وجدت السيدات والفتيات بعض الوسائل للقضاء على ظاهرة التحرش التي أصبحت عادة اجتماعية سخيفة تتفاقم يومًا تلو الآخر، وذلك بتصوير "المُتحرش" أو تصوير سيارته ولوحة أرقامها، وفضحه على وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل يمكن أن يعود عليه بالضرر الاجتماعي والأسري، أو بإطلاق مسمى مثل "مُتحرش" على رقم هاتفه عبر تطبيق "التروكولار" الذي يظهر اسم صاحب الهاتف، كذلك عمل سكرين شوت للرسائل التي تُرسل من متحرشين، وفضح حساباتهم الخاصة. وبحصول الشابة هند عبد الستار على حكم قضائي مشدد -5 سنوات- منذ أيام قليلة ضد الشاب سائق "التوك توك" الذي تحرش بها، وهو ما يعتبر انتصارا تاريخيا، فلأول مرة يصدر مثل هذا الحكم في قضايا تحرش، فلقد فتحت قضيتها ملف ظاهرة التحرش" مرة أخرى، ويمكن أن نعتبر أن تحرير محضر ضد متحرش وتناول وسائل الإعلام لقضيته هو وسيلة لفضحه أيضًا تضاف إلى الوسائل الأخرى التي ذكرناها عاليًا. ويمكن للضحية الواقع عليها التحرش أن تستخدم صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، أو تلك الصفحات الجماعية والتي أصبحت ذات قوة ضاربة الآن سواء بالأعداد الكبيرة من المستخدمين المنضمة إليها، أو بمدى تأثيرها الإيجابي في المجتمع، وتفاعل مستخدميها، و السؤال هنا هل تنجح أساليب"فضح" المتحرش في إيقافه؟، أو في انحصار تلك الظاهرة؟. مي عبد السلام –صحفية- تعيش بمدينة الإسكندرية، هي زوجة وأم، كعادتها كل يوم تسير بسيارتها الخاصة ومعها أبناؤها سواء في اتجاه مدرستهم أو عملها أو أي مشوار خاص بالعائلة، تتعرض من وقت لآخر لتحرش حتى وهي داخل سيارتها وتغلق عليها النوافذ. وتقول ل"بوابة الأهرام"، في البداية كنت لا أعير تلك التصرفات البذيئة اهتمامًا كبيرًا، وأتعمد عدم النظر إلى المتحرش حتى ييأس وينصرف بعيدًا عني، ولكن الأمر زاد وأصبح أمرًا روتينيًا يصيبني بالضيق ويؤثر علي طاقتي النفسية بشكل إيجابي. وتشير عبد السلام، إلى أنها وجدت في فضيحة المتحرش بتصويره رد فعل إيجابي تقوم به وملاذًا آمنًا لنفسها ووسيلة للدفاع عن كرامتها كامرأة تثبت من خلاله أنها قوية ويمكن أن تتصدى لهذه الجريمة التي تحيط بها من وقت آخر. وتحكي قائلة: كنت داخل سيارتي ومعي أولادي ذاهبة بهم إلى التمرين، وإذا برجل داخل سيارته يتحرش بي بتلفظه بألفاظ بذيئة أخجل أن أذكرها، وكان ذلك على مسمع ومرأى من أولادي، لافتة إلى أنها تعمدت رفع هاتفها وهمت بتصويره وإذا به يقوم بحركة "خارجة" بإشارة من إصبعه قائلًا لها :"طيب طالما بتصوريني ..اتفرجي بقى". وتضيف، انطلقت بسرعة بسيارتي حتى لا يرى أطفالي هذا المشهد، مشيرة إلى أنها قررت أن تضع صورته على صفحتها الشخصية على "الفيسبوك" لفضحه، طالبة من أصدقائها عمل مشاركة لها لتصل فضيحته إلى أكبر كم من الناس. "المُتحرش بطبعه جبان" هكذا تؤكد الدراسات النفسية والاجتماعية التي اهتمت بالتعمق داخل شخصية المتحرش وكشف نقاط ضعفه، ووجدوا أن وسيلة فضحه على مواقع التواصل الاجتماعي، أشد تأثيرًا عليه جنبًا إلى جنب الأحكام القضائية الرادعة. ومن المبادرات التي نجحت في استخدام وسيلة "فضح" المتحرش لردعه وإرجاعه خطوة للوراء وتفكيره كثيرًا قبل أن يخوض هذا الجُرم الاجتماعي ضد الأنثى، كانت تلك التي طرحتها مبادرة "خريطة تحرش" المهتمة بالقضاء على تلك الظاهرة ، بشكل كبير عقب أحداث ثورة 25 يناير، ونظمت فعالية أطلقت عليها مسمى "ميكرفون" في جاليري تاون هاوس بوسط البلد، شاركت خلاله فتيات وسيدات بتجاربهن مع المتحرشين وفضحهم على الهواء أمام جمهور كبير كان متفرجًا ومستمعًا جيدًا. وصرحت إحدى الحاضرات بقولها: "تحويل المتحرش لوصمة عار في بيته ومكان عمله يعد أفضل إنجاز لصد التحرش الجنسي"؟. وقالت أخرى، استطعت أن أفضح مديري في العمل بتصويره يتحرش بإحدى الزميلات وقمت بتهديده إذا لم يرجع عن هذا التصرف ستضطر لنشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، وسأرسلها لزوجته، لافتة إلى أن هذا الأسلوب جاء بنتيجة إيجابية للغاية ولم يعد إلى هذا الفعل مرة أخرى على الأقل في العمل. منال سيد –طالبة جامعية- نشرت عبر صفحتها الشخصية فيديو قامت بتصويره لشاب تحرش بها في مترو الأنفاق، وانتشر الفيديو بشكل قوي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقول ل"بوابة الأهرام"، أصبحت أشعر بارتياح شديد حينما أقوم بتصوير من تحرش بي سواء في وسائل المواصلات أو في الشارع. وتضيف، كنت يومًا أسير مع بعض صديقاتي بالشارع وحاصرتنا سيارة كان بها ثلاثة شباب، وأخذوا يلقون علينا بألفاظ بذيئة وإشارات إباحية، ولم نجد وسيلة لصرفهم سوى تصويرهم وتصوير سيارتهم، لافتة إلى أنها لم تحرر محضرًا بتلك الصور ولوحة أرقام السيارة خوفًا من تباطؤ الإجراءات القانونية، وبسبب قلقهم أيضًا من رد فعل أهاليهم. في أكتوبر 2016 تداول عدد من مستخدمي الفيسبوك صورًا لمتحرش بالسيدات أثناء صعودهن "الأتوبيس"، وأكدوا أن هذا الرجل يعتاد هذا الأسلوب يوميًا منتهزًا فرصة التزاحم على الصعود ل"الأتوبيس" ولهفة الناس لرجوعهم إلى بيوتهم أو الذهاب إلى أعمالهم، وبتصويره قاموا بفضحه ولما علم بذلك لم يجرؤ أن يتبع نفس الأسلوب مرة أخرى. كذلك هناك وسيلة تتبعها الفتيات في فضح المتحرشين على برنامج "التروكولار" عبر هواتفهم، فحينما يتكرر الاتصال من شخص يتحرش بفتاة فإنها تتعمد أن تضع له اسمًا لهاتفه على هذا البرنامج مثل "مُتحرش"، "متحرش قذر" وغيرها من المسميات التي يمكن أن تسبب له حرجًا كبيرًا بين معارفه. منى منصور-موظفة- تقول ل"بوابة الأهرام"، كنت أقف يومًا في شرفة منزلي ورأيت شابا يتحرش بفتاة ويصر على مضايقتها، فقمت بتصوير المشهد فيديو، وبصوت مرتفع قلت: "أنا صورتك وهفضحك"، فرفع رأسه إلى أعلى ليشاهدني، قائلًا: وأنا هصعد لشقتك، لافتة إلى أن الفتاة التي تحرش بها تحايلت علي لعدم رفع الصور والفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لعدم فضحها. تضيف، حينما صورته كان خائفًا ومرتبكًا ولما هددني لم أقلق منه لأن زوجي وأولادي الشباب كانوا معي في المنزل، اصعد وسترى ماذا سيحدث لك، مشيرة إلى انتباه ابنها الأكبر لهذه المحادثة فرآه المتحرش بجانبي، وبمجرد أن هدده ابني وهرول خلفه أسفل المنزل، انطلق بسرعة هائلة واختفى عن الأنظار، مؤكدة أن "المتحرش" جبان بالفعل. وسائل الفتيات للتشهير ب"المتحرشين" #