مرت ست سنوات على ثورة الثلاثين من يونيو، وخلال هذه السنوات تبدل حال ومكانة مصر لتحتل الصدارة، وتنال تجربتها المتميزة والمشهودة في النهوض الاقتصادي والمالي تقدير واستحسان واحترام المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وكثير من البلدان الطامحة والساعية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية وإصلاح أوضاعها المالية، وجذب الاستثمارات الأجنبية. ولم تكن تحديات وأعباء السنوات الست الفائتة هينة ويسيرة، غير أن إرادة وعزيمة المصريين كانت جبارة وكفيلة بالتغلب عليها ومواجهتها بجلد وإصرار، وضرب الشعب المصري مثالًا رائعًا ومشرفًا في تحمل التبعات والهزات التالية والمصاحبة لسياسات الإصلاح المالي والاقتصادي؛ التي لم يكن هناك مفر من تنفيذها بدون تباطؤ أو تهاون؛ لكي نقف على أقدام ثابتة وراسخة تقودنا بسلام نحو مستقبل واعد يلبي طموحاتنا وآمالنا كمواطنين في جميع القطاعات المرتبطة بحياتنا من صحة وتعليم، ومأكل ومشرب، وبيئة صحية نظيفة، وشبكات طرق حديثة ووسائل مواصلات عامة عصرية ولائِقة. وبإمكاننا أن نسرد ونستفيض فيما حققناه كشعب وكقيادة سياسية على مدى ست سنوات، فالإنجازات كثيرة ومتنوعة وتحت سمع وبصر الجميع في الداخل والخارج، وعلينا الافتخار والاعتزاز بها، لأنها حصيلة جهد خارق يدل على صلابة المصريين وقدرتهم الفائقة على الإنجاز الذي لا يعرف المستحيل، لكن يعنيني لفت النظر لأحد أهم هذه الإنجازات والذي لا يقدر بثمن ويتعلق بالمحافظة على استقرار وأمن مصر، عقب ثورة الثلاثين من يونيو. فالتحدي الأمني كان هائلًا ومصيريًا، بسبب تحركات ومؤامرات جماعة الإخوان الإرهابية التي وضعت يدها في يد الشياطين من الإرهابيين في مصر وخارجها، ومعهم بعض الدول وأجهزة مخابرات معادية لمصر، وكارهة لها ولانطلاقتها الواثقة، وتضافر مع تحركاتها الشيطانية بيئة إقليمية شديدة الاضطراب، ومتقلبة طوال الوقت، تستلزم اليقظة والانتباه ورد الفعل السريع، وحتى تستطيع اجتذاب المستثمر الأجنبي عليك أولا تهيئة مناخ مستقر يُشعره بأكسير الطمأنينة، وأن أمواله مصونة ولا تتهددها الأخطار. نجحت أجهزتنا الأمنية في كسر شوكة الإخوان، وإجهاض العديد من مخططاتهم الإرهابية، الرامية لإضعاف وسحق الدولة الوطنية، وقدمت قوات الجيش والشرطة المدنية تضحيات غالية من دماء أبنائها، الذين لم تفتر همتهم ولا عزيمتهم وثقتهم أنهم على الحق المبين، ويدافعون عن وطنهم وأهلهم بتصديهم ببسالة لإرهابيين تشربوا فكر التكفير وهدم الأوطان من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية. ودللت أحداث الأعوام الماضية على امتلاكنا كفاءات يُشار إليها بالبنان بأجهزتنا الأمنية التي تسهر على أمن وراحة المواطن، وتدرأ عن بلادنا أي سوء يمسها، وأن شرطتنا المدنية وقواتنا المسلحة كانا يقومان بمهامهما الشاقة على خير وأكمل وجه، وفي الوقت نفسه لم يتوقفا يومًا عن تطوير وتحديث معداتهما وقدراتهما البشرية والتكنولوجية؛ لتواكب كل حديث في نطاق عملهما. وتذكر جيدًا عدد المؤتمرات الدولية التي استضافتها المدن المصرية خلال السنوات المنصرمة، وما حظينا به من إشادات من ضيوفنا الأجانب بالأمن الذي يشعرون به ويلمسونه طوال فترة وجودهم بالأراضي المصرية، وهو ما كان له انعكاس جيد وطيب على الحركة السياحية واستعادة زخمها، وفي تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وكلنا يتذكر تفاصيل ووقائع فترة كئيبة ومريرة عشناها بالماضي القريب، حيث كنا نخشى الخروج أو السفر ما إن تغرب الشمس، وشكوانا الدائمة آنذاك من تكرار حوادث سرقة الممتلكات والسيارات والتثبيت في الشوارع، وخلو المحلات من الزبائن، أما الآن فإن الكل يشعر بالأمن والأمان، وتزدحم المحال والطرقات والشوارع بالمارة حتى ساعات متأخرة من الليل، وأصبح إحساسنا بالأمن في أعلى مستوياته. تمتعنا بواحة الأمان بفضل جنود يسهرون على أمننا وراحتنا، ويلاحقون بؤر الإرهاب أينما وجدت وبلا هوادة، ذلك الأمن الذي سعى الإخوان الإرهابيون لتقويضه بشتى السبل والوسائل، وبشكل يحمل كل آيات ومظاهر الخسة والنذالة التي تجلى بعضها في تعبيرهم عن ابتهاجهم وشماتتهم كلما سقط شهيد من شهداء القوات المسلحة أو الشرطة، ونشرهم الشائعات والأكاذيب عن مصر بواسطة كتائبهم الإلكترونية المنتشرة بمواقع الإنترنت، وفي أثناء عام حكمهم الأسود حاولوا تفكيك وزارة الداخلية بزعم إعادة هيكلتها. وأسترجع معك ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي، بكلمته في الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو؛ حيث قال: "نجح رجال قواتنا المسلحة وشرطتنا البواسل في حماية الوطن وكرامته، حتى أصبحت مصر يشار إليها بالبنان كمركز للاستقرار والأمن والسلام، وسط محيط إقليمي شديد الاضطراب، لا تخفى مخاطره على أحد". لقد استرد المصريون وطنهم من براثن جماعة الإخوان الإرهابية في ثورة الثلاثين من يونيو، وهم عازمون على المحافظة عليه والذود عنه بكل طاقتهم، ومستعدون لتقديم المزيد والمزيد من التضحيات بنفس راضية مطمئنة، فروح الثلاثين من يونيو لم تخب داخلهم، تلك الروح المستمدة من الرغبة في العطاء، والانعتاق من أسر جماعة اختطفت الوطن وكادت تهلكه، لولا عناية رب العالمين، وقواته المسلحة، وشعب عظيم تصدى لها ولفظها، ويقف لها بالمرصاد.