ناقش الأديب الكبير جمال الغيطانى واقع ومستقبل الرواية العربية فى ظل التطور التكنولوجى والظواهر المرتبطة به مثل ظاهرة انتقال الأدب من الشكل الإلكترونى إلى الورقى، ملمحا أنه كان من المفروض أن يحدث العكس. وذكر أن سهولة النشر التى تتيحها الإنترنت فى ظل عدم وجود أية ضوابط للنشر أو التقييم جعلت الرواية مستباحة وجردتها ككلمة من معاييرها القديمة، حتى أصبحت تطلق على أى شيء. وشدد الغيطاني على أنه رغم كونه ضد القواعد والأطر المسبقة إلا أنه يرى ضرورة استيعاب القديم حتى نتمكن من إنشاء الجديد، وما يحدث الآن هو تجاوز للقديم وإنتاج لنماذج كتابة جديدة بلا ذاكرة أدبية، الأمر الذى جعلنا نعيش فوضي ثقافية إبداعية. جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة من اليوم الثانى لملتقى القاهرة الدولى الخامس للإبداع الروائي العربي، والتى عُقدت أمس الإثنين وأدراها الغيطانى بحضور كل من الدكتور عبدالرحيم الكردى والدكتور يسرى عبدالله والدكتور محمود الضبع. وأشار الدكتور يسرى عبدالله إلى أن العالم الافتراضي كفضاء جديد له حضور واعد فى متن السرد الروائي سيسهم فى إنتاج تنويعات مختلفة ومتجددة فى متن الرواية، مشيرا إلى رواية "شرف الله" للكاتب فتحى إمبابي. وأضاف يسرى عبدالله مضيفا أن هذا الفضاء قد يكون بمثابة الجغرافيا الكاملة للنص الروائي كما هو الحال عند إبراهيم عبد المجيد فى روايته "فى كل أسبوع يوم جمعة" التى يقدم فيها عبد المجيد عالم صنعته الدهشة ويحوله إلى عالم واقعى صرف، له قواعده ومصطلحاته. ولفت إلى أن هذا الفضاء الجديد فضاء يحتفى بالبوح والرغبة فى الإعتراف ومن ثم سيستلهم الروائي تلك الآليات كآليات أساسية تنهض عليها بنية السرد، فضلا عن توظيف تكنيك تيار الوعى كما نلحظه بوضوح فى رواية عبدالمجيد، الأمر الذى سيؤدى لبروز صيغة سردية تتجاور فيها الأشياء، وتتنوع رغم اختلافها وتناقضها، مشددا على خصوصية الرواية كنص مرن وشاق فى نفس الوقت لذا لن تكون عملا سهلا لأى عابر سبيل. فيما تحدث الدكتور عبدالرحيم الكردى عن ارتباط الرواية بالرؤية الواقعية وتطرق لتأثير التطور التكنولوجى لوسائل الاتصال الحديثة وما ترتب عليه من تغير واقع المبدع على التقنيات السردية الروائية، وسرعة وبطء الإيقاع فى وتيرة السرد، وعلاقة المتخيل الروائي بالواقع، وعلاقة النص بكل من المبدع والمتلقى. موضحا مفهوم "الواقعية الافتراضية". وناقش الدكتور محمود الضبع مستقبل الرواية إذا ما اتكأت على التكنولوجيا وهل سيفتح ذلك أفقا جديدة أم أن الأمر سيتحول إلى مأزق لن تستطيع الرواية الخروج منه، مشيرا إلى أن الروايات العربية التى كتبت عن التكنولوجيا مثل رواية "بنات الرياض" و "فى كل أسبوع يوم جمعة" و "حرية دوت كوم"، وغيرها لا تحتوى على شيء يذكر من التكنولوجيا إذا ما نحينا جهلنا التكنولوجى، ولكنها اعتمدت على سرد حكاية متكئة على وسائل التكنولوجيا التى تتسم بالسرعة الكبيرة فى التغير، مما يسقط إشكاليات متعددة تطرحها تلك الأعمال مثل غرف الشات التى ظهر الفيس بوك كبديلا لها، ومن ثم ستختفى تقنيات كثيرة لن يتجاوب معها المتلقى لأنها أصبحت غير مستخدمة، محذرا من التعامل الخاطىء مع التكنولوجيا باعتبارها أساس البناء الروائي لأنها تسقط بالتقادم، ومشددا على ضرورة العودة مرة أخرى لمفهوم الرواية القائم على الإبداع وسرد حكاية محبوكة.