أعربت المفوضية العليا لشئون اللاجئين عن قلقها إزاء وضع المدنيين العراقيين في تلعفر بالعراق خاصة مع بدء العمليات العسكرية الأحد الماضي لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم "داعش" والجماعات المتطرفة. وقال المتحدث باسم المفوضية آندريه ماهيسيتش -في مؤتمر صحفي بجنيف اليوم الثلاثاء- إن المدينة الموجودة في قبضة المتطرفين منذ عام 2014 كان عدد سكانها حوالي 200 الف نسمة، مشيرًا إلى أنه منذ أبريل الماضي فر منها حوالي 30 ألف شخص يعيش الكثير منهم في مخيمات تأوى عائلات نازحة أخرى معظمها من الموصل. وأشار ماهيسيتش إلى أن الوكالات الإنسانية لم تتمكن من الوصول إلى تعلفر منذ 2014، بجانب تقديرات ببقاء آلاف المدنيين في المدينة، موضحًا أن تقارير تؤكد صعوبة الظروف المعيشية مع نفاد الغذاء والمياه ونقص الكهرباء وتقلص خدمات المرافق الصحية. ونوه المتحدث إلى شهادات تشير إلى أن السكان في المدينة ظلوا على قيد الحياة معتمدين على المياه غير النظيفة والخبز في الثلاثة إلى الأربعة أشهر الأخيرة. ولفت إلى أن الأسر التي تمكنت من الفرار من المنطقة فعلت ذلك بخوض مخاطر شخصية كبيرة للغاية، وأن تلك الأسر تحدثت فيما بعد عن رؤيتها لجثث على طول الطريق، مشيرًا إلى تقارير تفيد بأن البعض قُتلوا على يد الجماعات المتطرفة كما مات آخرون بسبب الجفاف أو الأمراض. وذكر ماهيسيتش أن من يغادرون تلعفر يسيرون لمسافات طويلة للوصول إلى الأمان دون طعام أو ماء، وفي بعض الأحيان لمدة تصل إلى 20 ساعة وفي الحرارة الحارقة حيث تصل درجات الحرارة في بعض الأحيان إلى 50 درجة مئوية. وتابع قائلا:"هؤلاء كثيرًا ما يضطرون إلى ترك أطفالهم والأكثر ضعفًا "المسنين والمعوقين" الذين لا يستطيعون القيام بهذه الرحلة الشاقة خلفهم". ولفت المتحدث إلى أن من يصلون إلى نقاط التجمع في محطة بادوش وتقاطع العقرب ونقطة العبور مسيد يكونوا منهكين جسديا ويعانون من الجفاف، كما أن أعدادا كبيرة أصيبت بجراح ناجمة عن نيران القناصة أو الألغام المتفجرة. وأشار إلى أن المساعدات التي تقدمها المفوضية والشركاء على الأرض للفارين من تلعفر ومحاولات تجهيز المأوى والمخيمات بافتتاح مواقع جديدة منها موقع يبعد 3 كيلومترات عن السلامية جنوب شرق الموصل وسيفتتح خلال 10 أيام ليستقبل النازحين، إضافة إلى تلقي 1500 أسرة بالفعل في مركز حمام العليل. وقال المتحدث إن المفوضية تولت مخيم نمرود حيث سيتمكن من استقبال حوالي 22 ألف نازح من تلعفر في الأيام المقبلة، إضافة إلى 150 أسرة أخرى من تلعفر يأوون في مخيمات المفوضية شرق الموصل. وأعرب المتحدث باسم مفوضية اللاجئين عن الخشية البالغة من أن يُستخدم المدنيون العراقيون كدروع بشرية مرة أخرى، وأن تؤدي محاولات الفرار إلى قيام المتطرفين بإعدامهم أو إطلاق النار عليهم. ودعا المتحدث باسم المنظمة الدولية جميع أطراف الصراع إلى السماح للمدنيين بمغادرة تلعفر والوصول إلى الأمان، معربًا عن القلق إزاء تقارير تفيد بأن الأسر العراقية المشردة من تلعفر قد حرمت في بعض الحالات من الحصول على السلامة في المواقع التي لديها القدرة على استيعابها وكذلك تقارير مستمرة عن المضايقة والهجمات الانتقامية وإساءة معاملة المشردين من تلعفر. وجدد المتحدث دعوة السلطات العراقية لمضاعفة جهودها لضمان الوقاية والإبلاغ المأمون والاستجابة في الوقت المناسب لهذه الحوادث. وتابع المتحدث قائلا :"هناك أكثر من 3 ملايين نازح في أنحاء العراق بسبب النزاع وتوقع المزيد من النزوح في الأشهر المقبلة مع تحرك الحكومة العراقية نحو استعادة السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون في حويجة وغرب الأنبار (القائم وآنا والرعاة) والتي يمكن أن تؤدي إلى نزوح ما يصل إلى مائة ألف شخص". واختتم ماهيسيتش كلمته -خلال المؤتمر الصحفي- قائلًا إن العمليات الإنسانية للمفوضية في العراق لاتزال تعاني نقصًا حادًا في التمويل، لافتًا إلى حاجة ماسة إلى 126 مليون دولار هذا العام لبناء المخيمات ودعم العائدين والمساعدة الشتوية، مشددًا على أن نقص التمويل يهدد بتقويض الاستجابة الإنسانية للمفوضية.