خلال إجازة صيفية قصيرة، قضيت معظمها بجوار شاطئ البحر، حيث الاسترخاء والاستجمام بالهواء النقى واتساع المشهد الذى يريح البصر والروح من زحام المدينة لكن تلك السعادة والراحة النفسية تعكرت بسبب سلوك مشين استوقفنى، ورغم أنى لا أنتبه كثيرا للمحيطين وأحترم جدا خصوصية الغير فإن الصوت العالى الذى استوقفنى لم يكن من الممكن تجاهله. فأثناء ممارستى هواية القراءة على شاطئ البحر فى الصباح الباكر قبل ازدحام الشاطئ - وربما كان ذلك سببا لانتباهى لهذا الصوت الذى جاء من الشمسية المجاورة لى مباشرة – سمعت صوت سيدة تقول "نسناس من إفريقيا" وكررتها أكثر من مرة، فالتفت بشكل لا إرادى لأجدها سيدة كبيرة فى السن تداعب حفيدتها التى لا يتعدى عمرها عام ونصف مشيرة إلى المربية الإفريقية ذات البشرة السمراء الداكنة.تلك الفتاة التى لا يتعدى عمرها العشرين عاما على أقصى تقدير، تجيد العربية، لا شك إن ظروفا قاسية فرضت عليها السفر بعيدا عن أسرتها ووطنها لتعمل تلك المهنة، نظرت إليها لأجدها تبتسم دون أن تبدى أى غضاضة .. بالطبع لا يمكنها أن ترفض أو تمتعض أو حتى تتظاهر بعدم سماع تلك الإهانة. وبغض النظر عن الفتاة الصغيرة ومشاعرها التى لا يمكن تصورها إلا من قبل من تعرض لهذا الموقف والذى قد يكون واحدا من عدة إهانات مماثلة بقصد أو بدون، إلا أن سلوك السيدة التى بدت عليها مظاهر الثراء والتدين هو الذى أثار غضبى واندهاشى فى آن واحد، وإن كان هذا هو تصرفها العفوى حين تريد أن تداعب حفيدتها الصغيرة فكيف تتعامل فى غضبها! وإن كانت تهتم بالحفيدة لدرجة أن تستعين بمربية لخدمتها وتداعبها على حساب إنسانة لا حول لها ولا قوة، ألم يكن بالأحرى أن تهذب نفسها لتربيها بأسلوب سليم وأن تكون لها نعم القدوة ! هذا الموقف لا يدل على شىء إلا أن حالة الفوضى الأخلاقية أصبحت قاسما مشتركا فى حياتنا اليومية، تصرف عادى وطبيعى يقبل عليه الأغلبية ويكاد يتقبله الجميع، أخشى ما أخشاه أن نفقد إنسانيتنا كما فقدنا أخلاقنا وحمرة الخجل .