تحتفل مصر وأوزبكستان، التي يزورها الرئيس عبد الفتاح السيسى في إطار جولته الآسيوية الحالية، بمرور أكثر من ربع قرن على افتتاح أول سفارة مصرية في العاصمة طشقند عام 1993، بعد استقلال هذه الدولة الحديثة عقب تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، التي كانت واحدة من مكوناته، حيث كانت مصر أول دولة عربية تعترف باستقلال أوزبكستان في 26 ديسمبر 1991، وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من خلال التوقيع على البيان المشترك في هذا الشأن في 23 يناير عام 1992، بينما افتتحت أوزبكستان سفارتها في القاهرة عام 1995. ويقول تقرير، أعدته الهيئة العامة للاستعلامات بمناسبة زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى هذه الجمهورية الإسلامية في آسيا الوسطى، إن أوزبكستان قد نالت شهرة كبيرة لدى العرب منذ القدم باسم بلاد ما وراء النهر، كما يرتبط شعبها بشعوب الدول العربية وفى مقدمتها مصر، بالعديد من الأواصر التاريخية والثقافية والدينية، ومازالت القاهرة تحتفظ ببعض مآثر علماء وأعلام من أوزبكستان. وأضاف التقرير، أن هناك العديد من الشواهد والآثار التي توضح عمق العلاقات التاريخية بين البلدين من بينها، "مقياس النيل" في القاهرة الذي أنشأه "أحمد الفرغاني"، كذلك جامع " ابن طولون" هو من أكبر جوامع مصر من حيث المساحة، و"حديقة الأوزبكية" التى أنشأها "سيف الدين أوزبك اليوسفي". وتمتلك، هذه الدولة، حديثة الاستقلال، تجربة متميزة فى الإصلاح الاقتصادي والتنمية، وضع أسسها أول رئيس لها إسلام كريموف، وتابع السير عليها الرئيس الحالي شوكت ميرضيائيف، الذى تم انتخابه في ديسمبر عام 2016 ، وكان من قبل رئيساً للوزراء. مسيرة العلاقات الثنائية بدأت نقطة الانطلاق الحقيقية للعلاقات بين مصر وأوزبكستان، طبقاً لتقرير هيئة الاستعلامات، من الزيارة التى قام بها الرئيس إسلام كريموف رئيس أوزبكستان، إلى القاهرة في ديسمبر عام1992 على رأس وفد حكومي كبير، حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات منها اتفاقية "أسس العلاقات والتعاون بين مصر وأوزبكستان"، واتفاقية التعاون الاقتصادي والعلمي والفني، واتفاقية النقل الجوي، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات. كما قام الرئيس كريموف، بزيارة مصر للمرة الثانية فى الفتره من 17 - 19 إبريل 2007، وتناولت المباحثات الثنائية القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أكد الطرفان على دعمهما للجهود الرامية إلى تجنب صدام الحضارات والثقافات، وأعربا عن أهمية إحلال مبادئ الاحترام المتبادل للأديان والخصوصيات الثقافية لكافة الأطراف، وأبدى الطرفان استعدادهما للتعاون الوثيق في إطار منظمة الأممالمتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، لتنسيق الجهود والمواقف. وفي سبتمبر عام 1993، تم التوقيع على بروتوكول التعاون في مجال الشئون الإسلامية والأوقاف، وفي مايو عام 1995، تم التوقيع على اتفاقية التعاون في مجال التعليم بين وزارتي التعليم في كل من البلدين واتفاقية بين وزارة تعليم أوزبكستان وجامعة الأزهر، واتفاق بشأن التعاون العلمي بين جامعتي طشقند والقاهرة، وفي أكتوبر عام 1995، وقع الطرفان على اتفاقية بشأن التعاون السياحي، وفي يونيو عام 1996، تم الوقيع على اتفاق بشأن التعاون في مجال الزراعة. كما تم إنشاء اللجنة الأوزبكية المصرية المشتركة برئاسة وزيري الاقتصاد في كل من البلدين، والتي عقدت أول دورة لها في طشقند في يونيو عام 1996، حيث أقيم خلال انعقادها، عرض للمنتجات المصرية شاركت فيه 62 شركة مصرية، وتنعقد اللجنة مرة كل سنتين في طشقند والقاهرة بالتناوب. ووفقا لهذه الاتفاقيات، قدم الصندوق المصري للتعاون مع دول الكومنولث التابع لوزارة الخارجية المصرية، العديد من المنح التدريبية المتخصصة لأوزبكستان في مجالات نقل الخبرة والتدريب في المراكز والمعاهد العلمية المصرية، وشملت أكاديمية الشرطة والمعهد المصرفي، ومعهد الدراسات الدبلوماسية، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ومركز المعلومات، واتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء المصري، والهيئة العامة لتنشيط السياحة، والمعهد القومي للنقل، والمركز الدولي للزراعة، ومعهد الدراسات الإستراتيجية، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، والمركز الدولي للتدريب والاستشارات، وهيئة كهرباء مصر ومعهد التبّين للدراسات المعدنية. وفي عام 2014 تمت إعادة تأسيس جمعية الصداقة المصرية الأوزبكية، كما تم تشكيل جمعية مماثلة في الإسكندرية. وسرد التقرير أبرز المعاهدات والاتفاقيات بين البلدين وهي: 1992 التوقيع على بيان مشترك لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. 1992 اتفاقية تعاون اقتصادي وعلمي وفني 1992 اتفاقية النقل الجوي. 1992 اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات. 1992 اتفاقية التبادل التجاري. 1992 توقيع وزارة الصناعات الغذائية الأوزبكستانية وشركة السكر والصناعات التكميلية المصرية على اتفاقية تعاون. 1992 التوقيع على أربع اتفاقيات للتعاون بين "معهد طشقند" للدراسات الشرقية وجامعات "القاهرة" و"الزقازيق" و"أسيوط" و"مركز الدراسات الشرقية" بجامعة القاهرة. وتوقيع برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون العلمي والثقافي الموقعة بين "معهد طشقند" وجامعة الأزهر، وتوقيع اتفاقية تبادل افتتاح المراكز الثقافية والتعليمية. 1993 توقيع مذكرة تعاون في مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف. 1995 توقيع اتفاقية للتعاون السياحي. 1995 اتفاقية للتعاون في مجال التعليم بين وزارتي التعليم في البلدين، وتعاون الأزهر مع وزارة التعليم الأوزباكستانية. 1996 توقيع اتفاق للتعاون في المجال الزراعي. 2007 افتتاح خط جوي مباشر من شركة الخطوط الجوية الأوزبكستانية إلى القاهرة. علاقات ثقافية تعليمية منذ عام 1993 يعمل في طشقند "مركز التعليم والعلوم المصري" الذي ينظم دورات دائمة لتعليم اللغة العربية، ويقوم بنشاطات ثقافية متنوعة. تقدم مصر حوالي 20 منحة دراسية للطلاب الأوزبكستانيين لدراسة اللغة العربية بالجامعات المصرية، و20 منحة دراسية للحصول على درجتي الليسانس والبكالوريوس. كما يوجد مركز ثقافي مصري بطشقند يدرس به حوالي 2000 طالب اللغة العربية عن طريق مجموعة من الخبراء المصريين. شاركت مصر في العديد من الأنشطة والأسابيع الثقافية والفعاليات الثقافية مثل "مهرجان الحان الشرق"، ومن جانبها تشارك اوزبكستان بصورة منتظمة في معظم الفاعليات الثقافية المصرية (مهرجان المسرح التجريبي- مسابقة مصر فى عيون اطفال العالم- مسابقة القرآن الكريم- مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية).. ..كما حصل التلفزيون الأوزبكستاني على المسلسلات التلفزيونية المصرية التي بثتها القنوات الأوزبكستانية بعد دبلجتها للغات الأوزبكية والروسية، وسبق أن قام المكتب الإعلامي المصري في طشقند نيابة عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري بإهداء تلفزيون أوزبكستان محطة استقبال أرضية مكنته من التقاط القناة التلفزيونية الفضائية المصرية. وفى فبراير 2018، إستضاف متحف الفن الإسلامي فى القاهرة معرضاً للصور فوتوغرافية من أوزبكستان، فى إطار الاحتفال بالذكرى السنوية 25 لإقامة العلاقات الدبلوماسية، كما افتتح المعرض رئيس قطاع العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة والسفير الاوزبكستانى فى القاهرة السفير أويبك عثمانوف، تحت عنوان "تاريخ اوزبكستان وما وراء النهر عبر مدن طريق الحرير العظيم". وفى اغسطس 2018، صرح مدير "مركز الحضارة الإسلامية" في أوزبكستان، بأنه سلم خلال زيارته للقاهرة، دعوة من الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف إلى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ليزور أوزبكستان في منتصف أكتوبر القادم. وفى مايو 2018، زار القاهرة وفد من ممثلي كبرى شركات السياحة في أوزبكستان، بهدف بحث التعاون السياحي مع مصر، والإعداد لتسيير خط طيران مباشر بين البلدين، خلال شهر أكتوبر المقبل. محطات في التجربة الأوزبكية وأشار التقرير الي مرور نحو 27 عاماً على استقلال جمهورية أوزبكستان فى 31 أغسطس عام 1991م، كما دخلت البلاد مرحلة جديدة فى تاريخها في عام 1992، تم إقرار الدستور الجديد للبلاد، كخطوة مهمة على طريق الإصلاح وبناء الدولة الجديدة، ذات النظام الديمقراطي الذي يضمن كل الحقوق. وقد منح الاستقلال أوزبكستان، للعالم فرصة اكتشافها، والتي تعد اليوم عضواً كامل الحقوق فى منظمة الأممالمتحدة وغيرها من الهيئات الدولية الأخرى، وفى الوقت الراهن، أقامت أوزبكستان علاقات دبلوماسية مع 130 دولة في العالم، وتعمل فى عاصمتها أكثر من50 سفارة للدول الأجنبية، وكذلك عدد كبير من ممثليات الهيئات الدولية. وفى عام 1992، أعلن الرئيس الأول إسلام كريموف، خمسة أسس للإستراتيجية طويلة الأمد لتطور جمهورية أوزبكستان في كافة المجالات، وحققت البلاد نجاحات هائلة في تطورها الاقتصادي. وقد وضعت قاعدة النموذج الوطني للإصلاح والتنمية في الاعتبار، الجوانب الاجتماعية - الاقتصادية لأوزبكستان، وتاريخ الدولة والقيم القومية والخبرات الدولية، حيث ترتكز إلى 5 مبادئ جوهرية، للانتقال إلى اقتصاد السوق الحرة، ذي التوجه الاجتماعي.. المبدأ الأول: منح الاقتصاد الأولوية مقارنة بالسياسة، والتي تعنى أن الإصلاحات الاقتصادية، ينبغي أن تتحرر من كافة المسلمات الجامدة والإستراتيجيات، ولا ينبغي أن تخضع لأي من الأيديولوجيات. المبدأ الثاني: أن الدولة هي القائم الرئيسي على الإصلاح، وعليها تحديد الأولويات الحيوية، واتجاهات الإصلاح ومراحله، ووضع البرامج الحكومية للتنمية وتجسيدها بالتالي على أرض الواقع. المبدأ الثالث: سيادة القانون في كافة مجالات الحياة في المجتمع، حيث ينبغي على الجميع دون استثناء، الالتزام بالدستور والقوانين، التي يتم تطبيقها بالوسائل الديمقراطية. المبدأ الرابع: انتهاج السياسة الاجتماعية القوية مع تطبيق علاقات السوق فى الوقت نفسه، فمن الضروري اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحماية الاجتماعية المؤكدة للسكان، وخاصة الفئات محدودة الدخل، والأسر متعددة الأطفال، وذوى الدخول المحدودة. المبدأ الخامس: يتحقق التحول إلى اقتصاد السوق من مرحلة لأخرى عبر الطريق التدريجي، المدروس، مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية القائمة. وبفضل تحقيق أوزبكستان لنموذجها الخاص في التحديث والنهضة، والذي حصل على اسم "النموذج الأوزبكى" للتنمية، وبالتحقيق المتواصل للإصلاحات الواسعة في كافة المجالات والقطاعات عبر سنوات الاستقلال، فقد تم التغيير الجذري لهيكل الاقتصاد، وتم خلق القاعدة الواعدة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وخلال فترة تاريخية قصيرة، ارتفع النمو الاقتصادي في البلاد الي 5 أضعاف، كما تضاعف متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي عبر تلك الفترة 4 أضغاف، وكذلك من حيث القوة الشرائية، وهو اليوم يبلغ حوالي 7 آلاف دولار، وذلك رغم ارتفاع عدد السكان في البلاد إلى نحو 32 مليون نسمة، وبدءا من عام 2005، تحقق الموازنة الحكومية فائضا، يسمح لها بالمساهمة فى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلى. وأشار التقرير الي أن أوزبكستان تعد، حاليا، بلداً يحمل سمات الاقتصاد المتنوع، حيث يشمل صناعة السيارات، وإنتاج النسيج، والإنتاج الزراعي، وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من المجالات الأخرى. كما أن الإمكانات السياحية الثرية والتراث الثقافي النادر لأوزبكستان، يمهدان الطريق نحو تطوير قطاع السياحة، فعلى أراضى أوزبكستان، يوجد أكثر من 7 آلاف من الآثار التاريخية المعمارية، حيث تتركز أشهرها في مدن: سمرقند، وبخارى، وخيوي، وشهريسبز، وطشقند، وخوقند، وغيرها من المدن العريقة.