أشاد عالم الرياضة بما اعتبره "نقطة تحول" حصلت في مباراة باريس سان جيرمان الفرنسي وضيفه باشاك شهير التركي التي توقفت الثلاثاء في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، وذلك بعد 14 دقيقة فقط على بدايتها نتيجة إهانة عنصرية صادرة عن الحكم الرابع بحق مساعد مدرب بطل الدوري التركي. وسيعود الفريقان مساء الأربعاء الى أرضية ملعب "بارك دي برانس" في باريس لاستكمال اللقاء من حيث توقف مع تغيير الطاقم التحكيمي بعد الضجة التي تسبب بها الحكم الرابع الروماني سيباستيان كولتيسكو نتيجة توجيهه عبارة عنصرية للكاميروني بيار ويبو مساعد مدرب الفريق التركي. وكانت النتيجة تشير إلى التعادل السلبي بين الفريقين عندما بدأ أعضاء الجهاز الفني يقولون "لقد قال زنجي" في إشارة إلى الحكم الرابع الذي وجه كلامه إلى ويبو. وقام حكم المباراة أوفيدو هاتيجان بطرد ويبو ما أثار سخط لاعبي الفريق الضيف الذين خرجوا من الملعب ولم يعودوا إليه بعدما تمسكوا بضرورة استبعاد كولتيسكو، وهو موقف شاركه إياهم نجم سان جيرمان كيليان مبابي بقوله "لا يمكننا أن نلعب بوجود حكم من هذا النوع" متوجها إلى الحكم الرئيس هاتيجان. ورضخ الاتحاد القاري لرغبة الطرفين، وأعلن أنه عين الهولندي داني ماكيلي، ابن ال37 عاما الذي قاد حتى الآن 26 مباراة في دوري الأبطال، بينها مباراة سان جيرمان ولايبزيج الألماني (1-صفر) في 24 الشهر الماضي، لقيادة ما تبقى من المباراة، وذلك بمساعدة مواطنه ماريو ديكس والبولندي مارسين بونييك، فيما سيكون مواطن الأخير بارتوش فرانكوفسكي الحكم الرابع. بالنسبة لصحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسي، فإن الخطوة التي قام بها لاعبو باشاك شهير وتعاطف لاعبي سان جيرمان معهم تشكل "لفتة ذات بعد غير مسبوق ونطاق مذهل"، فيما رأت صحيفة "لو باريزيان" أن "اللاعبين قالوا كفى!". في إسبانيا، طغت أحداث لقاء سان جيرمان و باشاك شهير على المواجهة المرتقبة بين الغريمين السابقين البرتغالي كريستيانو رونالدو مع فريقه الجديد يوفنتوس الإيطالي والأرجنتيني ليونيل ميسي الذي سقط ورفاقه في برشلونة على أرضهم بثلاثية نظيفة، بينها ثنائية لرونالدو. وعنونت صحيفة "أس" الرياضية بالأحرف العريضة "أوقفوا العنصرية ، فيما اعتبرت نظيرتها الإيطالية "جازيتا ديلو سبورت" أن "هذه المرة، حدث تطور جديد من نوعه وخطير للغاية". وفي بريطانيا، تحدثت صحيفة "ذي جارديان" عن حدث "نادر" و"ملفت جدا"، معتبرة أن ما قام به اللاعبون "قد يكون نقطة تحول في مكافحة التمييز العنصري في كرة القدم". وهذا رأي شاركها إياه لاعب منتخب إنجلترا السابق ريو فرديناند الذي تعرض شقيقه أنتون لإهانات عنصرية عام 2011، إذ رأى مدافع مانشستر يونايتد السابق "نحن أمام نقطة تحول مقلقة". وتابع لشبكة "بي تي سبورت" البريطانية "على الهيئات الحاكمة في هذه الرياضة أن تتخذ موقفا قويا. هذه خطوة بالاتجاه الصحيح أن يغادر اللاعبون الملعب معا. لكن لا يمكننا ترك المسئولية للاعبين للقيام بذلك". بعد توقف المباراة نهائيا، عبّر كيليان مبابي والبرازيلي نيمار ولاعبون آخرون من باريس سان جيرمان عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن التزامهم بمكافحة العنصرية ، في رسائل تمت مشاركتها آلاف المرات. وأشادت وزيرة الرياضة الفرنسية روكسانا ماراسينيانو، الرومانية الأصل، ب"الرمزية القوية" لما قام به لاعبو الفريقين، مضيفة "اتخذ رياضيون قرارا تاريخيا بمواجهة تصرف اعتبروه عنصريا". بدأت المباراة التي كانت هامشية بالنسبة للفريق التركي بما أنه خرج من دائرة المنافسة على إحدى بطاقتي التأهل الذي حسمه سان جيرمان من دون أن يلعب وبلغ ثمن النهائي بصحبة لايبزيج الألماني بعد فوز الأخير على مانشستر يونايتد الإنكليزي 3-2، بتوتر بين اللاعبين نتيجة التدخلات القاسية لاسيما على البرازيلي نيمار. اضطر الحكم الأساسي هاتيجان الى رفع البطاقة الصفراء مرتين بين الدقيقتين 10 و12، ما دفع أحد مدافعي الفريق التركي إلى التهجم عليه بالقول "عار عليك!". هاتيجان، البالغ من العمر 40 عاما، حكم خبير بمسابقة دوري الأبطال التي يحكم فيها منذ 2011 وقاد فيها قرابة ثلاثين مباراة. ومع تواصل الاحتكاكات وغياب الفرص، وصل الفريقان إلى النقطة التي أطلقت الشرارة وأدت الى إيقاف المباراة، وذلك حين تدخل مدافع سان جيرمان بريسنيل كيمبيمبي على النروجي فريديرك جولدبراندسن، ما تسبب بموجة غضب عند الأتراك، لاسيما في مقاعد البدلاء حيث توجه مساعد المدرب ويبو إلى الحكم لمطالبته برفع البطاقة الصفراء في وجه المدافع الفرنسي. وبعدما طلب كولتيسكو من مواطنه الحكم الرئيسي هاتيجان التدخل، توجه الأخير نحو مقاعد البدلاء ورفع البطاقة الحمراء بوجه ويبو الذي احتج بصوت مسموع في الملاعب نتيجة غياب الجمهور، وقال للحكم الرابع "لماذا تقول +نيجرو+ (أي زنجي)؟"، مرددا سؤاله مرات عدة وسط احتجاج من قبل لاعبي الفريق التركي والطاقم الفني. حاول كولتيسكو تبرير موقفه بحسب شبكة "ار ام سي سبور" الفرنسية، بأن "نيجرو" تعني الشخص الأسود باللغة الرومانية، لكن هذه الحجة لم تجد آذانا صاغية عند الفريق التركي وقرر ترك أرضية الملعب. وكان المهاجم السنغالي البديل المخضرم دمبا با (35 عاما) في الواجهة خلال تلك اللحظات الصعبة، إذ توجه للحكم الرابع بالقول "أنت لا تقول أبدا +هذا الأبيض+، بل تقول هذا الشخص، فلماذا عندما تتحدث عن شخص أسود، تقول +هذا الأسود+". وبعد عشر دقائق من المناقشات، عاد لاعبو باشاك شهير إلى غرف الملابس ولحق بهم لاعبو سان جيرمان وسط تصفيق من الطاقم الفني للنادي البرازيلي، ثم بعد ساعتين قام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بإضفاء الطابع الرسمي على التأجيل حتى اليوم التالي. وأفاد الاتحاد القاري أنه بدأ "تحقيقا شاملا" في الحادث الذي قد يؤدي الى إيقاف كولتيسكو لعشر مباريات على أقل تقدير بحسب ما تنص اللوائح التأديبية في حالات السلوك العنصري أو التمييزي.