تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، بإجراء استقطاعات ضريبية لصالح الطبقة الوسطى وبمزيد من اللامركزية وبإمكانية السماح للمواطنين بإطلاق استفتاءات سياسية. كما عكس الرئيس الفرنسي، خطا متشددا إزاء الهجرة والعلمانية، في معرض استعراضه لكيفية الاستجابة لنتائج حوار وطني أطلقه في محاولة لنزع فتيل حركة أصحاب "السترات الصفراء". وقال ماكرون للوزراء وصحفيين بقصر الإليزيه، إن محتجي "السترات الصفراء" أعربوا عن غضبهم وقلقهم، ونفاد صبرهم من أجل أن "تتحرك الأمور إلى الأمام على نحو أسرع، وأكثر جذرية." وواجه ماكرون احتجاجات كبيرة انطلقت في نوفمبر الماضي ضد زيادات كانت مقررة في الضرائب على الوقود، في الوقت الذي كان فيه الرئيس يتعافى من آثار فضيحة سياسية على خلفية مزاعم بلجوء حارس شخصي سابق للعنف في احتجاج نظم يوم عيد العمال، الأول من مايو، من العام الماضي. ولكن أعداد المحتجين تراجعت إلى عشرات الآلاف خلال الأشهر الأخيرة، وتشهد مسيرات أسبوعية في العاصمة باريس وفي مدن رئيسية أخرى عمليات تخريب ومواجهات مع الشرطة. وتعهد الرئيس الفرنسي اليوم باستقطاعات ضريبية من أجل الطبقة الوسطى، وقال إنها ستكلف الخزانة العامة للدولة حوالي خمسة مليارات يورو (6ر5 مليارات دولار). وقال ماكرون إنه يجب تعويض هذه الاستقطاعات من خلال إلغاء خصومات ضريبية للشركات وأيضا عبر "مزيد من العمل"، مؤكدا أنه لن يتراجع عن قراره الذي لم يلق شعبية بإلغاء الضريبة على الثروات في فرنسا. وكان إلغاء هذا القرار أحد المطالب الرئيسية للمحتجين، وقد أدى إلى أن يطلق اليسار المعارض على ماكرون "رئيس الأثرياء." وأقر ماكرون بأن هناك من ينظر إلى القرار على أنه "جائر"، لكنه أوضح أن المقصد منه هو تحفيز الاستثمار، وأنه "ليس هدية لمن هو أفضل حالا." وقال ماكرون إنه سيتم مطالبة هيئة الرقابة المالية الفرنسية بتقدير حجم الخسائر الناجمة عن التهرب الضريبي. وقال الرئيس الفرنسي إن فكرة إجراء استفتاءات ملزمة من جانب المواطنين كما اقترحها المحتجون "يبدو لي أنها تلقي بشكوك على الديمقراطية التمثيلية". وبدلا من ذلك، قال الرئيس إن إصلاحات دستورية مزمعة بالفعل يجب أن تتضمن إمكانية مراجعة مشروعات القوانين من جانب البرلمان إذا كانت مدعومة بعريضة التماس موقعة من مليون مواطن . وإذا لم يراجع البرلمان هذه الإصلاحات، يتم الاستفتاء عليها. وتعهد الرئيس الفرنسي باتخاذ خطوة كبيرة نحو اللامركزية، قائلا إن المواطنين يريدون بوضوح أن يتم اتخاذ القرارات في دائرة أقرب وأنه يتعين على فرنسا "أن تغير الطريقة التي ننظم بها جمهوريتنا". وقال إن الإصلاح يجب أن "يتكيف مع كل إقليم" وأن يركز على "سياسات الحياة اليومية، كالإسكان والنقل والتحول إلى أساليب حياة صديقة للبيئة، من أجل ضمان حلول أقرب إلى الواقع". وتبنى الرئيس الفرنسي، الذي يقدم نفسه دائما على أنه معارض رئيسي لليمين في فرنسا وأوروبا، خطا أكثر تشددا فيما يتعلق بالهجرة، على غير المعتاد منه. وقال ماكرون: "في النهاية، تتماسك الأمة على أساس حدودها،" مضيفا أنه يؤمن بقوة في الحق في طلب اللجوء السياسي "ولكن من أجل أن تستقبل اشخاصا، يجب أن يكون لديك منزل." وأكد الرئيس الفرنسي أن السعي من أجل إجراءات أشد صرامة للسيطرة على الحدود، وتحقيق المزيد من مشاركة الأعباء التي تجلبها الهجرة بين جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سيمثلان: "أكبر ثاني معركة يخوضها في أوروبا" بعد التغير المناخي. وشمل "الحوار الوطني الكبير" في فرنسا والذي استمر في الفترة من يناير وحتى مارس الماضيين أكثر من عشرة آلاف اجتماع محلي و337ر16 "دفتر مظالم" في مقار المجالس البلدية بأنحاء البلاد. وفي هذا الإطار أيضا، قدم حوالي 500 ألف شخص مقترحات بشأن سياسات عبر موقع إلكتروني خصص لهذا الغرض.