شارع ضيق في منطقة الكنُيسة بالجيزة، يكتسي معظم قاطنيه بالسواد، يتحلقون في مجموعات صغيرة من النساء والرجال، كل أمام منزله، وكلهم يتحدثون عن "محمود"، فرد الأمن، الذي قتل شقيقه الأصغر، بعد خلاف عائلي بينهما. اقتربت الساعة من السابعة مساءً، وشارف الليل علي إسدال ستائره، ومازال الأهالي في شارع حسين عبد الخالق بالكنيسة، في انتظار أسرة الشقيقين ليقدموا لهم واجب العزاء.. انتقلت "بوابة الأهرام" إلي المنطقة لتتعرف علي روايات سكانها حول مقتل "عمرو" علي يد شقيقه الأكبر "محمود". يجلس "عم سيد أبو محمود" أمام منزله بجانب عربة خشبية يوجد عليها عدة أنواع من الخضراوات يبيعها لسكان المنطقة، يقول "عم سيد" عن بداية الجريمة "قمنا الساعة 3 الفجر علي صراخ جيراني، روحنا نشوف في أيه لقينا "عمرو" مرمي علي الأرض والدم مغرق الدنيا، ودناه مستشفي أم المصريين لكن كان خلصان من هنا". وعن خلافات الشقيقين يقول بائع الخضراوات الخمسيني، إنهم يعيشان في منطقة شعبية، الكل يعرف بعضه جيدًا، وخلافات الشقيقين موجودة حالهما كحال باقي الأشقاء في أي مكان، ودائمًا ما يسمع هو وباقي الجيران صوت الشقيقين أثناء شجارهما، لكن كل ما يتحدثان بشأنه مشكلات عادية لا ترقي لحد القطيعة حتي، لذلك فخيار القتل كان يبدو بعيدًا كل البعد عنهما، ويضيف "لكن القتل حصل في ساعة شيطان". يضيف "عم سيد" أن أسرة القتيل مكونة من 4 أشقاء، (عمرو"القتيل"، ومحمود "القاتل"، وعبد الحميد، وحمادة)، ويتابع أن الخلافات بين القتيل والقاتل، موجودة منذ فترة، فهما علي خلاف دائم معًا لأسباب غامضة، ويحاول كل من الأزواج نصرة زوجته، مما أدي في النهاية إلى وقوع أحدهما غارقًا في دمائه، وقد فارق الحياة. في المنزل المقابل لمنزل القتيل تجلس 3 نساء من جيرانهم، يرتدون عباياتهم السوداء في انتظار تقديم واجب العزاء، ويبدأون حديثهم، بأن منزل الأسرة خاويًا من بعد، إلا من زوجة القاتل، فأشقاء القتيل جميعهم في قسم شرطة الطالبية، للتحقيق معهم حول الحادث، وزوجة القتيل غادرت إلي منزل والدها، ومازال الأهالي في انتظارهم. "خناقة بين السلايف هي اللي ودت الإخوات في داهية"، هكذا تصف "أم وائل" الحادث ببساطة، وتضيف أنه قبل الواقعة كان عمرو المجني عليه في عمله، كبائع متجول في منطقة العتبة، نشبت مشاجرة عنيفة بين زوجته وزوجة شقيقه محمود، وتطور الأمر ليتدخل محمود، ويعتدي بالضرب على زوجة شقيقه في غيابه في وسط الشارع، وعند عودة "عمرو" أثار ما حدث غضبه بشدة، وتوجه لمعاتبة شقيقه علي فعلته، لكن الأخ الأكبر بادر "عمرو" بطعنة غادرة في قلبه، لتتفجر منه الدماء ويسقط صريعًا في الحال. تلتقط سيدة خمسينية "رفضت ذكر اسمها"، أطراف الحديث وتواصل، أن عمرو المتوفي كان شخصًا سيئ السلوك، وكثيرًا ما تشاجر مع سكان المنطقة في شبابه، لكنه بعد زواجه منذ عام تقريبًا تبدلت أحواله، وتحسن سلوكه بشدة، ورزقه الله بطفلة منذ قرابة شهر ونصف، لكنها فارقت الحياة بعد ولادتها ب17 يومًا، أما القاتل "محمود" فهو معروف في المنطقة بأنه سليط اللسان، لكنه لا يتورط في أية اشتباكات مع جيرانه، مما أثار استغراب الجميع بعدما قتل شقيقه "بتاع المشاكل" على حد وصفها. وتنهي السيدة الخمسينية حديثها قائلة "الاتنين غلابة وعلي باب الله، محدش كان مصدق اللي حصل، هي ساعة غضب والشيطان عمي عين محمود، ربنا يرحم اللي مات ويلطف باللي عايش في الحبس، ويصبر زوجته وبناته الاتنين". حاول محرر "بوابة الأهرام" التواصل مع زوجة القاتل داخل شقته، لكنها رفضت الحديث عن الواقعة، ورددت فقط "اللي حصل حصل.. وده أمر ربنا". وعلي ناصية شارع حسين عبد الخالق، يروي محمود إبراهيم، صاحب سوبر ماركت، أنه وباقي الجيران فوجئوا بالواقعة، ويقول إن خلافات الشقيقين كانت متكررة، وازدادت مؤخرًا بعد زواج "عمرو"، وكانت مشكلاتهما دائمًا تتطور للتشاجر بصوت مرتفع في الشارع، ودائمًا ما تدخل الجيران للإصلاح بينهما، وينهي حديثه قائلاً "البيوت أسرار، والقتل ده وراه سر ماحدش يعرفه غير أصحابه".