عبدالله عبد السلام أفق جديد فى عصر الانقسام، هناك شيء واحد يجمعنا، الغضب السياسي . هكذا عنونت نيويورك تايمز أحد مانشيتاتها قبل عامين. لم يعد الغضب سلوكا فرديا عابرا للثقافات والدول، بل أضحى وسيلة سياسية للحصول على مكاسب أو للتخويف. منذ زمن طويل، لم يحكم عالمنا مثل هذا العدد من السياسيين الذين يغضبون كما يتنفسون. زعيم الغاضبين ترامب ، لم يسلم من انفعالاته أقرب المقربين إليه، فما بالك الخصوم، و أردوغان الحانق دائما والمستعد للذهاب بغضبه إلى حيث يأخذه دون أن يبالى شيئا، ورئيس الفلبين الذى يمزج غضبه بقبضة يده المتجهة للخصوم.. نادى الغضب الدولى مزدحم حاليا، يضم سياسيين بالآلاف. عندما يغضب ترامب، فإن ذلك جزء من تكوينه الشخصي، لكنه محاولة مقصودة منه لإذلال الخصوم واستدراجهم لردود أفعال عشوائية تضرهم فيما بعد. كما أنه يغذى عواطف أنصاره ويحمسها لأقصى مدي، بحيث تتوحد معه وتحارب معاركه بعنف وحدة. ولنا أن نتصور رد فعل الجمهور عندما علق على ضرب نائب جمهورى لصحفي، إذا أعلن: من يقوم بحركة المصارعة تلك بطل فى نظري. علينا ألا نتعجب إذن من تفاقم العنصرية والتطرف والانقسامات مادام هناك سياسيون يغضبون ويتمركزون حول ذواتهم، وبشر ينساقون وراءهم كالعميان. الغضب، كما يقول مايكل هولمز، الأستاذ بجامعة أبردين الإسكتلندية، وسيلة لخلق دوامة من العنف والاستفزاز للخصوم، فيأتون بأعمال تبرر معاقبتهم بعد ذلك، أى أن السياسى الغاضب يستدرج الخصوم لملعبه، فيكيل لهم الضربات. وما يحدث فى حلبة السياسة الداخلية ينطبق على العلاقات بين الدول. زعيم دولة يتحدث بغضب وحدة عن دولة أخرى ليوهم شعبه بأنه يدافع عن حقوقهم، وليجعل الدولة المستهدفة تفقد توازنها، فترد دون منطق. وقبل سنوات عندما كان صوت العقل سائدا بإيران، كانت هناك جدارية ضخمة بطهران مكتوب عليها: أمريكا تغضب وتترك هذا الغضب يدمرك. مثلما السيارة التى تحتاج للوقود لكى تعمل، يشعر بعض السياسيين بحاجتهم الدائمة إلى شحنات غضب لمواصلة حياتهم السياسية، وهم يبرعون فى تصوير غضبهم المرضى على أنه فائض وطنية وحماسة وحب للناس وتصميم على مواجهة الأعداء. [email protected] نقلا عن صحيفة الأهرام