لن تنسى الإنسانية سفير ضميرها،.. ولن يغفل العقل والذهن والوجدان الإنساني ملامح رجل عاش وسجن وتعذب وفقد حريته، ثم مات، من أجل أن يحصل الآخرون على حريتهم. هو شهيد الحربة وقاهر الظلم والفصل العنصري "نلسون مانديلا"، الذي يحتفل العالم اليوم بذكرى ميلاده. فقد جسدت فترة سجنه الطويلة، التي امتدت 27 سنة ضد الفصل العنصرى فى بلاده، حلم الباحثين عن الحرية في العالم، مثلما حطمت إرادته الفولاذية قوى الشر في بلاده ، فلم ييأس من توحيد أبناء أمته، ضد الفصل بين اللونيين الأبيض والأسود، تحت راية واحدة، فاستحق لقب "أبو الأمه". ويظل يوم الغد، الموافق 18 من يوليو، يومًا عظيمًا فى حياة أمته وكل الأمم، حيث شهد ميلاد مانيلا، الذي قلما يجود الزمان بمثله، فقررت بلاده "جنوب إفريقيا" الاحتفال بمرور مائة عام على مولده بإصدار أوراق البنكنوت والعملات المعدنية الذهبية، ليضىء، وجهه الأسمر، الوضاح، كل مكان فى أمته التى وحدها ، ورفع شأنها بين الأمم، لينطلق احتفال يشارك فيه العديد من رؤساء وزعماء العالم السابقون والحاليون، من بينهم الرئيس الأمريكي السابق بارك أوباما، والأسبق جيمى كارتر، والأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب. لقد انتصر رجل الزمان "مانديلا" على الفصل العنصرى، لأنه جعل بلاده تقف خلف راية واحدة، يستظل بها الأبيض والأسود فى لوحة إنسانية جميلة لامكان فيها للأعراق، ولا تنازع بين الطوائف والأديان، فحل السلام عليهم والأمان. كما شرفت "اليونسكو" بتكريمه، فخصصت له يومًا دوليًا للاحتفال بمولده، وناشدت محبيه، بل العالم أجمع للاحتفاء به رمزيًا، بتكريس 67 دقيقة من وقت كل مواطن للعمل في خدمة المجتمع، إحياء لذكرى هذا المناضل، الذي كافح ضد الفصل العنصري، ثم أصبح رئيسًا لجنوب إفريقيا، وارتفع شأنه بين محبى السلام والحرية في العالم أجمع. ترعرع مانديلا، مع اثنين من إخوته في مسكن والدته بقرية كونو بجنوب إفريقيا، فكان يرعى قطعان الماشية صبيًا، وأصبح يرعى الأمم رجلاً. وتفوق على نفسه، وحصل على الثانوية فى عامين، وكان ذا مواهب فطرية عديدة ومارس رياضة الملاكمة، والرقص، والركض لمسافات طويلة، ودرس اللغة الإنجليزية والأنثروبولوجيا والسياسة، والطريف أنه أحب التمثيل وأجاد فى مسرحية درامية عن "إبراهام لينكون" محرر العبيد. صعد نجمه السياسى تحت سماء التمييز العنصرى ، فاستمر نضاله، وتولي رئاسة الهيئة التنفيذية لحزب المؤتمر الوطني ببلاده في مارس 1950، وأحب المحاماة، وذاع صييته، وناضل الفصل العنصري، وأحب المهاتما غاندي وتأثر بحركته، فى ظل بحثه عن حريته فى سماء الاستبداد العنصرى، لم يدعه وشأنه، واعتقل في سجن ساحة مارشال، احتجاجًا على الأحكام العرفية. حاز إعجاب العام أجمع، لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، ونال أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993. ورغم أنه كان تواقًا للاستقرار العاطفى، إلا أنه تزوج ثلاث مرات، وأنجب ستة أطفال، ولديه 17 حفيدًا. وشاء القدر، أن يبكي العالم حزنًا علي وفاته في 5 ديسمبر 2013، في منزله بجوهانسبرج، بسبب عدوى في الرئتين، وأعلن وفاته الرئيس الجنوب إفريقي، جاكوب زوما، من خلال بيان قال فيه: "بني وطني جنوب إفريقيا: لقد وحدنا نيلسون مانديلا، وسوف نودعه موحدين"، رحل وقلوبنا معه ، لن ننساه أبد الدهر". مانديلا مانديلا مانديلا مانديلا مانديلا مانديلا