أحمد عبدالتواب كلمة عابرة تتراجع أوضاع أردوغان بسرعة أكبر مما كان يتوقعها ويتمناها أشدّ أعدائه، حتى أولئك الذين كانوا يقرّون بمكاسبه الصغيرة وكانوا يرون أنها لا يمكن أن تستقر! وذلك نتيجة مباشِرة للسياسات التى اختارها بنفسه، ودون أن يورِّطه أحد، بأن ينتهك القانون الدولى ، وأن يهدر تقاليد الجوار، ويُصعِّد صراعاته السياسية إلى أن يفتح على نفسه جبهات حروب متعددة فى وقت واحد، وأن يُظهِر أنها جميعاً على أعلى درجة من الأهمية والإلحاح، له شخصياً ولنظامه ولبلاده، ودون أن يُرتِّب أولوياتها، وأن يشتطّ فى الخصومة إلى حد نسف إمكانية التلاقى فى المستقبل مع خصومه. وأن يعتمد فى هذا على مرتزقة يحاربون له مقابل أجر، وعلى متطرفين مرفوضين من العالم كله. مع اقتران كل هذا بخطاب سياسى صارخ، وأن يفرض على إعلامه الرسمى أن يزايد فى الصراخ، مع احتضانه ل مطاريد البلاد التى يعاديها، ليشاركوا معه في الغارات الإعلامية المنفلتة المشحونة بالأكاذيب والتضليل..إلخ. فكانت سياساته أوضح حالة يعرفها العالم منذ عقود طويلة، لمن يضرب عرض الحائط بعلم السياسة وخبراتها، بل وبخلاصة حكماء التاريخ الذين كانوا ينصحون أمراء الحضارات القديمة بعدم فتح أكثر من جبهة، وبإبقاء الباب موارِباً مع الأعداء لإمكانية التلاقى للتصالح وإنهاء الصراع، أو تأجيله! انظر إلى ما فتحه على نفسه، فى وقت واحد، فى العراق وسوريا وليبيا، وفى أتون حرب أذربيجان وأرمينيا، وضد اليونان وقبرص، المدعومتين من الاتحاد الأوروبى، وضد مصر، دون أن يحسب حساب قوة جيشها وقدراتها الفعلية ومكانتها وعلاقاتها بقوى إقليمية ودولية. ثم إن رهانه على دعم أمريكا مشروط بتوافقات أبرمها مع إدارة أمريكية محددة فى وقت محدد، ومع أجهزة استخبارات غفل عن أنها تغير تكتيكاتها وحلفاءها، ودون أن يضع فى اعتباره أن أمريكا غيَّرت علاقاتها مع حلفائها التاريخيين فى أوروبا، كما أن ذاكرته لا تحفظ وقائع كثيرة تؤكد أن أمريكا لا تستر عملاءها! ولكل هذا آثار سلبية هائلة على اقتصاد بلاده، وانخفاض مستوى معيشة قطاعات كبيرة من شعبه! فهل هذا أفضل تجهيز لانتخاباته التي قربت؟! * نقلًا عن صحيفة الأهرام