فى الوقت الذى ظل ترامب يُشهِر فيه ثقته بصريح العبارة فى أن تقرير مولر جاء فى مصلحته بتبرئته من تهمة التواطؤ مع الروس فى التأثير على الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها، إلا أنه كان يعطى بالتوازى انطباعات بعدم اطمئنانه تماماً لما يقول، حيث لم يتوقف عن الإلحاح على هذا المعني! مما جعل قطاعات كبيرة من خصومه، فى السياسة والإعلام والرأى العام، مهيأة لتصريحات مولر الأخيرة الأسبوع الماضى، التى أعلن فيها أن تقريره لم يبرئ ترامب، وشرح بأن اللجنة التى ترأسها للتحقيق فى القضية لا يتيح لها القانون أن توجه للرئيس فى البيت الأبيض اتهاماً، وإنما هى صلاحيات الكونجرس! ومن المفيد ملاحظة أن صقور جبهة معارضة ترامب، الذين كانوا الأكثر حماساً لمحاكمته والإطاحة به، لم يتلقفوا تصريحات مولر، بل يبدو الآن أن هذه الجبهة لم تعد مُجمِعة على التمسك بالموقف الواحد كما كان فى السابق، باستثناء مجموعة من نواب الحزب الديمقراطى الذين لا يؤثر كثيراً صوتهم العالى على سير الأمور، كما أنهم يريدون العودة إلى استئناف معركتهم ضده دون التدقيق فى المهام التى صارت قريبة. أما نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النوّاب، وكلامها بوصلة مهمة، فقد أعربت عن اختلافها مع زملائها النواب المتحمسين والمتعجلين للعودة لمعركة محاكمة ترامب، حيث أبدت عدم اقتناعها بأن هنالك براهين قوية ضد ترامب تسمح باتخاذ خطوات قوية ضده. لاحِظ أن خصوم ترامب الأشدّاء لا يُصعِّدون ضده فى معظم ما يقلق العالم من سياساته، لا ما يتعلق بالمشكلات التى اخترعها بتدميره قواعد التجارة الدولية، وهو ما شكا منه حلفاء أمريكا التاريخيون، ولا بازدرائه للقانون الدولى وللأمم المتحدة فى صراعه ضد إيران..إلخ، وهذا يثبت أن خلافهم معه لا يقوم على أسس سياسية أو أخلاقية، وإنما تحركهم نوازع وأهداف براجماتية، فلعبوا ضده ببعض الأوراق عندما تصوروا أنها يمكن أن تدينه وتعزله، ثم إذا بهم يتراجعون عندما اكتشفوا أن هذا غير ممكن، بل إنه قد يؤثر بالسلب على صورتهم لدى ناخبيهم!. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب