نموذج مصرى مضىء فى زمن الظلام.. رجل مصرى ورب أسرة عادى.. لكنه يعرف معنى المسئولية والواجب والوطن والشرف.. يؤدى مهام عمله بضمير حى، خرج من مكتبه ليواجه إطلاق النار العشوائى على أهالى بولاق من فوق كوبرى ثروت ومعه مساعدوه من الضباط والأفراد، خرج ملبيًا نداء الواجب دفاعًا عن أهالي منطقة بين السرايات الذين هاجمتهم جماعة الإخوان الإرهابية، إلا أن رصاصة "خفافيش الظلام" كانت أسرع من الصوت، فاخترقت وجهه وأصابت فكه السفلي، فتحول الوجه إلى منبع تتفجر منه الدماء، وتشوهت ملامح البطل. إنه البطل العقيد ساطع النعماني نائب مأمور قسم شرطة بولاق الدكرور الأسبق، الذى توفى اليوم في لندن، قبل ساعات قليلة من عودته إلي القاهرة عقب جراحة جديدة أجراها في الوجه. العقيد ساطع النعماني البطل "ساطع" فى سطور: أصيب بالرصاص الغادر من جماعة الإخوان الإرهابية فى وجهه، بعد أن وفر الحماية للأهالى بمنطقة بين السرايات بالجيزة، أفقدته الإصابة بصره وجزء من وجهه أثناء تصديه لشغبهم فى تلك المجزرة الوعى والإدراك بالحياة، لذا أنقذه الأهالى وحملوه إلى أقرب مستشفى، لتبدأ رحلة آلامه الطويلة بين مستشفى الشرطة وأكثر من بلد أوروبى ليعود بإصابات واضحة باقية وفقدانه إحدى عينيه. هذه روح ساطع النعمانى الذى حمى أهالى بولاق من القتل العشوائى، وقاد مساعديه للدفاع عن قسم الشرطة ضد الحرق والتدمير، واعتبر ذلك مجرد أداء للواجب وتحمل للمسئولية لا أكثر ولا أقل، وعندما أصيب الإصابة الخطيرة، قبل وتحمل على أساس أن كل شىء بقدر، وأن المخاطر جزء من طبيعة عمله. العقيد ساطع النعماني في هذا اليوم تواجد العقيد النعماني فى مكتبه بقسم شرطة بولاق الدكرور، وكان كل الضباط فى حالة تأهب بعد اعتصام تنظيم الإخوان فى ميدانى النهضة ورابعة العدوية عقب ثورة 30 يونيو، وقتها كان خطاب المعزول محمد مرسى الذى ردد فيه كلمة "الشرعية" عدة مرات، وقال نصاً :"دمى يسيل فداء الشرعية"، هذه الجملة كانت إشارة لما حدث فى هذا اليوم.. وبعد مرور حوالى 5 دقائق سمع إطلاق نار كثيف أعلى كوبرى ثروت، وتجمع معظم أهالى المنطقة أمام القسم وطلبوا منه التدخل لحمايتهم من الإخوان الذين اعتلوا جامعة القاهرة وأطلقوا الرصاص بطريقة عشوائية عليهم، وكان فى ذلك الوقت اعتصام للإخوان فى ميدان النهضة ومحيط جامعة القاهرة، وعلى الفور انتقل إلى مكان إطلاق الرصاص أعلى كوبرى ثروت، وهناك وعقب وصوله شاهد تجمعات للأهالى وحالة من الفوضى فى المنطقة وإطلاق نار كثيف من ناحية جامعة القاهرة، وبدأ هو والقوات محاولة السيطرة على الأوضاع. العقيد ساطع النعماني بعد 10 دقائق أُصيب البطل العقيد ساطع برصاصة فى الوجه أفقدته الوعى، وجرى نقله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، دخل العناية المركزة لعدة ساعات ولكن لم يتمكن الأطباء من إسعافه لعدم وجود الأجهزة الطبية الحديثة بالمستشفى، وفى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، جرى نقله بطائرة خاصة للعلاج فى أحد المستشفيات بسويسرا، بعد أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية آنذاك، قراراً بعلاجه خارج البلاد، واستمرت فترة الغيبوبة 60 يوماً متواصلة ليمن الله عليه بالوعي مرة أخرى، وبدأت رحلة علاج طويلة لإعادة الجزء المفقود من الوجه. العقيد ساطع النعماني دائما كان يردد البطل :"أنا شهيد" وراضٍ بقضاء الله، إلا أن إرادة الله كانت أقوى بإعادته إلى الحياة مرة أخرى، بعدما اعتقد الجميع أنه لن يعيش أكثر من ساعات عقب إصابته الخطيرة، ولم تنل تلك الإصابة من عزيمة الرجل، الذى بدا واثقاً ومثابراً وممتناً وهو ينحنى فى مطار القاهرة ليسجد شكراً لله على عودته إلى بلده حيث قضى رحلة علاج استغرقت 14 شهراً خارج البلاد، أجريت له عدة عمليات جراحية في العين والفك والوجه، ثم تم نقله إلى لندن لإجراء عدد من الجراحات الكبرى، وصلت إلى 12 جراحة مختلفة، والتي انتهت كمرحلة أولى، فاقدا البصر في العين اليسرى. العقيد ساطع النعماني وعن مطالبه ونيته في العمل قال النعماني آنذاك عقب إصابته فى عام 2014: "أنا لسه عايش وواقف على رجلي وأتمنى من وزارة الداخلية أن تتيح لي فرصة العمل مرة أخرى في مجال الشرطة الذي أعشقه منذ صغري، ووجه الشكر إلى اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية على الاهتمام به، مختتما حديثه قائلا: "شكرا يا أمي يا مصر". ساطع الابن العميد ساطع أب للطفل ياسين 12 عاما. وتحدث البطل عنه والده فى أحد لقاءاته قائلا: والدى من المواطنين البسطاء الذين كافحوا في الحياة حتى أعيش وأكون ضابط شرطة. كما تلقى العميد ساطع، دعوة لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة يوم 6 أغسطس 2014. وفى 29 يوليو 2015 وجهت الدعوة للعقيد النعماني لحضور الاحتفال بتخرج دفعة جديدة من طلبة كلية الشرطة في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، وخلال الحفل ترك الرئيس عبدالفتاح السيسى مقعده، وترجل إلى المنصة لمصافحة النعماني، وعبر النعمانى عن تقديره للرئيس السيسى وقيادته لمصر للوصول بها لبر الأمان، وقال موجهاً حديثه للرئيس:" "تكريمك ليا ودعوتي لحضور حفل قناة السويس الجديدة له مغزى كبير أوي.. إحنا بنحبك يا ريس بجد، بحبك يا ريس من كل قلبي"، كما أهدى للرئيس قلادة قال إنها عزيزة عليه منذ سنوات بعيدة، وقال للرئيس:"وهى معاك يا ريس كأنها معايا.. وهى هدية من واحد بيحب مصر لريس بيعشق مصر"، ولم يتمالك الرئيس السيسى نفسه، أمام مشاعر العميد النعمانى، وقام على الفور بتقبيل جبينه، وسط تصفيق حاد من الحضور. العقيد ساطع النعماني - كرمت وزارة التربية والتعليم عددا من مصابى الشرطة، منهم العقيد ساطع النعمانى، ووجه العقيد ساطع النعمانى رسالة إلى زملائه من ضباط الشرطة أثناء الحفل، قائلا:"أقسم بالله العظيم مفيش حد يقدر يمس شعرة من الشعب المصرى طول ما إحنا عايشين". - وفى أكتوبر 2018سافر النعماني إلى لندن بصحبه شقيقه لإجراء عملية جراحية في الوجه، وأجريت العملية بنجاح. - وفى نوفمبر 2018خرج ساطع النعماني من المستشفى بعد تماثله للشفاء، وفي أثناء استعداده للعودة إلى مصر شعر بالإجهاد، ونقله شقيقه إلى المستشفى وتوفي على الفور فجر اليوم. العقيد ساطع النعماني العقيد ساطع النعماني العقيد ساطع النعماني العقيد ساطع النعماني