مأساة مروعة خطفت أرواح وقلوب أسرة بسيطة كانت علي موعد مع القدر في الحادية عشرة من مساء الجمعة عندما غرقت بهم مركب "المعلم"المنكوبة بعد اصطدامها بجزء من كوبري أكتوبر، حيث تحولت الفرحة والسرور إلي صراخ وعويل ودموع لم تجف لفراق الأحباب من الأسرة الحزينة التي فقدت الجد على حسين مبيض محارة (56 سنة)ونجله محمد وحفيده فارس. "بوابة الأهرام" التقت بعض الناجين من الحادث المؤلم الذين رووا لحظات الموت والحياة في النيل، حيث يقول شقيق الشاب المتوفى محمد على حسين أن شقيقه 28 عامًا كان يعمل محاسبًا بأحد البنوك، استقل المركب النهرى المنكوب مع زوجته وطفليه عمرو "4 سنوات" وفارس الذي لم يتجاوز عمره شهرًا، وهما يقيمان بمدينة السلام. ويضيف، والدموع تنهمر من عينيه، أن شقيقه توجه لزيارة والدته ووالده بمنطقة الزاوية الحمراء، فقرروا الاحتفال بسبوع الرضيع "فارس"، حيث اقترح الجد علي أفراد الأسرة أن يستقلوا مركبا بالنيل لقضاء وقت ممتع والاحتفال له، فوافق الجميع وتوجهوا إلي المرسي بمنطقة قصر النيل وبعد دقائق علمنا أن المركب انقلبت بهم وسقطوا غرقي بالنيل ..ولم يستطع شقيق محمد أن يكمل الكلام وانخرط في بكاء شديد. وقالت أميرة، 25 عامًا، شقيقه محمد وإحدي الناجيات من المركب المنكوب، إنهم بعد استقلال المركب بلحظات حدث عطل بالموتور أكثر من مرة، وأدي ذلك إلي حالة من الارتباك والفزع بيننا إلا أن سائق المركب لم يبد اهتمامًا وقال للجميع: أنا فاهم شغلي كويس، حتي اصطدمت المركب بحائط خرساني خاص بكوبري أكتوبر من الجزء الأمامي الذي تهشم تمامًا كما حدث ثقب أسفل، لتدخل المياه إليه، وحاولوا الإصطفاف في الجزء الأيمن من المركب حتى يتم نقل الركاب، إلا أن السائق رفض ذلك لرغبته فى أخذ الأجرة كاملة لأنه فى حال تركه قبل نهاية الرحلة لن يتمكن من الحصول عليها ، لكن المركب غرقت بعد دقائق من سيرها، وعندما غاصت بالمياه حاولوا الاستغاثة بسائقى المراكب المجاورة، إلا أنهم رفضوا ببداية الأمر، فانقلبت بهم المركب فى النيل. وقالت والدة محمد على إن زوجها علي حسين وابنها محمد وحفيدها فارس غرقوا في الرحلة المشئومة، وأخذت تنادي بأسمائهم وقلبها وعقلها لا يصدق فقدانهم لدرجة أنها ظلت تبكي حتي أصيبت بجلطة في القدم. وقالت إن زوجها كان طيب القلب ولم يقصر معها في أي شىء إلا أنه الآن في مشرحة زينهم ومازال البحث جاريا عن جثث زوجهاوابنها وحفيدها، وأن العناية الإلهية أنقذتها وابنتها وزوجة ابنها وأحفادها الآخرين من الغرق. بينما روي إيهاب جاب الله ابن عم محمد الغريق (31 سنة موظف) أن محمد اتصل به يوم إجازته الجمعة، وطلب منه الخروج معهم فى نزهة نيلية إلا أنه اعتذر بسبب انشغاله فى عمله بمحطة وقود ولم يتمكن من الحصول على إجازة بهذا اليوم. وبعد انتهاء العمل توجه إلى منزله، فوجئ باتصال هاتفى من الجيران يخبرونه بأن ابن عمته وأسرته غرقوا فى النيل، فأسرع إلى مكان الحادث فوجد عمته داخل سيارة إسعاف، وبجوارها زوجة محمد وطفلها عمرو، وظلوا تحت جهاز التنفس الصناعى لمدة نصف ساعة إلا أن استقرت حالتهم، لكن سرعان ما أصيبت عمته بجلطة بسبب صرخاتها وبكائها وتم نقلها إلى المستشفى. وأشار إلى أن أصحاب المراكب المارة بجوارها قد طلبوا من قائدها إنزال الركاب إلا أن قائدها رفض وقال إنه سيعود بهم إلى الشاطئ إلا أنه فوجئ بعدها بتعرضه للغرق فجأة، فهرع إليها قائدو المراكب الأخرى وعندها تشبث الجد بالمركب واحتضن ابنتيه وزوجته محاولاً إنقاذهم من الغرق انقلب المركب أثناء محاولة قائدها الدوران والعودة إلى المرسى وسط صرخات السيدات والأطفال واستطاع أصحاب المراكب انقاذ الزوجة والبنتين وزوجة الإبن وأحد أبنائها بينما تاه الرضيع غارقا فى المياه التي جرفت الأب وعثر رجال الانقاذ على الجد متشبثًا بالمركب من أسفله وقد لفظ أنفاسه الأخيرة. ووجدت الأسرة الكبيرة نفسها على الشاطئ بدون عائليها وأصيبوا بحالة هيستيرية وانهارت البنتان أميرة التى كانت تنتظر زفافها فى عيد الفطر القادم والابنة الصغرى رانيا. من جانبه، قال العميد ممدوح عزت مأمور قسم بولاق أبو العلا إن عددا من استقلوا المركب من 25 شخصا منهم 14 نجوا من الحادث، وعثر علي 3 جثث منهم جثة لمرأة مجهولة الهوية، ويكثف رجال الإنقاذ جهودهم لانتشال باقي ضحايا الحادث من خلال لنشات لفرق الإنقاذ النهرى تجوب مياه النيل من حلوان إلى شبرا.