عبدالله عبد السلام أفق جديد خلال احتجاج على وقف الأنشطة الاقتصادية والعامة قبل أيام، رفعت سيدة أمريكية لافتة كتبت عليها: التباعد الاجتماعى شيوعية. بدا الأمر، كما لو كانت جاهلة بما يحدث، أو لم يصل لعلمها سقوط الشيوعية العالمية قبل 30 عاما. تلك السيدة ليست وحدها، فنظريات المؤامرة تعيش أزهى لحظاتها زمن كورونا ، فأمام وباء يفتك بنا ولا نعرف عنه شيئا، ليس أمام البعض سوى التعبير عن مكنوناتهم، وسيجدون معجبين ومؤيدين بوسائل التواصل الاجتماعى وأحيانا الإعلام الرسمي. لا تتوقف مواقع التواصل عن حذف آلاف الصفحات والمنشورات التى تدعى أن كورونا حيلة لإسقاط ترامب بالانتخابات المقبلة، وأن العصابة الخفية التى تحكم العالم، صنعت وأطلقت الوباء للتلاعب بالأمريكيين ولخفض عدد سكان العالم خاصة الفقراء. ملياردير التكنولوجيا بيل جيتس أحد أفراد العصابة، فقد تبرع لمساعدة الضحايا، بينما سيكون المستفيد الأكبر لأنه سيستثمر فى إنتاج اللقاحات. نظرية المؤامرة لا تقتصر على اليمين وأنصار ترامب بل يشارك فيها عناصر يسارية، ترى أن الوباء آلية للسيطرة على الناس ومخطط لجعل الشرطة تتغول على حقوقهم. بعض السود الأمريكيين، الذين تزيد نسبة الإصابة والوفيات بينهم على المعدل العام، اعتبروا كورونا مؤامرة حكومية تستهدفهم. حمى المؤامرة ليست فى أمريكا فقط بل بدول عديدة. قبل أيام، أوقفت الشرطة شقيق زعيم حزب العمال البريطانى السابق، لأنه قاد مظاهرة لتأكيد أن كورونا مؤامرة. لماذا تزدهر المؤامرة وتجد من يؤيدها وينشرها؟ لأن الثقة بالحكومات تراجعت. التعليمات تأتى من أعلى دائما، والناس متلقون. وفى ظل شح المعلومات وتناقضها وعدم استعداد الأجهزة الرسمية للمواجهة، لا يجدون إلا هذه الترهات والضلالات لتفسير ما يحدث. هم لا يشغلون أنفسهم بمدى عقلانية ما يقولون، لأن بعض ما يحدث بالواقع لا يمت أيضا للعقلانية بصلة. من السهل إدانة وتسفيه المؤمنين بأن عالمنا لا يحركه سوى المتآمرين، لكن ذلك لن يغير من الأمر شيئا، مادامت الحقائق غائبة ومتناقضة وغير منطقية. للأسف، العالم يعود سريعا للغموض والتضييق على المعلومات وعلى الراغبين فى الحصول عليها. أليس لأنصار المؤامرة ، بعض العذر؟!. نقلا عن صحيفة الأهرام