قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إن الأمن المائي لأكبر دولة عربية "في إشارة إلى مصر" هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مؤكدًا أن الجامعة العربية "تتابع مسار المحادثات بين دولتي المصب العربيتين "مصر والسودان" وإثيوبيا بقلق شديد، متهمًا بالتعنت. وقال أبو الغيط أمام المنتدى العربي الرابع للمياه المنعقد اليوم الأحد، في هذا الصدد "إننا لا نلمس ميلا إثيوبيا كافيا للتعاون والتنسيق ومازالت الخطط الأثيوبية لتشغيل السد واستخدام مياهه في الري غامضة ومثيرة للقلق". ومضي الأمين العام للجامعة بالقول "إننا ندعو أديس أبابا لإظهار الانفتاح الكافي على مبادئ التعاون والشفافية والتشاركية، باعتبار أنها تُمثل السبيل الوحيد للاستفادة من مياه نهر يسكن على ضفاف حوضه 400 مليون إنسان.. وهم مرشحون للزيادة إلى مليار شخص في عام 2050". ولفت إلى أن الدولَ العربيةَ جميعاً تُشجِع علاقاتِ تعاونٍ متوازنة مع دولِ المنابع، بحيث تكونُ الإدارةُ المتكاملةُ لموارد المياه وأحواض الأنهار سبيلاً لزيادة هذه الموارد واستدامتها من أجل خير الجميع، إلا أن بعض التطورات الأخيرة تنطوي على الكثير من أسباب القلق والانزعاج، مضيفًا "أتحدث هنا بوضوح عن تعثر المحادثات بين مصر وأثيوبيا بشأن معايير ومحددات بناء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي على النيل الأزرق.. وإن مصر تحصل على 85% من مياهها من الهضبة الأثيوبية.. ومصر تعاني بالفعل من الفقر المائي، ونصيب المواطن فيها لا يتعدى 660 متر مكعب في العام، وهناك دراسات تُشير إلى احتمالات انخفاضه إلى 552 متر مكعب في 2025". وأضاف أبوالغيط: لقد بادرت الجامعة العربية بإنشاء المجلس الوزاري العربي للمياه في عام 2008، وكان ذلك محل قبول وارتياح وتدعيم من قبل جميع الدول العربية، وعقد هذا المجلس أول دورة له بالجزائر عام 2009 إيذاناً ببداية مرحلة جديدة للعمل العربي المشترك في مجال المياه حيث أصبحت للجامعة العربية مرجعية قانونية في هذا الشأن، وقد بذل المجلس الوزاري العربي للمياه، ولازال، جهوداً معتبرة تستحق التقدير والاشادة بها، فعلي سبيل المثال، بادر المجلس إلى تبني الاستراتيجية العربية للأمن المائي العربي 2010-2030 المعنية بمواجهة التحديات المستقبلية لموارد المياه.. وهذه الاستراتيجية هي نتاج عمل مشترك بين جميع الجهات المعنية بالشأن المائي في الدول العربية والشركاء والتي تم اقرارها لاحقاً من القمة العربية التي عقدت في بغداد عام 2012. ونوه إلى أن ندرة المياه تُعد واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، 40% من سكان العالم العربي يعيشون في مناطق تُعاني من ندرة مُطلقة في المياه، العرب يُمثلون 5% من سكان العالم، ولكنهم لا يحصلون سوى على 1% فقط من المياه العذبة، وفضلاً عن ذلك، تُعاني المنطقة العربية من أكبر عجز غذائي في العالم، مشيرًا إلى أن تحديات تغيير المناخ تُضاعف من صعوبة هذا الوضع بصورة غير مسبوقة، وربما تعرفون أن دراسة أجرتها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ونشرت في مارس2016 خلُصت إلى أن الجفاف الذي بدأ في شرق المتوسط في 1998 كان الأسوأ منذ 900 عاماً. وتابع: ولا شك أن هذه المعطيات الخطيرة قد لعبت دوراً مهماً – إلى جانب عوامل أخرى بالطبع- في مجريات الأحداث في سوريا منذ 2011، وهو أمرٌ ينبغي التنبه إليه والتحسب منه، لأن الكثير من دول العالم العربي تواجه أوضاعاً بيئية هشة وتحديات هائلة بخصوص موارد المياه، مما قد يكون له انعكاسات على الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي، والازدهار الاقتصادي في هذه الدول. وشدد الأمين العام لجامعة الدول العربية على أن التهديدات للمصادر المائية العربية ليست كلها من صنع الطبيعة، أو بفعل التغيرات المناخية، فبعضها يأتي انعكاساً مباشراً للأوضاع السياسية في أحواض الأنهار التي تشترك فيها الدول العربية مع جيران آخرين، ولا يخفى أن الوضعَ المائي العربي يُعاني من طبيعة جيوسياسية حرجة، فنحو 80% من المياه العربية تَنبُعُ من خارجِ العالمِ العربي، بكل ما ينطوي عليه هذا الواقعُ من احتمالاتٍ للخلافاتِ والصِدام، وبكلِ ما يُتيحُه –من جانبٍ آخر- من آفاقٍ للتعاونِ والتنسيق. ولفت أبو الغيط إلى أن "ممارسات إسرائيل – القوة القائمة بالاحتلال – في منع الفلسطينيين من الاستخدام المباشر والحر لمواردهم الطبيعية بما فيها المياه كما أن الحال في الجولان السوري المحتل ليس بأفضل"، وقال إن السلطات الاسرائيلية "تحرم المزارعين السوريين من الحصول على المياه اللازمة للزراعة وتبيعهم إياها بأسعار تفوق بكثير ما يدفعه المستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين"، وهي الأمور التى تتطلب كشفها والتعريف بتلك الممارسات غير الإنسانية في كافة المحافل الدولية، فلا تنمية في ظل الاحتلال وعدم سيادة الأوطان على مواردها الطبيعية.