمريكية وصولا لوزير الخارجية بومبيو، اتهمت موسكو بالمسئولية دون دليل معلن. قد تكون روسيا بالفعل، فلديها مصلحة وقدرات ورسالة بأنها أكبر من أن يتم تجاوزها على طريقة أوباما الذى كان يصفها بأنها قوى إقليمية كبرى وليست عالمية. لكن لماذا لا تكون الصين أو كوريا الشمالية؟، وهما أيضا على اللائحة الأمريكية عند وقوع أى حادثة مماثلة. قبل الإسراع بالاتهام، الأحرى معرفة ماذا حدث، لأن هناك من يقول إن الأمر قد يستغرق سنوات للتوصل إلى الحقيقة. الأخطر من ذلك، أن الحديث يتصاعد عن عقوبات صارمة على روسيا، أى أن الاتهامات الجزافية قد تستدعى تحركا على الأرض، كما حدث مع العراق عندما كان مبرر الغزو امتلاك أسلحة نووية، وكلنا نعرف ما حدث.. لم تكن هناك أسلحة نووية. فقط، كان هناك رغبة وإصرار وتركيب لاتهامات تبرر الاحتلال. هناك فارق كبير بين روسياوالعراق لكن العقلية الأمريكية واحدة.