أخيرا، خضعت إدارة جوجل لرغبة الآلاف من موظفيها، وأعلنت ديان جرين مديرة الشركة، قبل أيام قرار الإدارة إنهاء صفقة "Project Maven" التي عقدتها جوجل مع البنتاجون. وأثارت الصفقة الكثير من الجدل، خصوصا داخل الشركة، حيث وقع ثلاثة آلاف ومائة موظف خطابا مفتوحا، احتجاجا على تورط الشركة في هذا البرنامج، بل وذهب حوالي اثني عشر موظفا حتى الاستقالة، احتجاجا على رفض الإدارة لقطع العلاقات مع الجيش الأمريكي في وقت سابق، وفقا لموقع "مونت كارلو". ويبدو أن الحملة كانت فعالة للغاية، حتى إن ديان جرين أعلنت أن ردة الفعل كانت رهيبة بالنسبة للشركة وأنها دفعت الإدارة لإعادة النظر في المشروع. ولكن ما هي قصة "Project Maven" الذي أثار كل هذه الضجة؟ هو مشروع تجريبي تقوم جوجل، بموجبه، بتطوير أدوات ذكاء اصطناعي للمساعدة في تحليل الصور المختلفة التي تلتقطها الطائرات بدون طيار من أجل التعرف على الأهداف بصورة أفضل، مثال التمييز بين الإنسان والسيارة، وهو ما يسمى بتقنية التعلم الآلي بالنسبة للبرنامج. وكانت إدارة جوجل قد شددت على أن تقنية التعلم الآلي ستشارك في العمليات غير الهجومية فقط، وأن نتائج التحليل ستتم مراجعتها بواسطة البشر، ولكن هذا الحديث لم يهدئ من غضب واحتجاج خبراء المعلوماتية والعاملين في الشركة، الذين قالوا في رسالتهم إلى الرئيس التنفيذي لجوجل ساندر بيتشاي "نعتقد أن جوجل لا ينبغي لها أن تعمل في مجال الحرب" وهنا يجب توضيح الأمور بعض الشيء، ذلك إن غضب واحتجاجات هذا العدد الكبير من العاملين في الشركة لا ينبع من مجرد كراهيتهم للحرب أو رفضهم التعاون مع الجيش، ولكن السبب الحقيقي يكمن في أن "Project Maven" يشكل المرة الأولى التي يحاول فيها العسكريون استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات القتالية، وحذر خبراء جوجل من أن هدف الجيش، في نهاية الأمر هو الحد من المراجعة البشرية للصورة الملتقطة أو الاستغناء عنها تماما. ولنتخيل الصورة في حال نجاح التجارب واثبات أدوات الذكاء الاصطناعي لفاعليتها، من المؤكد أن جنرالات الجيش سيقررون الاستغناء عن العامل البشري في عمليات الاستكشاف والغارات التي تشنها الطائرات بدون طيار، مما يعني أن برنامجا معلوماتيا سيقوم بعمليات التصوير والاستكشاف، ثم يقوم البرنامج بتحليل الصور، واتخاذ القرار بتوجيه الضربات وقصف هذا الهدف أو ذاك، أي أن الآلة هي التي تتولى شن العمليات الحربية من الألف إلى الياء. هذه المرة، أحبط موظفو جوجل مشاركة شركتهم في هذا المشروع، ولكن البنتاجون رفض التصريح عما إذا كانت هناك شركات أخرى تعمل لتحقيق هذا الهدف... الآلة التي تأخذ قرارات القتال والحرب.