انخفاص العجز الكلي للموازنة في ال11 شهرا الأولى من العام المالي الحالي إلى 3.6%    تراجع اسعار الذهب في مصر خلال تعاملات اليوم    وزير التجارة والصناعة يبحث مع نظيره الإندونيسي تعزيز التعاون المشترك    العاهل الأردني: السماح بدخول المساعدات لا يمكن أن ينتظر وقفا لإطلاق النار أو أن يخضع لأجندة سياسية    مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا في برلين: إطلاق مبادرة لتدريب 180 ألف كادر فني    اليابان تكتسح سوريا بخماسية في التصفيات الآسيوية المشتركة    رغبة مشتركة.. محمود علاء خارج الزمالك    فوضى تصريحات أنشيلوتي وبيان ريال مدريد.. هل يذهب الملكي ل مونديال الأندية دون مدربه؟    إجازة رسمية بالبورصة المصرية من الأحد حتى الخميس المقبل بمناسبة عيد الأضحى    "مسجل خطر".. مفاجأة في ضبط شقيق لاعب الأهلي بعد تعديه على رضا البحراوي    "القلعة" تنهي المرحلة الأخيرة لشراء الدين بنسبة تغطية 808%    جامعة النيل تنظم لقاء مفتوح لطلاب الثانوية العامة وأسرهم بعنوان «ارسم مستقبلك»    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    وزارة الدفاع الروسية تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    تركيا واليونان تطالبان المواطنين بعدم الخروج بسبب موجة الحر    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    رئيس جامعة بنها يفتتح معرضا للمنتجات والسلع الغذائية بأسعار مخفضة    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    الكرة الطائرة، ندوة تثقيفية لمنتخب مصر حول مخاطر المنشطات    ما شروط القبول في المدارس الرياضية 2024-2025؟    وزيرة التضامن تؤكد على دور الفن التشكيلى فى دعم التنمية المستدامة    إصابة 12 في حادث إنقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة البيضاء فى نجع حمادى بقنا    هاجر أحمد: الفن مسئولية وتجربة فيلم أهل الكهف كانت ممتعة للغاية    «قلبه في معدته».. رجال هذه الأبراج يعشقون الأكل    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    رئيس هيئة الدواء: مصر الأولى أفريقيًا في تصنيع الدواء    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    «الضرائب»: نتواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي لتحفيز بيئة الاستثمار محليًا    صحة بني سويف: إحالة واقعة إصابة 29 طفلا ب "طفح جلدي" للنيابة    مع ارتفاع درجة الحرارة.. طبيب يقدم نصائح مهمة لحجاج بيت الله    قبل العيد.. 6 فوائد ذهبية لتناول لحم الضأن ونصائح مهمة للتخزين والطهي    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    يورو 2024| سلوفاكيا يبحث عن إنجاز أبعد من دور ال16.. إنفوجراف    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    الداخلية تواصل جهود مكافحة جرائم الاتجار فى المواد المخدرة والأسلحة ب3 محافظات    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    مختار مختار: غينيا بيساو فريق متواضع.. وحسام حسن معذور    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا فاروق الفيشاوي.."برنس" السينما المتمرد على الوسامة والمحلل النفسي لشخصيات مجتمعه| صور
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 07 - 2019

أن تحافظ على جرأتك ووضوحك في مواقفك الشخصية والعملية أمر شديد الصعوبة وعلى العكس المعتاد في حياة كثير من المشاهير الذين تسلط الأضواء عليهم بصورة دائمة، يرفعون شعار التمويه بحياتهم العامة والخاصة كان فاروق الفيشاوي متربعًا على مملكة الصراحة والجرأة التي صنعت منه نجمًا مختلفًا في حياته الفنية والشخصية.
من هذه الكلمات لعلنا نخلص رحلة الراحل فاروق الفيشاوي، الرجل الذي تخطى حاجز الستين ولم تتوقف فترة حيويته وإقدامه على الحياة وبقي صريحًا في علاقته مع الجمهور الذي تعامل معه بكونه صديقًا له لذلك لم يتردد في أن يصارحه من قبل بإدمانه للمخدرات في مرحلة سابقة من حياته والتي كانت في أوج شهرته الفنية، ومن تلك المرحلة الصعبة إلى أخرى أكثر صعوبة أعلن فيها النجم المخضرم إصابته بمرض السرطان خلال حفل تكريمه بمهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته الأخيرة ليؤكد مدى قوته في المواجهة والتحدي أمام الحشود التي جلست أمامه وغيرهم ممن شاهدوه بالتليفزيون في تلك اللحظة الخاصة.
فاروق الفيشاوي

واستكمالًا لهذه الصراحة كان الفيشاوي صاحب قرارات صارمة في حياته بدأت مع دخوله الوسط الفني منذ أكثر من أربعين عاما بعد أن اكتشفه المخرج المسرحي الراحل عبدالرحيم الزرقاني أثناء تأديته لدور في إحدى المسرحيات التي عرضت على مسرح جامعة القاهرة، والتي أسفرت عن قدرات الممثل الكبيرة وجرأته في تأدية الأدوار الصعبة والمعقدة، ليقرر بعدها المجازفة بترك دراسته بالصف الثالث من كلية الآداب قسم اللغات الشرقية، والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، رغم أن التمثيل لم يكن في خطته الأساسية حيث كان يطمح في أن يصبح أستاذا جامعيا حتى مع عشقه للتمثيل منذ الطفولة.
من النشأة جاء اختيار الأدوار
ينتمي فاروق الفيشاوي لجذور مصرية أصيلة تجمع بين حيوية الريف وصلابة أهل الجنوب حيث أن جذور أسرته تعود إلى قرية "سرس" بالمنوفية أما النشأة فكانت في مدينة "بني مزار" بالمنيا في صعيد مصر التي ولد بها الراحل، هذا الخليط الذي شكل وعيه وجعله شديد الدقة في اختيار أدواره التي جعلت منه ممثلًا ذا خصوصية، واكتملت منظومته الفنية بعد بداياته المسرحية والتي جعلته ممثلًا قادرًا على تشكيل قدراته التمثيلية حتى مع محاولات الحصر له في أدوار الشر كما أحدثت هذه البدايات تأثيرًا على حفاظه على لغته العربية الفصحى والتي طالما كان يتحدث بها دائمًا في أي لقاء تليفزيوني.
فاروق الفيشاوي
ومن هذه النشأة، تميز الفيشاوي بقدراته في تجسيد نماذج متعددة لأنماط الشخصية المصرية التي تنتمي للطبقة المتوسطة المليئة بالأحلام والطموحات، بعضها غلب عليه الشر والتسلط وراء تحقيق الهدف، والبعض الآخر ارتكز على طرح موضوعات تنوعت بين مشاكل الشباب والسياسة وأخرى.
تحدي وإصرار على النجاح
ربما تطلبت المرحلة التي صعد فيها الفيشاوي تحديًا واضحًا منه في إثبات ذاته على الساحة الفنية، خصوصًا وأنه خرج في مرحلة توهج ونجاحات لنجوم آخرين كانوا بالفعل أصحاب شعبية وجماهيرية كبيرة على رأسهم الفنان عادل إمام وصلاح السعدني ونور الشريف وآخرين ولكن شغف الفنان بالأدوار والتلون فيها جعله لم يعبأ كثيرا بنجاحات من سبقوه حتى أنه لم يخش دخول الساحة الفنية عن طريق أدوار الفتى الشرير والمتملق التي اشتهر بها في بداية رحلته الفنية.
كانت بداية رحلة الفيشاوي "67عامًا" الممتدة على مدار أربعين عامًا من خلال مسلسلي "حصاد العمر" أمام الفنان الراحل محمود المليجي ثم " أبنائي الأعزاء شكرا" مع الفنان عبدالمنعم مدبولي تلك الأعمال التي وضعته على الطريق ليصبح نجمه ساطعًا في مرحلة الثمانينات من القرن المنصرم والتي حالفه الحظ فيها بالعمل مع الراحل فريد شوقي ليكونا معًا ثنائي مشترك حققا فيه نجاحات كبيرة على مستوى الآعمال التي قدموها معًا في السينما والمسرح خصوصًا وأنها كانت أكثر تقاربًا مع موضوعات إجتماعية واقعية تحمل أفكارًا على غير السائد بالمرحلة السينمائية في هذه الفترة والذي سيطر عليه لفترات طويلة الكوميديا والاستعراض.
فاروق الفيشاوي
كان من بين هذه الأعمال أفلام "الأستاذ يعرف أكثر"، "الكف"، "السطوح"، ولاشك أن العمل مع "ملك الترسو" منحه ثقة ووعي في اختياراته في مرحلة تالية من مشواره الفني الذي قدم خلاله أكثر من 250 عمل، تلك المرحلة التي تخلى فيها عن أدوار "الفتى الانتهازي" وذهب ليغير من جلده الفني بتقديم أدوار تخاطب الموروث الشعبي القديم مثل مسلسلات "علي الزيبق" البطل التراثي الشعبي، و"غوايش" الذي تناول صراع الطبقات الاجتماعية بين الغنى والفقر في مجتمعات الصعيد.
ولأن مرحلة الثمانينيات صاحبة النجاح الأكبر في رحلة الراحل كان لابد من التوقف عندها والتي تحمل العديد من الأعمال التي صنع فيها الفيشاوي بصمته منها: المشبوه مع الفنان عادل إمام، القرداتي، المرأة الحديدية، لا تسألني من أنا مع الراحلة شادية، ملف سامية شعراوي، البنات والمجهول، أرجوك أعطيني هذا الدواء، قضية عّم أحمد، الباطنية، سري للغاية وغيرها من الكثير والكثير الذي كان يحمل العام الواحد فيه أكثر من خمسة أعمال سينمائية للراحل.
فاروق الفيشاوي
دخل الفيشاوي بعد ذلك في مرحلة تعمق أكبر في الاختيارات التي حرص فيها على تقديم الأعمال التي تتناول الطبقات المتوسطة والمهمشة وغيرهم من الكادحين مرورًا بالأعمال السياسة التي قدمها في الحقبة التسعينية مع كل من نادية الجندي ومحمود يس ونبيلة عبيد.
وكانت أبرز أعمال تلك المرحلة في حياة الفيشاوي أفلام :"حكمت فهمي"، "امرأة هزت عرش مصر"، "48 ساعة في تل أبيب"، "كشف المستور"، "فتاة من إسرائيل"، "ليه يا بنفسج"، "الجراج"، " تحب يا تقب"، ولكن برغم تنوع الأدوار وتعددها بقي الفيشاوي طوال رحلته الفنية يحلم بتجسيد "المطران هيلاريون كابوتشي" والذي لم يحالفه فيه الحظ لاكتمال مشروعه، وهو رجل دين مسيحي سوري الأصل عرف بنضاله تجاه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من خلال عمله في كنيسة الرّوم الكاثوليك في القدس، وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما بسبب دعمه للمقاومة.
فاروق الفيشاوي
صاحب الكاريزما
"كاريزما خاصة" صاحبت الفيشاوي في رحلته الفنية فبعيدًا عن خبرته المسرح التي منحته الثقة والثقل الفني في البداية، وثقافته الواسعة وغير المحدودة نتيجة لقراءته الدائمة حيث أنه كان يقضى وقت فراغه دائمًا في القراءة إلا أن تطويع الممثل لأدواته وتطويرها يبقى هو الأهم، والفيشاوي واحدًا من القلائل الذين كانوا أكثر حرصًا على هذا الأمر من خلال عدم استهلاك مقاومته الجسدية وتركيبته الداخلية لأي شخصية يقدمها حتى مع تكرار نمط أدوار معين مثل "الشر" بل أنه كان يحمل شخصياته عمقًا نفسيًا أو بمعنى آخر يدرس دوره جيدًا ثم يقوم بنوع من التحليل النفسي له يمكنه من تقديم دوره بأريحية على مستوى الأداء الحركي للشخصية أو التمثيلي للحد الذي جعل العديد من محبينه يكرهونه في فترات معينة من حياته نتيجة لتغلغله في تقديم أدوار الشر باحترافية كبيرة واكبت جيله والمرحلة الفنية التي ظهر بها.
ربما كانت ثقافة الفيشاوي جعلته يحمل نوعًا من التنبؤ في التغييرات التي تطرأ على الشخصية المصرية، ولأن مرحلة الوهج الفني في حياة الراحل كانت متمثلة في الثمانيات من القرن المنصرم وهي الفترة التي أعقبت فترة الانفتاح الاقتصادي بالدولة المصرية خرج الفيشاوي مقدمًا العديد من الأدوار التي تشير للشخصية الانتهازية والبراجماتية أو النفعية بمعنى أدق وهو نتاج طبيعي أفرزته تلك التغييرات السياسية والإقتصادية في الشخصية المصرية في تلك المرحلة.
لم يغامر الفيشاوي كثيرًا باللعب في تيمة الأدوار الكوميدية فهو يعرف إمكانياته جيدًا بل يعرف خلطة نجاحه حتى وإن لازمها التكرار في أحيان كثيرة وذلك بعكس غيره من نجوم جيله الذين اندفعوا في بداياتهم نحو هذه الأدوار لاكتساب مزيد من فرص العمل والشهرة.
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي صناعة فنية استحق بجدارة لقب "برنس" السينما المصرية، فلم يجعل تكرار نمطية أدوار معينة كالشرير والمخادع تتحكم في رحلته الفنية بل أنه تمرد على ملامحه الشقراء والوسيمة حتى لا يصبح مثل غيره "فتى السينما الوسيم" الذي تقع النساء في حبه بل كان مغامرًا واضحًا منذ البداية في صناعة ورسم خريطة نجاحه وتألقه.
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.