مصدر بالتعليم يكشف الهدف من تعديل بند القانون الخاص بالثانوي العام    إطلاق أول مبنى دائم لمجلس الدولة بمحافظة الدقهلية    مدبولي عن افتتاح الرئيس السيسي اليوم لموسم الحصاد: «الخير قادم لمصر»    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    وزير الخارجية يؤكد على الأهمية الإستراتيجية لملف الطاقة بالشرق المتوسط    الأردن يدين إطلاق إسرائيل النار تجاه وفد دبلوماسي يضم أكثر من 25 سفيرًا بجنين    لافروف: منظومة الأمن الأوروبية الحالية أثبتت عدم فعاليتها    فرنسا: التصعيد الإسرائيلي في غزة غير محتمل.. ونبحث استخدام أدوات دبلوماسية لوقف التدهور    انطلاق مباراة حرس الحدود وإنبي بكأس عاصمة مصر    الزمالك يعلن رحيل مدرب فريق سيدات كرة القدم    مصرع عامل وإصابة طفليه في حادث انقلاب سيارة بصحراوي قنا    ضبط 528 مخالفة في حملات مكثفة على الأسواق والمخابز بالدقهلية    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    «كله متأيد في الكراسة».. كزبرة يحتفل بعيد ميلاده علي طريقته الخاصه    ضمن التجارب النوعية.. قصور الثقافة تعرض «مشعلو الحرائق» على الأنفوشي    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    دينا أبو الخير: تكرار الذنب لا يمنع التوبة.. والله يغفر ما دام العبد تائبًا بصدق    «تفاهة وصفر إدارة».. القصة الكاملة لحرب التصريحات بين ثروت سويلم وحلمي طولان    جامعة أسوان تطلق الملتقى الثاني للهندسة الرياضية    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي 2025 في محافظة الجيزة (فور إعلانها)    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    "الوفد" يعلن رؤيته بشأن قانون الإيجار القديم ويطرح 4 توصيات    أسعار الحديد مساء اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    «حشد ومساندة».. 3 تحركات من وزارة الرياضة لدعم بيراميدز أمام صن داونز    هل يجوزُ لي أن أؤدّي فريضة الحجّ عن غيري وما حكم الحج عن الميت؟.. الأزهر للفتوى يجيب    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الاسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    مصر تدين إطلاق أسرائيل النار خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    انفصال أحمد السقا ومها الصغير يُشعل السوشيال ميديا من جديد.. والصمت يُثير التساؤلات    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    تقارير: جنابري يقترب من العودة لمنتخب ألمانيا    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    مصرع محامي إثر حادث تصادم بين موتوسيكلين في الشرقية    قبل عيد الأضحى 2025.. هل ارتفعت أسعار الأضاحي؟ رئيس الشعبة يجيب    «يرافقني أينما ذهبت».. تصرف مفاجئ من محمود فايز بعد ارتباطه ب الأهلي (تفاصل)    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    363 شخصا فقط شاهدوه في أسبوع.. إيرادات صادمة ل فيلم استنساخ (بالأرقام)    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع نائب رئيس الوزراء وزير خارجية بلجيكا على هامش الاجتماع الوزاري الإفريقى الأوروبى    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    بيان مشترك بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن سوريا.. ما القصة؟    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا فاروق الفيشاوي.."برنس" السينما المتمرد على الوسامة والمحلل النفسي لشخصيات مجتمعه| صور
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 07 - 2019

أن تحافظ على جرأتك ووضوحك في مواقفك الشخصية والعملية أمر شديد الصعوبة وعلى العكس المعتاد في حياة كثير من المشاهير الذين تسلط الأضواء عليهم بصورة دائمة، يرفعون شعار التمويه بحياتهم العامة والخاصة كان فاروق الفيشاوي متربعًا على مملكة الصراحة والجرأة التي صنعت منه نجمًا مختلفًا في حياته الفنية والشخصية.
من هذه الكلمات لعلنا نخلص رحلة الراحل فاروق الفيشاوي، الرجل الذي تخطى حاجز الستين ولم تتوقف فترة حيويته وإقدامه على الحياة وبقي صريحًا في علاقته مع الجمهور الذي تعامل معه بكونه صديقًا له لذلك لم يتردد في أن يصارحه من قبل بإدمانه للمخدرات في مرحلة سابقة من حياته والتي كانت في أوج شهرته الفنية، ومن تلك المرحلة الصعبة إلى أخرى أكثر صعوبة أعلن فيها النجم المخضرم إصابته بمرض السرطان خلال حفل تكريمه بمهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته الأخيرة ليؤكد مدى قوته في المواجهة والتحدي أمام الحشود التي جلست أمامه وغيرهم ممن شاهدوه بالتليفزيون في تلك اللحظة الخاصة.
فاروق الفيشاوي

واستكمالًا لهذه الصراحة كان الفيشاوي صاحب قرارات صارمة في حياته بدأت مع دخوله الوسط الفني منذ أكثر من أربعين عاما بعد أن اكتشفه المخرج المسرحي الراحل عبدالرحيم الزرقاني أثناء تأديته لدور في إحدى المسرحيات التي عرضت على مسرح جامعة القاهرة، والتي أسفرت عن قدرات الممثل الكبيرة وجرأته في تأدية الأدوار الصعبة والمعقدة، ليقرر بعدها المجازفة بترك دراسته بالصف الثالث من كلية الآداب قسم اللغات الشرقية، والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، رغم أن التمثيل لم يكن في خطته الأساسية حيث كان يطمح في أن يصبح أستاذا جامعيا حتى مع عشقه للتمثيل منذ الطفولة.
من النشأة جاء اختيار الأدوار
ينتمي فاروق الفيشاوي لجذور مصرية أصيلة تجمع بين حيوية الريف وصلابة أهل الجنوب حيث أن جذور أسرته تعود إلى قرية "سرس" بالمنوفية أما النشأة فكانت في مدينة "بني مزار" بالمنيا في صعيد مصر التي ولد بها الراحل، هذا الخليط الذي شكل وعيه وجعله شديد الدقة في اختيار أدواره التي جعلت منه ممثلًا ذا خصوصية، واكتملت منظومته الفنية بعد بداياته المسرحية والتي جعلته ممثلًا قادرًا على تشكيل قدراته التمثيلية حتى مع محاولات الحصر له في أدوار الشر كما أحدثت هذه البدايات تأثيرًا على حفاظه على لغته العربية الفصحى والتي طالما كان يتحدث بها دائمًا في أي لقاء تليفزيوني.
فاروق الفيشاوي
ومن هذه النشأة، تميز الفيشاوي بقدراته في تجسيد نماذج متعددة لأنماط الشخصية المصرية التي تنتمي للطبقة المتوسطة المليئة بالأحلام والطموحات، بعضها غلب عليه الشر والتسلط وراء تحقيق الهدف، والبعض الآخر ارتكز على طرح موضوعات تنوعت بين مشاكل الشباب والسياسة وأخرى.
تحدي وإصرار على النجاح
ربما تطلبت المرحلة التي صعد فيها الفيشاوي تحديًا واضحًا منه في إثبات ذاته على الساحة الفنية، خصوصًا وأنه خرج في مرحلة توهج ونجاحات لنجوم آخرين كانوا بالفعل أصحاب شعبية وجماهيرية كبيرة على رأسهم الفنان عادل إمام وصلاح السعدني ونور الشريف وآخرين ولكن شغف الفنان بالأدوار والتلون فيها جعله لم يعبأ كثيرا بنجاحات من سبقوه حتى أنه لم يخش دخول الساحة الفنية عن طريق أدوار الفتى الشرير والمتملق التي اشتهر بها في بداية رحلته الفنية.
كانت بداية رحلة الفيشاوي "67عامًا" الممتدة على مدار أربعين عامًا من خلال مسلسلي "حصاد العمر" أمام الفنان الراحل محمود المليجي ثم " أبنائي الأعزاء شكرا" مع الفنان عبدالمنعم مدبولي تلك الأعمال التي وضعته على الطريق ليصبح نجمه ساطعًا في مرحلة الثمانينات من القرن المنصرم والتي حالفه الحظ فيها بالعمل مع الراحل فريد شوقي ليكونا معًا ثنائي مشترك حققا فيه نجاحات كبيرة على مستوى الآعمال التي قدموها معًا في السينما والمسرح خصوصًا وأنها كانت أكثر تقاربًا مع موضوعات إجتماعية واقعية تحمل أفكارًا على غير السائد بالمرحلة السينمائية في هذه الفترة والذي سيطر عليه لفترات طويلة الكوميديا والاستعراض.
فاروق الفيشاوي
كان من بين هذه الأعمال أفلام "الأستاذ يعرف أكثر"، "الكف"، "السطوح"، ولاشك أن العمل مع "ملك الترسو" منحه ثقة ووعي في اختياراته في مرحلة تالية من مشواره الفني الذي قدم خلاله أكثر من 250 عمل، تلك المرحلة التي تخلى فيها عن أدوار "الفتى الانتهازي" وذهب ليغير من جلده الفني بتقديم أدوار تخاطب الموروث الشعبي القديم مثل مسلسلات "علي الزيبق" البطل التراثي الشعبي، و"غوايش" الذي تناول صراع الطبقات الاجتماعية بين الغنى والفقر في مجتمعات الصعيد.
ولأن مرحلة الثمانينيات صاحبة النجاح الأكبر في رحلة الراحل كان لابد من التوقف عندها والتي تحمل العديد من الأعمال التي صنع فيها الفيشاوي بصمته منها: المشبوه مع الفنان عادل إمام، القرداتي، المرأة الحديدية، لا تسألني من أنا مع الراحلة شادية، ملف سامية شعراوي، البنات والمجهول، أرجوك أعطيني هذا الدواء، قضية عّم أحمد، الباطنية، سري للغاية وغيرها من الكثير والكثير الذي كان يحمل العام الواحد فيه أكثر من خمسة أعمال سينمائية للراحل.
فاروق الفيشاوي
دخل الفيشاوي بعد ذلك في مرحلة تعمق أكبر في الاختيارات التي حرص فيها على تقديم الأعمال التي تتناول الطبقات المتوسطة والمهمشة وغيرهم من الكادحين مرورًا بالأعمال السياسة التي قدمها في الحقبة التسعينية مع كل من نادية الجندي ومحمود يس ونبيلة عبيد.
وكانت أبرز أعمال تلك المرحلة في حياة الفيشاوي أفلام :"حكمت فهمي"، "امرأة هزت عرش مصر"، "48 ساعة في تل أبيب"، "كشف المستور"، "فتاة من إسرائيل"، "ليه يا بنفسج"، "الجراج"، " تحب يا تقب"، ولكن برغم تنوع الأدوار وتعددها بقي الفيشاوي طوال رحلته الفنية يحلم بتجسيد "المطران هيلاريون كابوتشي" والذي لم يحالفه فيه الحظ لاكتمال مشروعه، وهو رجل دين مسيحي سوري الأصل عرف بنضاله تجاه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من خلال عمله في كنيسة الرّوم الكاثوليك في القدس، وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما بسبب دعمه للمقاومة.
فاروق الفيشاوي
صاحب الكاريزما
"كاريزما خاصة" صاحبت الفيشاوي في رحلته الفنية فبعيدًا عن خبرته المسرح التي منحته الثقة والثقل الفني في البداية، وثقافته الواسعة وغير المحدودة نتيجة لقراءته الدائمة حيث أنه كان يقضى وقت فراغه دائمًا في القراءة إلا أن تطويع الممثل لأدواته وتطويرها يبقى هو الأهم، والفيشاوي واحدًا من القلائل الذين كانوا أكثر حرصًا على هذا الأمر من خلال عدم استهلاك مقاومته الجسدية وتركيبته الداخلية لأي شخصية يقدمها حتى مع تكرار نمط أدوار معين مثل "الشر" بل أنه كان يحمل شخصياته عمقًا نفسيًا أو بمعنى آخر يدرس دوره جيدًا ثم يقوم بنوع من التحليل النفسي له يمكنه من تقديم دوره بأريحية على مستوى الأداء الحركي للشخصية أو التمثيلي للحد الذي جعل العديد من محبينه يكرهونه في فترات معينة من حياته نتيجة لتغلغله في تقديم أدوار الشر باحترافية كبيرة واكبت جيله والمرحلة الفنية التي ظهر بها.
ربما كانت ثقافة الفيشاوي جعلته يحمل نوعًا من التنبؤ في التغييرات التي تطرأ على الشخصية المصرية، ولأن مرحلة الوهج الفني في حياة الراحل كانت متمثلة في الثمانيات من القرن المنصرم وهي الفترة التي أعقبت فترة الانفتاح الاقتصادي بالدولة المصرية خرج الفيشاوي مقدمًا العديد من الأدوار التي تشير للشخصية الانتهازية والبراجماتية أو النفعية بمعنى أدق وهو نتاج طبيعي أفرزته تلك التغييرات السياسية والإقتصادية في الشخصية المصرية في تلك المرحلة.
لم يغامر الفيشاوي كثيرًا باللعب في تيمة الأدوار الكوميدية فهو يعرف إمكانياته جيدًا بل يعرف خلطة نجاحه حتى وإن لازمها التكرار في أحيان كثيرة وذلك بعكس غيره من نجوم جيله الذين اندفعوا في بداياتهم نحو هذه الأدوار لاكتساب مزيد من فرص العمل والشهرة.
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي صناعة فنية استحق بجدارة لقب "برنس" السينما المصرية، فلم يجعل تكرار نمطية أدوار معينة كالشرير والمخادع تتحكم في رحلته الفنية بل أنه تمرد على ملامحه الشقراء والوسيمة حتى لا يصبح مثل غيره "فتى السينما الوسيم" الذي تقع النساء في حبه بل كان مغامرًا واضحًا منذ البداية في صناعة ورسم خريطة نجاحه وتألقه.
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.