عبدالله عبد السلام أفق جديد يبدو حاليا، كما لو كان بابا نويل يوزع نفحاته وهداياه. لا يرد سائلا ولا يتشدد فى شروطه كى يمنح. الجميع يهرع إليه طارقا أبوابه كى ينقذهم من أزماتهم. لم يحدث منذ تأسيسه عام 1944، أن تدفقت الدول بهذا العدد على صندوق النقد للحصول على قروضه، دون أن تسأل نفسها ما هى التداعيات والعواقب؟ كورونا، أفقد دول العالم توازنها. زادت إنفاقها ل مواجهة الوباء ، فى وقت تعرض فيه النشاط الاقتصادى لشلل شبه كامل. الدول الغنية والاقتصاديات الناشئة، وبالطبع الفقراء، وجدوا الصندوق ملاذا، بعد أن فرغت خزائنهم وتراجع احتياطى النقد الأجنبى الذى تعبوا فى توفيره، فإذا بالوباء يأكله فى غمضة عين. لم يردهم خائبين. أعد خطة إقراض طارئة، وقدم عشرات المليارات ل 70 دولة. ومازال بجعبته الكثير. تخلى عن شروطه الصعبة، وسارع للمساعدة. يريد إيصال رسالة لشعوب العالم، خاصة الفقيرة، أنه معهم فى السراء والضراء ، ولا يمكنه خذلانهم فى الأوقات العصيبة. لكن هل ستكون لهذه القصة الجميلة، نهايات سعيدة، كما بعالم السينما؟ إن الدول التى حصلت على قروض جديدة، مثقلة أساسا بالديون وفوائدها، فكيف سترد كل ذلك فى ظل توقعات بركود عالمى جديد وانهيارات اقتصادية. لقد انتهت هوجة الدعوة، فى بداية تفشى الوباء، لإسقاط ديون الفقراء، إلى مجرد تأجيل سداد ديون مستحقة لمجموعة العشرين على 73 دولة. إلا أن هذه الخطوة ربما فاقمت الأزمة ولم تخففها. فالتأجيل، من شأنه، كما يقول وزير مالية بنين، تخفيض التصنيف الائتمانى وجعل الاقتراض مستقبلا أكثر تكلفة وصعوبة. أى أن على الفقراء صاغرين دفع ديونهم لأن البديل أكثر إيلاما. سؤال آخر يثور: هل سيظل الصندوق على أريحيته حتى عندما يتعثر الفقراء فى السداد، وهذا متوقع جدا، أم سيعود لفرض شروطه التقشفية المعتادة؟ بعيدة تلك الأيام التى كان المسمى الشعبى للمؤسسة المالية الدولية، صندوق النكد، عندما كانت الاحتجاجات الشعبية تندلع، وعندما كان شعراء كأحمد فؤاد نجم يؤلفون قصائد هجاء فيه، هو الآن يتجمل ويتودد.. لكن إلى متى؟ تداعيات كورونا ستجيب على ذلك. * نقلًا عن صحيفة الأهرام