من أمام المجالس الطبية المتخصصة في مدينة نصر الحي السادس نرى المشهد هناك يعبر عن حالات المواطنين المختلفة والمتواجدين من جميع محافظات مصر القريبة والبعيدة، حيث إن أغلب الحالات المتواجدة هي من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومعظمهم من محافظات بعيدة عن هذه المجالس يعانون من بعد المسافة وصعوبة الإجراءات وسوء المعاملة داخل المؤسسة. علي الجانب الآخر، هناك حالات بسيطة أخرى، لا يواجهون الصعوبات ذاتها في الإجراءات ولا يشتكون من سوء المعاملة أو تقديم الخدمة داخل المؤسسة. وقامت "بوابة الأهرام"، بجولة خارج المجالس الطبية المتخصصة، بمدينة نصر بالحي السادس، وتم رصد مجموعة من الحالات، والتي تختلف معاناة كل منها، حسب ما تعانيه من مشكلات صحية. وخلال الجولة، تحدث المرضى بعضهم عن سهولة الإجراءات، والبعض الآخر عن صعوبة ما يعانونه خلال الإجراءات اللازمة. ومن بينهم محمود أبو ستة (31 عامًا)، من محافظة أسيوط، الذي يعانى من بتر في ذراعه اليسري منذ 12عامًا، والحاصل على دبلوم زراعة، منذ نحو 14 عاما، وبعد بتر ذراعه بسبب ماكينة ري، كان يأمل في الحصول على وظيفة، بناء على القانون الذي يقضي بتعين 5% من ذوى الإعاقات، في الوظائف الحكومية. وقال إنه قدم في العديد من الوظائف، ولكن لم يتم النظر إلي أوراقة، وحتى الآن لم يحصل على وظيفة، تعيله هو وزوجته وأبناءه الثلاثة ، سوى المعاش الذي كان يتلقاه لذوي الإعاقات، والذي بلغ 450 جنيهًا، ولكن منذ ما يقرب من سبعة أشهر، تم انقطاع هذا المعاش،الذي كان بمثابة دخل ثابت له منذ عام 2005. وأضاف أن سبب تواجده، هو إجراء كشف طبي، للحصول على السيارة المستحقة له بموجب إعاقته، وأكد معاناته ماديا وجسديا خلال سفره من أسيوط إلي القاهرة، لإجراء الكشف الطبي، وأن اليد الصناعية التي يستخدمها تعمل بصورة جيدة، ولكن بالرغم ذلك لا يعطونه الموافقة، مبررين ذلك أنه في حاجة إلى طرف صناعي جديد، وهو ما يدفعه إلى التظلم، وذلك بسبب عدم قدرته المادية للحصول على طرف صناعي آخر، بتكلفه تقدر بنحو 15 ألفا، والعودة بعد 15 يوما لإجراء الكشف مرة أخري. وعبر عن مدى استيائه وحزنه، بسبب المعاملة السيئة من القائمين على العمل بهذه الهيئة، متمنيا أن يحصل على ابسط حقوقه في معاملة آدميه ومراعاة ظروفه. لم يختلف كلام جمعة مجاهد كثيرًا، وهو يبلغ من العمر (35 عامًا) من محافظة كفر الشيخ، ويعانى من شلل الأطفال في قدمه اليمنى، وكان يتلقى المعاش المستحق لذوى الاحتياجات الخاصة، والذي بلغت قيمته 203 جنيه، ولكن منذ ما يقرب من ثمانية أشهر توقف هذا المعاش من قبل وزارة التضامن الإجتماعي، التي رفعت ضده دعوى قضائية لمطالبته بأثر رجعى بما قد تلقاه من المعاش. ويبررون ذلك بحصوله على الجواب الذي يمكنه من الحصول على السيارة المستحقة له، والذي لم يكن يملك قيمتها، فاضطر إلى اللجوء إلى صاحب صالة سيارات، للحصول على الأموال ثم الدفع له بعد ذلك بالتقسيط مع الفوائد المفروضة عليه من صاحب الصالة، ومن بعد انقطاع المعاش الذي كان يعينه بعض الشيء في سداد قيمة السيارة، فقد تدهورت الأوضاع المادية له أكثر مما كانت عليه، خاصة أنه العائل الوحيد لعائلته. وأكد أن هذا الحال لم يكن موجود في السابق، وأنه كان يتلقى المعاش المستحق له بالإضافة إلى السيارة، مؤكدا أن هذا المعيار لا يجوز أن ينطبق على الأشخاص ذوى الإعاقة، باعتبار السيارة المجهزة بمثابة "جهاز تعويضي" يساعدنا على التحرك، ولا يعد مقياساً بأن هؤلاء الأشخاص أغنياء. كما أكد تقديمه في العديد من الوظائف، ولكن لم يتم قبول طلباته، مطالبا المسؤلين بالنظر إلى حالته وحالة من مثله، بعين الرحمة والإحساس بما يعانون منه، والعمل على وضع حدود وضوابط أخرى غير إلغاء المعاشات. ولأن الظروف تختلف من حالة إلى أخرى، فكان السيد المغربي (60 عاما) الذي كان يعمل سائقا لعربات النقل الثقيل، والذي اضطر إلى بتر ذراعه بالكامل نتيجة تعرضه لحادث، وتم تسليم رخصته للحصول على معاش وظيفته، متواجد أمام المجلس الطبي، وقال أنه جاء من محافظة الإسكندرية، لإجراء الفحص الطبي اللازم للحصول على سيارة، وأوضح أن الخدمة المقدمة في "المجالس الطبية بالقاهرة أفضل من المقدمة بالإسكندرية"، وأكد عدم مواجهته أي صعوبات خلال الإجراءات. ومن "عم سيد" إلى عم "رجب مصطفى" (65 عامًا) وهو فلاح بسيط من محافظة البحيرة، يعانى من شلل أطفال بقدمه اليسرى، وقال إنه كان يحصل على معاش بقيمة 350 جنيهًا، والذي توقف منذ ما يقرب من 8 أشهر، ولكنه قدم الأوراق اللازمة لإثبات عدم ملكيته لسيارة، وهو ما أدى إلى عودة تلقيه المعاش مرة أخرى منذ ما يقرب من 4 أشهر، وأكد سهولة الإجراءات، وحسن المعاملة. وأيده في الرأي محمد سعيد من محافظة قنا، والذي يحتاج ابنه إلى زراعة كلية، قائلا إنه لم يواجه أي مشكلة خلال الإجراءات، وأن هذه المعاملة الحسنه، عوضتنا عما نلاقيه من متاعب السفر.